الجدل المحتدم حول مشهد احتضان الفنان محمد فراج للنجمة منى زكي في العرض الخاص لفيلم «الست» أمام زوجها الفنان أحمد حلمي، انتقل بسرعة من قاعة السينما إلى ساحة النقاش الديني والاجتماعي بعد دخول الداعية عبد الله رشدي على الخط بانتقاد حاد لما جرى، معتبرًا أن ما حدث «منظرًا مقززًا» و«خرقًا للآداب وحدود الدين»، وموجهًا خطابًا مباشرًا للرجال بعدم السماح بمثل هذه المواقف تحت أي مبرر.
وبينما يرى فريق من المتابعين أن تعليق رشدي يعبر عن قناعة شرعية واجتماعية راسخة حول مفهوم الغيرة والخصوصية، يراه آخرون استمرارًا لخطاب «الوصاية الدينية» على الفنون والحياة الشخصية للمشاهير.
ما الذي حدث في العرض الخاص؟
القصة بدأت من العرض الخاص لفيلم «الست» في إحدى سينمات مدينة 6 أكتوبر، حيث ظهرت منى زكي وسط احتفال كبير بنجاح العرض الأول للفيلم المستوحى من سيرة أم كلثوم، وبحضور زوجها أحمد حلمي وعدد كبير من نجوم الفن.
بعد انتهاء العرض، التقطت الكاميرات لحظة مؤثرة أجهش فيها محمد فراج بالبكاء وهو يحتضن منى زكي بحرارة، معبرًا عن تأثره بأدائها في الفيلم، بينما بدا أحمد حلمي على مقربة يصفق ويتابع المشهد بابتسامة، وسط أجواء احتفالية مختلطة بين الضحك والدموع.
المشهد انتشر سريعًا عبر منصات التواصل، حيث تداوله مستخدمون مع تعليقات متباينة بين من اعتبره لحظة إنسانية طبيعية بين زملاء عمل عاشوا تجربة فنية مرهقة، ومن رآه تجاوزًا واضحًا لحدود اللياقة والاحترام الزوجي، لا سيما أن الحضن كان أمام الكاميرات وعشرات الحضور.
تعليق عبد الله رشدي… لغة حادة ورسالة مباشرة
في خضم هذا الجدل، نشر الداعية عبد الله رشدي منشورًا على حساباته الرسمية تزامن مع انتشار الفيديو، تحدث فيه عن مسألة «الاحتضان والقبلات بين الأجانب» بشكل عام، قبل أن يربط المتابعون مضمون كلامه مباشرة بحادثة حضن فراج لمنى زكي أمام أحمد حلمي.
رشدي شدد في منشوره على أنه «لا يوجد أي مبرر يجعل الرجل يسمح لصديقه أو زميله باحتضان زوجته أو تقبيلها في أي مناسبة»، معتبرًا أن ذلك «حرام شرعًا، وخرق للآداب العامة، وانتقاص من رجولة الزوج» ووصف المشهد بأنه «منظر مقزز» يتم تقديمه أحيانًا باعتباره «تمدنًا وحداثة» بينما هو – في رأيه – خروج عن حدود الدين والاحتشام.
وأضاف أن «الانفتاح والتطور» لا يكونان بكسر أوامر الدين أو كسر الذوق العام، داعيًا الرجال إلى «صون نسائهم بالحجاب المحتشم الكامل» وعدم الانجرار وراء ما يصفه بالنماذج الغربية الغريبة عن المجتمع.
هذه اللغة المباشرة والقاسية في وصف المشهد فجرت موجة جديدة من التفاعل، جعلت اسم عبد الله رشدي يتصدر جانبًا من النقاش بجوار أسماء الفنانين المعنيين.
ردود فعل متباينة… بين التأييد والرفض
تعليق رشدي وجد صدى قويًا لدى شريحة من الجمهور التي رأت في كلامه تعبيرًا صريحًا عن قناعاتها حول مفهوم الغيرة والنخوة وحدود التعامل بين الرجال والنساء خارج إطار المحارم، معتبرين أن سلوك فراج ومنى زكي غير مناسب، خصوصًا مع وجود زوجها في المشهد.
هؤلاء دافعوا عن حق الداعية في توجيه انتقاد أخلاقي وديني علني، طالما أن الواقعة نفسها انتشرت علنًا عبر منصات الإعلام والسوشيال ميديا.
في المقابل، هاجم آخرون أسلوب رشدي، واعتبروا أنه يصادر على حرية الفنانين الشخصية، ويستغل الواقعة لتأكيد صورة «الوصي الديني» على المجتمع، خاصة أن منى زكي وأحمد حلمي لم يصدر عنهما أي تعليق هجومي أو دفاعي حتى الآن تجاه الانتقادات.
بعض الأصوات رأت أن تحويل لحظة تأثر فني إلى «قضية رجولة» وإدانة دينية حادة يعكس أزمة أعمق في العلاقة بين الدين والفن وطريقة تناول قضايا المشاهير على المنصات الرقمية.
صورة أحمد حلمي في العاصفةجزء كبير من السجال لم يتوقف فقط عند محتوى حضن فراج لمنى زكي، بل امتد إلى رد فعل أحمد حلمي الذي ظهر وهو يصفق ويتابع المشهد، ما جعل البعض يطرح تساؤلات عن «حدود الغيرة» و«طبيعة العلاقة» بين الأزواج في الوسط الفني.
صفحات وتعليقات متعددة اعتبرت أن حلمي بدا «متسامحًا أكثر من اللازم» مع الموقف، بينما دافع آخرون عن حقه في رؤية الأمر كاحتفال فني لا يتضمن أي بعد شخصي أو عاطفي خارج السياق المهني.
تصريحات سابقة لمنى زكي عن علاقتها بزوجها، وصفت فيها أحمد حلمي بأنه شخص متعدد المواهب ومصدر دعم عاطفي وإنساني لها، جرى استدعاؤها في النقاش بوصفها مؤشرًا على طبيعة الثقة المتبادلة بينهما، ما دفع فريقًا من الجمهور لرفض محاولات «التشكيك في رجولة حلمي أو تهديد استقرار بيته» بسبب مشهد واحد.
بين الفن والدين… أين يتوقف الجدل؟
قضية تعليق عبد الله رشدي على حضن فراج لمنى زكي أعادت طرح سؤال قديم جديد: هل يحق للدعاة ورجال الدين تقديم أحكام قيمية علنية على سلوكيات الفنانين في مناسبات عامة، أم أن ذلك يساهم في تأجيج حملات التنمر والوصم؟
كما أعادت القصة تسليط الضوء على الحدود الشائكة بين طبيعة العلاقات داخل الوسط الفني – حيث الاحتضان والتهنئة والتعبير الجسدي عن الفرح شائع – وبين توقعات قطاعات واسعة من المجتمع المحافظة، التي ترى في هذه التصرفات تجاوزًا للعرف والدين.
في نهاية المطاف، يظل المشهد مثالًا مكثفًا على الطريقة التي تتحول بها لحظات شخصية أو فنية عابرة إلى ساحات صراع رمزية بين خطابات مختلفة: خطاب ديني محافظ يمثله عبد الله رشدي، وخطاب فني يرى في التعبير الجسدي جزءًا من طبيعته وعلاقاته، وخطاب ثالث جماهيري يمزج بين الفضول الأخلاقي وحب تتبع أخبار النجوم.
وبين هذه الأطراف، يبقى مستقبل الجدل مرتبطًا بأي رد فعل محتمل من منى زكي، محمد فراج أو أحمد حلمي، أو بتكرار مواقف مشابهة تغذي هذا النوع من المواجهات المفتوحة بين «الدعاة» و«الفنانين».










