استمارة ساقطة وطلاب في ورطة: هل تتحمل الأسر ثمن أخطاء التعليم الرقمية؟
امتحانات الشهادة الإعدادية في مصر هذا العام تتحول من مجرد حدث دراسي دوري إلى ملف ساخن يمس أعصاب مئات الآلاف من الأسر، بين جداول مضغوطة، واستعدادات رسمية، وغضب متصاعد بسبب تعطل استمارة التقديم الإلكترونية وشكاوى أولياء الأمور من ارتباك التنظيم وضغط الوقت على الطلاب.
مواعيد وجداول مضغوطة
وزارة التربية والتعليم حددت مواعيد امتحانات الشهادة الإعدادية لهذا العام في إطار الخطة الزمنية للعام الدراسي، لتنطلق امتحانات الفصل الدراسي الثاني في نهاية مايو 2025 وتستمر حتى مطلع يونيو في أغلب المحافظات، وسط تأكيدات رسمية على توحيد الإطار الزمني مع السماح لكل محافظة بوضع جدولها التفصيلي.
الجداول المعتمدة في محافظات كالقاهرة والجيزة والشرقية والإسكندرية توزّع المواد الأساسية على خمسة أيام متتالية تقريباً، بما في ذلك اللغة العربية والرياضيات والعلوم والدراسات واللغة الأجنبية، وهو ما يعتبره أولياء الأمور “ضغطاً عصبياً” على الطلاب في مرحلة حاسمة.
استعدادات رسمية وصورة مثالية
البيانات الرسمية تتحدث عن جاهزية المدارس واللجان من حيث التعقيم والانضباط والإشراف الكامل، مع تأكيد المحافظين والمديريات التعليمية اتخاذ إجراءات لتوفير بيئة آمنة وملائمة للطلاب أثناء الامتحانات.
هذه الصورة “المثالية” في الخطاب الرسمي تصطدم بسيل من الشكاوى المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي حول كثافة المناهج وضيق الفترة الفاصلة بين انتهاء شرح الدروس وبداية الامتحانات، خاصة مع اعتماد نظام البوكليت في عدد من المحافظات لزيادة الانضباط ومنع الغش.
تعطل الاستمارة الإلكترونية وغضب الأسر
التحول إلى التسجيل الإلكتروني لطلاب الشهادة الإعدادية كشف عن فجوة واضحة بين الخطط الرقمية والقدرة الفعلية على التنفيذ، حيث تعرّض رابط استمارة التقدم للامتحان لعطل متكرر، ما دفع أولياء الأمور إلى إطلاق حملات شكوى واسعة على فيسبوك تطالب بتدخل عاجل من الوزارة.
التقارير تشير إلى أن الآلاف من الطلاب لم يتمكنوا من استكمال تسجيل البيانات أو رفع الصور المطلوبة في المواعيد المحددة، ما خلق حالة من القلق من احتمال تأثير ذلك على اعتماد أسمائهم في الكشوف النهائية للجان، رغم تطمينات مسؤولين بأن العطل “فني ومؤقت” ولن يضر بموقف أي طالب.
ضغوط نفسية على الطلاب
في ظل هذا الارتباك، يواجه طلاب الصف الثالث الإعدادي ضغوطاً مركبة؛ فالمناهج الممتدة، وضيق الوقت، والرهان الكبير على هذه الشهادة كمعبر أساسي نحو الثانوية العامة أو التعليم الفني، كلها عوامل ترفع منسوب التوتر داخل البيوت المصرية.
أولياء أمور وخبراء تربويون حذروا من أن التركيز على الشكل التنظيمي للامتحان وإجراءات الانضباط داخل اللجان يقابله إهمال واضح لدعم الطلاب نفسياً وتربوياً، سواء من خلال حصص مراجعة منظمة أو منصات رقمية مستقرة فعلاً لا اسماً.
فجوة بين الخطاب والواقع
بينما تروّج الوزارة لخطط تطوير المناهج وتحديث نظم التقييم والاعتماد على البنية التكنولوجية لتسجيل الاستمارات ومتابعة الطلاب، يكشف الواقع اليومي عن فجوة بين الطموح والقدرة، تبدأ من تعطل الروابط الإلكترونية ولا تنتهي عند شكوى الأسر من ضعف التواصل الرسمي وغياب الرد السريع على الأزمات.
هذا التناقض يغذّي شعوراً متزايداً لدى قطاع من أولياء الأمور بأن أبناءهم يُستخدمون كـ”حقول تجارب” في نظم تعليمية تتغير كل بضعة أعوام دون تقييم حقيقي لنتائج كل تجربة على أرض الواقع، خاصة في شهادة مفصلية كالشهادة الإعدادية.
أسئلة مفتوحة قبل بدء الامتحان
مع اقتراب موعد الانطلاق الفعلي للجان في يناير بالنسبة لامتحانات نصف العام، وفي نهاية مايو وبداية يونيو لامتحانات نهاية العام، تبقى أسئلة جوهرية معلقة لدى الأسر: هل تستوعب الوزارة الدرس من أزمة الاستمارات الإلكترونية؟ وهل ستُمنح المدارس والطلاب الوقت الكافي للمراجعة الجادة بدلاً من سباق اللحظات الأخيرة؟
إلى أن تُجيب الوقائع عن هذه الأسئلة داخل اللجان، تظل الشهادة الإعدادية هذا العام عنواناً لامتحان مزدوج؛ امتحان للطلاب على الورق، وامتحان حقيقي لمنظومة التعليم أمام مجتمع لا يحتمل المزيد من التجارب الفاشلة في مستقبل أبنائه.










