فنان على سرير المرض ودولة في الصورة: هل يحتاج الفنان دعماً رئاسياً ليُعالَج؟
الفنان محمد صبحي يعيش هذه الأيام حالة تجمع بين التعافي الصحي والعودة التدريجية للنشاط الفني، بعد وعكة خطيرة أصابت المخ أثارت شائعات عن وفاته، قبل أن يخرج بنفسه ونقابة المهن التمثيلية وأطباء معالجون لتأكيد أنه ما زال تحت العلاج لكنه في تحسن واضح، وبدأ يظهر مجدداً في مهرجانات وفعاليات مسرحية رسمية.
تطورات الحالة الصحية ونفي شائعات الوفاة
خلال شهر نوفمبر الماضي نُقل محمد صبحي إلى المستشفى بعد تعرضه لوعكة صحية حادة تبيّن لاحقاً أنها مرتبطة بفيروس أصاب المخ، استدعت فحوصات دقيقة وعلاجاً طويلاً ومؤلماً كما وصفه
انتشار أخبار غير موثقة عن وفاته عبر مواقع التواصل دفع نقابة المهن التمثيلية ووسائل إعلام كبرى إلى إصدار بيانات عاجلة تؤكد أنه على قيد الحياة ويتلقى العلاج، بينما عبّر هو وأسرته لاحقاً عن استيائهم الشديد من “القتل المعنوي” بالشائعات، مطالباً الجمهور بعدم الانسياق وراء صفحات تبحث عن التريند.
رعاية رئاسية ورسائل دعم رسمية
ملف مرض صبحي لم يبق في حدود الوسط الفني، إذ كشفت تقارير عن توجيه الرئيس المصري السابق عبد الفتاح السيسي لوزير الصحة بمتابعة حالته الصحية وتوفير كافة أشكال الرعاية اللازمة، في إشارة رمزية لمكانته كأحد رموز المسرح المصري والعربي.
هذا التدخل الرسمي قوبل بترحيب من قطاع واسع من الجمهور اعتبره تقديراً لتاريخه، بينما رأى آخرون أن استمرار اعتماد الفنانين الكبار على “تدخلات استثنائية” يكشف ثغرات أعمق في منظومة رعاية الفنانين صحياً واجتماعياً، خاصة من تجاوزوا السبعين من العمر.
ظهور علني بعد الأزمة وتكريم مسرحي
بعد أسابيع من الجدل والقلق، عاد محمد صبحي للظهور أمام الكاميرات خلال حفل ختام الدورة الحادية عشرة من مهرجان “آفاق مسرحية العربي” بدار الأوبرا المصرية، حيث شارك كرئيس شرفي للمهرجان وتم تكريمه على مجمل عطائه الفني.
ظهوره على المسرح بحيوية ملحوظة وحركات راقصة خفيفة تفاعل معها الحضور بالتصفيف اعتُبر رسالة عملية تطمئن جمهوره على تحسن حالته الصحية، وإن لم يخفِ بنفسه أن العلاج ما زال قاسياً وأنه يمر بمرحلة نقاهة تحتاج لوقت.
واقعة الغضب على المصورين والجدل حولها
نكريم صبحي في المهرجان لم يخلُ من جدل، بعدما رصدت عدسات الحاضرين انفعاله على بعض المصورين ومحاولته مسح صور من هاتف أحدهم قبل أن يعيده إليه، في مشهد تداولته مواقع إخبارية ومنصات التواصل باعتباره تعبيراً عن ضيق الفنان من ملاحقة الإعلام له في لحظة شخصية وحساسة.
بين من رأى في تصرفه تجاوزاً لا يليق بمكانته كنجم كبير، ومن دافع عنه باعتباره إنساناً مرهقاً صحياً ونفسياً من سيل الشائعات، فتحت الواقعة نقاشاً أوسع حول حدود تعامل الإعلام مع المرض والخصوصية، خاصة حين يتحول الفنان إلى مادة مستمرة لاصطياد العناوين.
نشاط فني مستمر رغم المرض
على المستوى المهني، لا يزال اسم محمد صبحي مرتبطاً بالمسرح كعادته، حيث أعلن قبل أزمته الصحية عن استكمال الموسم الثاني لمسرحية “فارس يكشف المستور” على مسرح مدينة سنبل، مع وعود بتقديم مفاجآت فنية لجمهوره مع بداية العروض الجديدة.
كما أعلن مؤخراً عن استضافة مسرح مدينة سنبل للعروض الفائزة في مهرجان آفاق مسرحية العربي، في إشارة إلى رغبته في لعب دور منصة داعمة للمواهب المسرحية الشابة، وليس مجرد نجم يقف في صدارة المشهد.
موقفه من الجدل الثقافي والإقليمي
خارج إطار الصحة، يستمر حضور صبحي في النقاشات الثقافية الأوسع؛ إذ استعاد قبل أشهر فيديو قديماً لتصريحاته عن موسم الرياض في السعودية، مؤكداً أنه كان يدعو منذ سنوات إلى تمكين الفنانين السعوديين بدلاً من الاعتماد المفرط على نجوم الخارج، وهو ما اعتبره “تنفيذاً لرؤيته” بعد تصريحات رسمية سعودية حديثة عن تقليل الاعتماد على العروض المستوردة
هذه التصريحات، التي سبق أن تسببت في هجوم سعودي ضده واتهامه بالتعالي، تعود اليوم في سياق مختلف يُظهره في عيون مؤيديه كفنان صاحب “موقف”، بينما يراه منتقدوه نموذجاً لفنان يميل دائماً إلى تسجيل نقاط إعلامية فى أى جدل إقليمي قائم.
بين الأسطورة والإنسان
الصورة الراهنة لمحمد صبحي تمزج بين أسطورة فنية ارتبطت لدى الجمهور بأعمال مثل “يوميات ونيس” ومشروع “المسرح للجميع”، وبين إنسان متقدم في العمر يواجه مرضاً قاسياً وشائعات مؤذية، ويحاول في الوقت نفسه الحفاظ على صوته النقدي وحضوره في الساحة الثقافية.
يبقى السؤال المطروح في الكواليس: هل ستدفعه هذه التجربة الصحية القاسية إلى إعادة ترتيب أولوياته الفنية والإنسانية، أم يستمر كما عرفه الجمهور لعقود، فناناً لا يترك خشبة المسرح ولا معاركه الفكرية حتى في أصعب اللحظات؟










