أمير المصري يعيش واحدًا من أكثر أعوام مسيرته زخمًا، بين تصدُّره بطولة فيلم السيرة الذاتية العالمي عن الملاكم برنس نسيم حميد بعنوان «Giant»، ومشاركته في بطولة الفيلم المصري الدولي «The Stories»، إلى جانب تكريمه بجائزة تمثيلية دولية من مجلة «Variety» وحضوره اللافت في مهرجان البحر الأحمر السينمائي 2025.
هذا الزخم يفتح بابًا واسعًا للنقاش حول موقعه الجديد كنجم عربي بملامح عالمية، وحدود ما يمكن أن يقدمه في المرحلة المقبلة بين هوليوود والمنطقة العربية.
عام 2025: ذروة الحضور العالمى
عام 2025 يُعد حتى الآن الأكثر كثافة في مسيرة أمير المصري، مع تتابع أعماله على أجندة المهرجانات الكبرى وعروض السوق الدولية.
يتوزع حضوره بين فينيسيا، لندن، وتالين، وصولًا إلى البحر الأحمر في جدة، ما يجعل اسمه حاضرًا في خريطة «النجوم العرب العابرين للحدود» بشكل واضح.
يأتي فيلم «Giant» في مقدمة هذا الحضور، بوصفه فيلم الافتتاح لمهرجان البحر الأحمر السينمائي، حيث يجسد أمير شخصية أسطورة الملاكمة برنس نسيم حميد، في عمل يجمع بين الدراما الإنسانية وصناعة صورة بطل مهاجر من أصول يمنية صعد إلى قمة الملاكمة العالمية.
ويوازيه على خط المهرجانات فيلم «The Stories» الذي يظهر فيه في دور عازف بيانو مصري يرتبط بصداقة عابرة للحدود مع فتاة نمساوية، في حكاية تمتد على خلفية تحولات مصر السياسية والاجتماعية ما بين الستينيات والثمانينيات.
تكريمات وجوائز تعيد رسم الصورة
خلال وجوده في مهرجان البحر الأحمر هذا العام، حصل أمير المصري على جائزة «International Vanguard Actor Award» من مجلة «Variety»، في إشارة إلى اعتباره من أبرز الوجوه التمثيلية الصاعدة على الساحة العالمية.
هذا النوع من الجوائز لا يمنحه فقط دفعة معنوية، بل يضع اسمه ضمن قائمة قصيرة من الممثلين العرب الذين يلتفت إليهم الإعلام الغربي بوصفهم «استثمارات مستقبلية» في صناعة السينما.
إلى جانب التكريم، شارك أمير في جلسات حوارية خاصة ضمن برنامج «In Conversation» في مهرجان البحر الأحمر، حيث دار النقاش حول اختياراته الفنية، وتجربته في التنقل بين الشخصيات المركبة في الأعمال الأوروبية والعربية، ورؤيته لأهمية السرد الأصيل لصنع جسور بين الثقافات.
هذه الجلسات رسخت صورته كفنان لا يكتفي بالتمثيل، بل يقدّم نفسه أيضًا كمشارك في النقاش الثقافي الأوسع حول تمثيل الشرق الأوسط على الشاشة.
بين السيرة الذاتية والخيال الفنييختار أمير المصري في هذه المرحلة مجموعة من الأدوار التي تجمع بين السيرة الذاتية والخيال الدرامي، مثل تجسيده لبرنس نسيم حميد في «Giant»، مقابل شخصية الموسيقي الحالم في «The Stories»،
والشخصيات ذات الطابع الفانتزى
هذا التنوع يضعه أمام تحدي الحفاظ على صدقية الأداء مع كل هذا التنوع الثقافي والزماني في الشخصيات التي يقدمها.
في «Giant»، يحكي الفيلم أكثر من مجرد رحلة ملاكم إلى حزام البطولة؛ فالقصة تتناول تحديات الانتماء والهجرة، وضغط الإعلام والهوية، ما يفرض على أمير مزجًا بين الأداء الجسدي القاسي والبناء النفسي المتدرج لشخصية رياضي يعيش بين عالمين.
أما في «The Stories»، فالمساحة أكبر للانفعالات الداخلية والعلاقة المعقدة بين الحب والطموح في زمن مضطرب سياسيًا، ليقدّم من خلاله صورة شاب مصري تحركه الموسيقى والكتابة ورسائل البريد أكثر من الشعارات العالية.
الحضور التلفزيوني والمشروعات القادمة
لا يقتصر نشاط أمير المصري على السينما وحدها؛ فهو يواصل تصوير الموسم الثاني من مسلسل «The Agency» لصالح منصة كبرى، إلى جانب مشروعات درامية أخرى تشهد تعاونًا مع نجوم عالميين مثل مايكل فاسبندر وجيفري رايت وريتشارد غير.
هذا التواجد في أعمال ناطقة بالإنجليزية إلى جانب مشاركاته العربية يضعه في مساحة «الممثل الجسر» بين سوقين مختلفين في التوقعات والذائقة.
كما تتابع تقارير الصناعة الفنية الإشارة إلى مشروعات قادمة له في أفلام نفسية وتشويقية، بينها عمل جديد لمخرج بريطاني–إيراني، إلى جانب استمراره في بناء رصيده داخل المهرجانات الأوروبية بعد مشاركاته السابقة في أفلام مثل «In Camera» و«Club Zero».
هذه المشاريع تؤكد أن مسيرته تتحرك وفق خطة طويلة الأمد، تقفز من خلالها الأدوار الثانوية إلى موقع البطولة أو المشاركة المحورية في حكايات ذات ثقل فني.
بين إشادة الغرب وانتظار الجمهور العربى
على الرغم من كل هذه النجاحات، يظل سؤال الجمهور العربي مطروحًا: لماذا لا يراه المشاهد في المنطقة بنفس الكثافة التي يظهر بها على منصات ومهرجانات عالمية؟
فجزء كبير من أعماله الأخيرة عُرض أولًا في أوروبا والمهرجانات الدولية، بينما يظل حضوره في الدراما والسينما المصرية أقل من المتوقع لممثل يحمل هذا الرصيد من الإنجازات الخارجية.
في المقابل، يراهن أمير المصري في حواراته على أن بناء مسيرة عالمية سيعود في النهاية لصالح صورته في المنطقة، وأن الأدوار التي يسعى إليها ليست مجرد «بطولة رقمية»، بل شخصيات مكتوبة بعناية تشبه تجارب عمر الشريف كجسر ثقافي بين الشرق والغرب.
وبين من يعتبره اليوم نموذجًا ناجحًا لجيل جديد من الممثلين العرب في الخارج، ومن يراه بحاجة إلى تجذير نفسه أكثر في الذاكرة الجماهيرية المحلية، يبقى عام 2025 محطة فارقة قد تحدد شكل منحنى صعوده في السنوات المقبلة.









