«من مهرب ومجرم محلي إلى ميليشيا موالية للاحتلال… ثم جثة في رفح: حكاية أبو شباب التي أرادت إسرائيل إنكارها»
ياسر أبو شباب يتصدر المشهد الإخباري بعد إعلان مقتله في رفح، وسط روايات متضاربة بين ميليشياته والإعلام الإسرائيلي وحماس حول كيفية نهايته ودلالات سقوطه على مستقبل غزة بعد الحرب.
الجدل لا يتوقف عند تفاصيل الحادثة، بل يمتد لدور الرجل وميليشياته الموالية لإسرائيل في جنوب القطاع، وما إذا كان مقتله يفتح الباب أمام إعادة رسم خارطة القوى على الأرض أو يغلق قوس مشروع إسرائيلي فشل قبل أن يكتمل.
من هو أبو شباب ودوره في غزة؟تصف تقارير عربية ودولية ياسر أبو شباب بأنه زعيم ميليشيا تُعرف باسم «القوات الشعبية» في جنوب قطاع غزة، ظهرت كقوة مسلّحة مناهضة لحماس ومتعاونة مع الجيش الإسرائيلي خلال الحرب على القطاع.
وتشير المصادر إلى أن هذه الميليشيا تحركت خصوصاً في شرق رفح وخان يونس، حيث اتُّهمت بالتنسيق الميداني مع القوات الإسرائيلية مقابل نفوذ محلي وحماية وتسليح.
تتحدث تقارير صحفية وتحقيقات مرئية عن أن مسيرة أبو شباب بدأت من خلفية جنائية مرتبطة بالتهريب والجريمة، قبل أن يتحول في ظل الفوضى إلى قائد تشكيل مسلح لعبت إسرائيل دوراً في رعايته وتسليحه واستخدامه كورقة في ترتيبات «ما بعد الحرب» في غزة.
هذا التحول جعل الرجل في قلب معادلة شديدة الحساسية: بين اتهامات بالخيانة والعمالة من جانب فصائل ومجتمع محلي، ورهان إسرائيلي عليه كأداة لضرب نفوذ حماس وضبط مناطق حدودية.
٠ تفاصيل مقتل أبو شباب وتضارب الروايات
أعلنت «القوات الشعبية» التي كان يقودها أبو شباب أن مقتل زعيمها وقع أثناء تدخله لفض نزاع عائلي بين أفراد من عائلة أبو سنيمة في رفح، مؤكدة أن الحادثة ليست عملية اغتيال نفذتها حماس كما رُوّج في البداية.
بيان الميليشيا نفى أيضاً مسؤوليتها عن مقتله، مقدماً الرجل في صورة «الوسيط» الذي دفع حياته ثمناً لمحاولة تهدئة صراع داخلي.
في المقابل، نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مصادر أمنية أن أبو شباب لم يُقتل برصاص مباشر في اشتباك مع حماس، بل تعرّض للضرب حتى الموت خلال شجار داخلي مع أفراد من جماعته أو من عشيرته، ثم نُقل إلى مستشفى «سوروكا» في بئر السبع حيث فارق الحياة متأثراً بجراحه.
وتذهب تقديرات إسرائيلية إلى أن ما جرى يُصنف «صراعاً داخلياً» بين المتعاونين أنفسهم، لا عملية تصفية نفذتها حركة حماس، رغم أن الأخيرة أعلنت بدورها مقتله باعتباره ضربة لمشروع إسرائيلي داخل القطاع.
الجنازة… استعراض قوة أم إعلان نهاية المشروع؟مشاهد تشييع أبو شباب في رفح أظهرت جثمانه محمولاً وسط حراسة مشددة من مسلحين منتمين لميليشياته، في محاولة واضحة لإرسال رسالة مفادها أن «القوات الشعبية» ما تزال قائمة رغم مقتل قائدها.
إلا أن حضور المسلحين الكثيف لم يخفِ حقيقة أن الرجل رحل وسط بيئة اجتماعية وقبلية وسياسية منقسمة بشدة حول دوره وتعاونه مع إسرائيل.
في الوقت نفسه، كشفت تقارير إسرائيلية عن قلق داخل المؤسستين الأمنية والعسكرية من أن غياب أبو شباب قد يضعف الرهان على الميليشيات المحلية الموالية للاحتلال كبديل عن حكم حماس أو كأداة لإدارة «غزة الجديدة».
الحديث في الإعلام العبري عن «ضربة موجعة» و«خبر سيئ» يعكس حجم الاستثمار السياسي والأمني في تجربة أبو شباب، وما يعنيه سقوطه من فشل مبكر لهذا النموذج.
ارتدادات مقتل أبو شباب على غزة وإسرائيليأتي مقتل أبو شباب في لحظة حساسة تتكثف فيها النقاشات حول سيناريوهات اليوم التالي في غزة، بين مشاريع الإدارة الدولية أو العربية، وبين محاولات إسرائيلية لفرض وكلاء محليين يملؤون الفراغ الأمني والإداري.
سقوط زعيم ميليشيا موالية للاحتلال بهذه الصورة الفوضوية يعزز سردية أن «حكم غزة بالعصابات» خيار مكلف وغير قابل للاستقرار، وقد يدفع إسرائيل إلى إعادة حساباتها أو البحث عن وجوه بديلة بالمنطق نفسه.
على المستوى الداخلي الغزّي، يقدم كثيرون نهاية أبو شباب بوصفها «رسالة» لكل من يراهن على السلاح المرتبط بإسرائيل ضد أبناء بلده، ويرون في مقتله داخل نزاع عائلي أو داخلي تجسيداً لمصير كل مشروع يقوم على العمالة والقوة المنفلتة.
في المقابل، يخشى بعض المراقبين من أن فراغ القيادة داخل الميليشيا قد يفتح الباب أمام مزيد من الفوضى والاقتتال الأهلي، ما لم تُحسم هذه الظاهرة جذرياً لصالح حماية النسيج الاجتماعي في القطاع.









