تتدهور العلاقات الجزائرية الفرنسية بعد توقيف ناشط جزائري في باريس وإدانة صحفى فرنسي في الجزائر، وسط تصعيد إعلامي ودبلوماسي يعيد التوتر بين البلدين إلى الواجهة.
الجزائر – 10 ديسمبر 2025
شهدت العلاقات بين الجزائر وفرنسا، اليوم الأربعاء، تصعيدًا غير مسبوق بعد أسابيع من بوادر انفراج، عقب توقيف الناشط ورجل الأعمال الجزائري مهدي غزار في باريس، وإدانة الصحفى الفرنسي كريستوف غليز بتهمة «الإشادة بالإرهاب» في محكمة تيزي وزو شرق الجزائر. الأحداث أثارت موجة انتقادات حادة وأدت إلى تجدد التوتر الدبلوماسي والإعلامي بين البلدين.
توقيف الناشط الجزائري: اعتقال غامض واتهامات غير معلنة

أفادت «قناة الجزائر الدولية» أن مهدي غزار، المعروف بمواقفه السياسية المثيرة للجدل، أُوقف في باريس لعدة ساعات ليلة الثلاثاء، قبل إطلاق سراحه صباح الأربعاء، دون توضيح رسمي من السلطات الفرنسية عن سبب التوقيف.
ويعتبر غزار شخصية بارزة في الأوساط الجزائرية المقيمة في فرنسا، حيث شارك في إدارة الحملات الانتخابية للرئيس عبد المجيد تبون خلال الانتخابات الرئاسية في سبتمبر 2024، وظهر مرارًا في وسائل الإعلام يدافع عن مواقف الجزائر الوطنية، ويهاجم السياسات الفرنسية، خاصةً فيما يتعلق بالصحراء وقضايا الجزائريين المقيمين في فرنسا.
وأشارت مصادر جزائرية إلى أن توقيفه يأتي ضمن إجراءات استثنائية أمنية في فرنسا، وأن تصاعد هذا التوتر يعكس استمرار سياسة المراقبة والمضايقات التي يتعرض لها الناشطون الجزائريون في الأراضي الفرنسية منذ الأزمة الدبلوماسية منتصف 2024.
إدانة الصحفى الفرنسي: صدمة باريس وتوتر دبلوماسي

في الوقت ذاته، أدانت محكمة جزائرية الصحفي الرياضي الفرنسي كريستوف غليز بالسجن سبع سنوات، وهو الحكم الذي فاجأ باريس، خاصة أن الصحافي كان في الجزائر لتغطية أنشطة نادي «شبيبة القبائل» لكرة القدم.
ورغم إعلان الرئاسة الفرنسية أن الرئيس إيمانويل ماكرون تلقى الحكم بقلق بالغ، وأكد عزمه على متابعة القضية لضمان إطلاق سراح الصحافي الفرنسي، إلا أن القرار القضائي أثار توترًا سياسيًا وإعلاميًا بين البلدين.
تصعيد إعلامي جزائري وفرنسي
سرعان ما تحولت القضية إلى حرب إعلامية، حيث وصفت صحف جزائرية رسمية فرنسا بـ«الكولونيالية» وانتقدت تدخلها المسبق ومحاولتها تشويه صورة القضاء الجزائري، مستشهدة بحالات رفض القضاء الفرنسي تسليم مسؤولين جزائريين متهمين بالفساد، مثل وزير الصناعة السابق عبد السلام بوشوارب، المحكوم عليه بالسجن 20 سنة.
وفي المقابل، دافعت وسائل إعلام فرنسية عن موقف باريس، معتبرة أن الجزائر تستخدم الإعلام للضغط على فرنسا، وأن القضية قد تكون جزءًا من رسالة مفادها أن الإفراج عن الصحافي الفرنسي مرتبط بإجراءات مقابلة من باريس.
انعكاسات محتملة على العلاقات الثنائية
تأتي هذه التطورات قبل زيارة كان مقررا لوزير الداخلية الفرنسي لوران نونييز إلى الجزائر قبل نهاية الشهر، في محاولة لطي الخلافات. ويُخشى أن تؤدي الأحداث الأخيرة إلى تعطيل مسار التطبيع المؤقت للعلاقات، وإعادة البلدين إلى مرحلة التوتر الدبلوماسي والإعلامي، وربما إلى تصعيد إجراءات قانونية جديدة ضد ناشطين وصحافيين من الطرفين.
ويشير مراقبون إلى أن هذه الانتكاسة قد تكون بداية مرحلة جديدة من الصدام بين الجزائر وفرنسا، مع استمرار الخلافات التاريخية والقضايا المعلقة منذ فترة الاستعمار الفرنسي، بما في ذلك ملف الصحافيين والناشطين، والاتهامات بالفساد وحقوق المغتربين.










