السفيرة الإريترية صوفيا تسفاماريام توجه إدانة لاذعة لخطاب رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد وتتهم حزب “الازدهار” بصناعة شرعية وهمية وتآكل الحقيقة
وجهت السفيرة صوفيا تسفاماريام، المندوبة الدائمة لدولة إرتريا لدى الأمم المتحدة، واحدة من أبرز الأصوات الناقدة للحكومة الإثيوبية، إدانة شديدة اللهجة لرئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد وحزبه الحاكم “الازدهار”، متهمة إياهم بتبني خطاب لاإنساني، وبناء شرعية سياسية على أساس الاستعراض والدعاية، وخلق بيئة تقوض الحقيقة وتدمر الثقة العامة.
وجاء تحليل تسفاماريام في دراسة مطولة تناولت ثلاثة محاور قالت إنها تكشف جوهر “النهج السلطوي الجديد” في إثيوبيا.
نزع الصفة الإنسانية وتطبيع العنف
أعربت تسفاماريام عن صدمة بالغة من تصريحات رئيس الوزراء آبي أحمد الذي شبه خصومه السياسيين بـ“قمل الرأس” الذي يجب “التخلص منه”. واعتبرت السفيرة أن هذا الخطاب يتجاوز حدود الاستقطاب السياسي، ويدخل مباشرة في إطار نزع الصفة الإنسانية عن المواطنين.
هل سيغامر آبي أحمد بالدخول في حرب مع إريتريا؟
تشبيه خطير ودلالات تاريخية
وقالت الدبلوماسية الإريترية إن وصف المعارضين بـ“القمل” أو “الآفات” يحولهم من مواطنين يجب التحاور معهم إلى “وباء يجب تطهيره”، محذرة من أن هذه اللغة تمهد الطريق للعنف السياسي والاجتماعي.
وقدمت تسفاماريام مقارنة تاريخية قاسية، مشيرة إلى تصريحات هاينريش هيملر في ألمانيا النازية، الذي استخدم لغة “التخلص من القمل” لتبرير الاضطهاد الجماعي، مؤكدة أن تشابه الصياغة “جرس إنذار لا يجب تجاهله”.
بعد تلويح مصر بالخيار العسكري.. آبي أحمد: سنتخلص من أعدائنا واحدًا تلو الآخر
تناقض فاضح مع موقع إثيوبيا الأممي
وأشارت الدبلوماسية الإريترية إلى أن اعتماد هذا الخطاب يأتي بعد انتخاب إثيوبيا نائبا لرئيس مجلس حقوق الإنسان لعام 2026، واصفة ذلك بأنه “تناقض صارخ مع القيم التي يفترض بالدولة أن تجسدها من كرامة، واحترام، وشمول”.
صناعة الشرعية بالاستعراض والدعاية
اتهمت السفيرة حزب “الازدهار” الحاكم في إثيوبيا بتشييد “هياكل سياسية وهمية” لتجميل التدهور الداخلي، واصفة النظام بأنه “حزب بوتيمكين” يبني صورة مزيفة لترويج الكفاءة والاستقرار.
جيش تحرير أورومو: مساعي آبي أحمد للاستيلاء على عصب “انقلاب” على سيادة إريتريا
اتفاقية سلام بلا تفويض
وهاجمت تسفاماريام ما سمي بـ“اتفاقية السلام” في إقليم أمهرا، مؤكدة أن شخصا واحدا وقع عليها دون تفويض شعبي أو تشاور مع مجتمعات الأمهرا أو قوات فانو، معتبرة إياها “مسرحية سياسية” تهدف لتجريم المقاتلين المتبقين ووصم الأصوات المعارضة بأنها “مناهضة للسلام”.
جولات منظمة على واجهة التنمية
وأشارت الدبلوماسية الإريترية إلى أن المسؤولين ينظمون جولات رسمية للوفود الأجنبية عبر “ممرات مختارة بعناية” تظهر المباني الجديدة والأحياء الحديثة، بينما تبقى “الأحياء المهدمة والعائلات المهجرة قسريا” مخفية عن الأنظار.
آبي أحمد فى الصومال لطلب الدعم لمواجهة مصر
ووصفت التنمية العمرانية المعروضة بأنها “مسرحية تقام فوق حياة محطمة ومعاناة مخفاة”، مؤكدة أن “الحزن لا يمحى بالبريق”.
سد النهضة… أداة لإنتاج الشرعية
ورغم إشادتها بالمشاركة الشعبية في مشروع سد النهضة، قالت إن الحكومة تستغل السد لأغراض دعائية على الساحة الدولية، مؤكدة أن الصور الملتقطة للوفود الأجنبية أمام السد تستهدف “إظهار الكفاءة”، رغم أن الإنجاز يعتمد في الواقع على خبرات الشركات الدولية.
الدعاية والتشرذم وتآكل الثقة العامة
في محور ثالث، اتهمت تسفاماريام الحكومة بتصنيع خطاب يهدف إلى “تنظيف الفشل” وتوجيه الرأي العام عبر تلفيقات تقوض الثقة.
وأشارت إلى مقال نشر في “هورن ريفيو” بعنوان “السلام من خلال التشرذم”، واصفة إياه بأنه “درس في التلاعب اللغوي” يحول الاتفاق أحادي القرار إلى “معلم بارز” ويقدم المعارضين الحقيقيين كـ“معرقلين”.
نظام يصنع الأبطال والسلام والشرعية
وقالت إن هناك “نمطا واضحا” لدى النظام:“اختراع بطل، اختراع سلام، اختراع شرعية.”
وتساءلت الدبلوماسية الإريترية:“إذا كانت الحكومة مستعدة للتلاعب بقضية خطيرة مثل السلام، وتصوير شعبها كقمل يجب القضاء عليه، فكيف يمكن الوثوق بها في أي شأن يتعلق بسلامة مواطنيها؟”
خاتمة: دعوة لليقظة الإقليمية
اختتمت تسفاماريام تحليلها بتوصيف حاد لحزب الازدهار، معتبرة أنه يقود البلاد عبر “الدعاية، والكلام الرنان، والانحلال الأخلاقي”، ودعت المجتمعين الإقليمي والدولي إلى اليقظة تجاه حكومة مستعدة —بحسب وصفها— لتعريض شعبها للخطر من أجل حماية رواية سياسية ملفقة.










