«من تمثال «أنفيلد» إلى مقاعد البدلاء.. من الذي أطاح بمحمد صلاح؟»
محمد صلاح يعيش واحدة من أكثر فترات مسيرته توتراً مع ليفربول، بعد تصريحات نارية هاجم فيها الإدارة والمدرب آرنه سلوت، ولوّح ضمناً بإمكانية الرحيل في انتقالات يناير رغم تجديد عقده حتى 2027 قبل أشهر قليلة.
الأزمة فتحت الباب واسعاً أمام سيناريوهات رحيله إلى الدوري السعودي أو خروجه من «أنفيلد» من بوابة بطولة إفريقيا مع منتخب مصر، بينما تتساءل جماهيره إن كان ما يحدث «معركة كرامة» أم بداية أفول أسطورة النادي التاريخية.
خلفية الأزمة: من تجديد تاريخي إلى صدام مفتوح
قبل أشهر فقط، أعلن ليفربول تجديد عقد محمد صلاح حتى صيف 2027، بعد مفاوضات طويلة، ليُغلق وقتها باب الشكوك حول مستقبله ويُقدَّم التجديد كرسالة ثقة متبادلة بين النجم والإدارة.
العقد الجديد عزز مكانة صلاح كأحد الأعلى أجراً في تاريخ النادي، بعد مواسم حقق فيها أرقاماً خارقة بتسجيله أكثر من 30 هدفاً في الموسم الماضي، ليرسخ موقعه كثالث الهدافين التاريخيين لليفربول.
لكن مع بداية الموسم الحالي، تغير المشهد تدريجياً بعد قدوم المدرب الهولندي آرنه سلوت وتراجع أدوار صلاح في التشكيل الأساسي، ليتحول من «رمز لا يُمس» إلى لاعب يجلس على دكة البدلاء في مباريات كبرى مثل مواجهة ليدز.
هذا التحول كان الشرارة التي دفعت النجم المصري إلى الخروج عن صمته عبر حوار صريح اعتبره كثيرون «انفجاراً إعلامياً» غير مسبوق في تاريخ علاقته بالنادي.
تصريحات صلاح: خيانة، تهميش، وتهديد بالرحيل
في حواره الأخير، عبّر محمد صلاح عن شعوره بـ«الخذلان» من إدارة ليفربول، متهماً إياها بعدم حمايته وتحويله إلى شماعة لتراجع نتائج الفريق، ومؤكداً أن علاقته بالمدرب سلوت «انهارت تماماً».
كما لمح إلى أن مواجهة برايتون المقبلة على ملعب «أنفيلد» قد تكون الأخيرة له بقميص ليفربول، في رسالة قرأها كثيرون على أنها إعلان مفتوح لنية الرحيل في يناير.
هذه التصريحات أشعلت ردود فعل واسعة داخل إنجلترا وخارجها؛ إذ اعتبر نجوم سابقون مثل مايكل أوين أن ما قاله صلاح «لا يمكن أن يُقال علناً»، في إشارة إلى أنه تجاوز الخطوط التقليدية للعلاقة بين نجم كبير وناديه.
في المقابل، دافع عدد من اللاعبين العرب السابقين عن حقه في الغضب، مؤكدين أن ما يتعرض له يدخل في إطار «التقليل من قيمة أسطورة» صنعت لميرسيسايد إنجازات تاريخية.
تحركات ليفربول: بديل جاهز وعقوبات محتملة
التقارير الإنجليزية تحدثت عن اجتماع عاجل داخل إدارة ليفربول لمناقشة تداعيات تصريحات صلاح، وسط تسريبات عن نية النادي اتخاذ موقف تأديبي قد يبدأ باستبعاده من قائمة مباراة إنتر ميلان في دوري أبطال أوروبا.
بالتوازي، كشفت تقارير أخرى أن إدارة التعاقدات بدأت بالفعل في التحرك بحثاً عن «بديل محمد صلاح» في سوق الانتقالات، في إشارة إلى أن النادي يدرس بجدية سيناريو ما بعد رحيله.
هذه التطورات تعزز الانطباع بأن العلاقة بين الطرفين دخلت منطقة يصعب فيها العودة إلى ما كانت عليه، خصوصاً مع تداول أنباء عن استعداد ليفربول للاستماع لعروض خارجية إذا وصلت الأرقام إلى مستوى يعوّض رياضياً ومالياً خسارة هدافه التاريخي في العصر الحديث.
هذا السيناريو يمنح الإدارة فرصة لإعادة بناء الفريق، لكنه يضعها في مواجهة مباشرة مع جماهير ترى في صلاح جزءاً من هوية النادي وليس مجرد لاعب يمكن تعويضه.
إغراءات الدوري السعودي ومشهد ما بعد «أنفيلد»
في ظل التصعيد، يعود اسم محمد صلاح مجدداً إلى واجهة سوق الانتقالات، وخصوصاً في الدوري السعودي الذي أبدت أنديته الكبرى اهتماماً بضمه منذ فترات سابقة.
التقارير تتحدث عن خطة من أحد الأندية السعودية الكبرى لخطفه في صفقة «أقل كلفة» مما كان مطروحاً قبل عامين، مستغلاً توتر علاقته مع ليفربول ورغبة النادي في إغلاق ملف الأزمة سريعاً.
مالياً، تبقى الأندية السعودية القادرة على تقديم عقد يفوق ما يحصل عليه في إنجلترا، مع وعود بدور قيادي مطلق ومشروع تسويقي ضخم حول اسمه كلاعب عربي مسلم صاحب جماهيرية عالمية.
لكن قرار الانتقال إلى دوري أقل تنافسية أوروبياً قد يُقرأ رياضياً كإشارة إلى أن صلاح يختار أولوية «آخر عقد كبير» على حساب الاستمرار في قمة الكرة الأوروبية حتى نهاية مسيرته.
منتخب مصر وكأس إفريقيا: كرة نار جديدةعلى خط موازٍ، ينتظر محمد صلاح الانضمام إلى معسكر منتخب مصر استعداداً لكأس الأمم الإفريقية في المغرب، حيث أكد ليفربول أن رحيله لمعسكر «الفراعنة» سيكون في منتصف ديسمبر بعد مباراة برايتون.
البطولة تمثل ضغطاً إضافياً؛ إذ يدخلها صلاح وهو محاصر بأسئلة حول مستقبله مع ناديه وحلمه المؤجل في التتويج بلقب قاري مع المنتخب، ما يجعل أي تعثر سبباً جديداً للنقد.
من زاوية معارضة، يمكن قراءة الوضع على أن محمد صلاح يخوض معركتين في توقيت واحد: الدفاع عن مكانته داخل ليفربول، ومحاولة قيادة منتخب مصر لإنجاز قاري طال انتظاره، بينما تحاصره في الخلف تكهنات الرحيل وإغراءات العروض الخارجية.
وبين هذه المسارات المتشابكة، يبدو أن الأسابيع القليلة المقبلة قد تحدد ليس فقط مستقبل صلاح مع ليفربول، بل شكل الفصل الأخير من مسيرته الكروية على القمة.









