اعتذار علني لباحث فلسطيني على خلفية تغريدة انتقد فيها أحد قيادات حركة «حماس» يثير جدلاً واسعاً بين المؤيدين ويكشف انقسامات داخل الحركة بشأن حرية التعبير والسياسات الداخلية
١٠ ديسمبر ٢٠٢٥
أشعل اعتذار علني نشره الباحث الفلسطيني محمود حامد العيلة، المعروف بتأييده لحركة «حماس»، عاصفة غضب داخل الأوساط المؤيدة للحركة، بعد أن اتضح أن الاعتذار جاء نتيجة شكوى قضائية رسمية تقدم بها القيادي في الحركة محمد نزال لدى السلطات القطرية، على خلفية تغريدة انتقادية تعود لشهر أكتوبر الماضي.
العيلة كتب منشوراً مطوّلاً عبر منصة «إكس»، قال فيه إنه يعتذر لنزال «عمّا بدر منه» من إساءة، واصفاً الأمر بأنه كان «سوء ظن في ساعة غضب». لكن تلك الكلمات سرعان ما فجرت جدلاً واسعاً، بعدما كشف ناشطون ومقربون من الحركة أن القيادي في «حماس» أصرّ على اعتذار علني كشرط للتنازل عن الدعوى القضائية التي اتهم فيها العيلة بالإساءة إليه وإلحاق ضرر معنوي بمكانته.
هل كانت تغريدة… أم أزمة داخلية أكبر؟
تعود القضية إلى تصريحات لنزال نقلتها «رويترز» في أكتوبر الماضي حول مستقبل سلاح الحركة في غزة. حينها رفض الإجابة بشكل مباشر عمّا إذا كانت «حماس» ستتخلى عن سلاحها، وهو ما أثار انتقادات من ناشطين مؤيدين للحركة، بينهم العيلة، الذي اعتبر أن تصريحات نزال «ضبابية» و«متناقضة» مقارنة بتصريحات قيادات أخرى.
ورغم حذف العيلة للتغريدة لاحقاً، فإن الأزمة لم تهدأ كما توقع. مصادر داخل الحركة قالت إن محاولات وساطة متعددة جرت لاحتواء الخلاف، لكن نزال تمسّك بشكواه، بل وطالب وفق بعض الروايات بتعويض مالي قبل أن يتنازل عنها.

انتقادات لاذعة: “قيادي يشكو أبناء شعبه إلى دولة أجنبية!”
تفاعلات القضية امتدت سريعاً إلى المنصات الفلسطينية، حيث كتب ناشطون وصحافيون انتقادات شديدة اللهجة، رأى كثير منهم أن ما حدث يمثل «سابقة خطيرة» في تاريخ الحركات الفلسطينية.
الصحافية منى حوّا قالت إن ما جرى «لا يشبه أخلاق التنظيمات الوطنية»، مضيفة:
«قيادات المقاومة تطلب من شعبها الصمود تحت النار… بينما لا تحتمل كلمة نقد واحدة».
أما الناشط جميل مقداد فذهب أبعد من ذلك، وكتب:
«قيادي في حماس يستقوي بالمحاكم العربية على شاب فلسطيني بسبب تغريدة! لوين وصلنا؟».

تضارب في مواقف قيادات الحركة حول السلاح
الأزمة ساهمت في إعادة فتح الملف الأكثر حساسية في «حماس»: مستقبل سلاح الحركة.
ففي حين أكد خالد مشعل قبل أيام أن الحركة «لن تتخلى عن سلاحها إلا بقيام دولة فلسطينية»، خرج باسم نعيم بموقف مختلف، معتبراً أن الحركة منفتحة على «تجميد أو تخزين السلاح» ضمن ترتيبات سياسية وأمنية واسعة.
هذا التباين يضاف إليه تأكيد قيادات مثل حسام بدران وخليل الحية باستعداد الحركة للانتقال إلى «المرحلة الثانية» من التهدئة، شرط وقف الخروق الإسرائيلية.
أزمة اعتذار أم مؤشر على شرخ داخلي؟
بين من يرى أن ما حدث مجرد خلاف شخصي، ومن يعتقد أنه يكشف توترات داخلية أعمق داخل «حماس» بشأن إدارة الخطاب السياسي وسلاح الحركة ومستقبلها، تبقى القضية مفتوحة على مزيد من الأسئلة—خصوصاً وأنها تتزامن مع واحدة من أعقد المراحل السياسية التي تمر بها الحركة منذ سنوات.










