أسود الرافدين بعشرة لاعبين والصدارة تضيع في الدقائق الحرجة: هل دفع العراق ثمن الاندفاع أم أخطاء الحكم؟
انتصرت الجزائر على العراق بهدفين دون رد في قمة عربية مثيرة بكأس العرب 2025 على استاد خليفة الدولي، لتتصدر المجموعة الرابعة برصيد 7 نقاط وترافقها أسود الرافدين إلى ربع النهائي رغم الخسارة بعد بقاء رصيدهم عند 6 نقاط.
المباراة حملت كل عناصر الدراما الكروية من طرد مبكر، وتدخل تقنية الفيديو، وهدف عكسي، لتتحول من مواجهة صدارة إلى اختبار نضج تكتيكي ونفسي للمنتخبين قبل الأدوار الإقصائية.
خلفية اللقاء وحسابات المجموعة
جاءت مواجهة الجزائر ضد العراق في الجولة الثالثة من دور المجموعات لكأس العرب 2025 بطابع حاسم على صدارة المجموعة الرابعة، التي تضم كذلك البحرين والسودان.
العراق دخل اللقاء متصدرًا برصيد 6 نقاط بعد انتصارين في أول جولتين ضمن سلسلة نتائج إيجابية جعلته أول المتأهلين رسميًا إلى ربع النهائي، ما منحه هامش أمان لكنه لم يقلل من رغبته في الحفاظ على الصدارة.
في المقابل، خاض المنتخب الجزائري المباراة وفي رصيده 4 نقاط من تعادل مع السودان وفوز مهم على البحرين، ما جعل مصيره بيده؛ الفوز يضعه في القمة والتعادل يكفيه للتأهل في الغالب، لكن دون ضمان المركز الأول.
لذلك دخل “الخضر” المباراة بشهية هجومية واضحة، مدفوعين برغبة في تأكيد العودة القوية على المستوى العربي وإرسال رسالة بأن تذبذب السنوات الماضية أصبح خلفهم.
طرد مبكر يقلب موازين الملعب
أول منعطف حقيقي في المباراة جاء مبكرًا جدًا؛ ففي الدقيقة الرابعة أشهر الحكم بطاقة صفراء في وجه حسين علي لاعب العراق بعد تدخل قوي على أحد لاعبي الجزائر، قبل أن يستدعى من غرفة تقنية الفيديو لمراجعة اللقطة.
بعد العودة للشاشة، قرر الحكم تحويل البطاقة إلى حمراء مباشرة، ليكمل المنتخب العراقي المباراة بعشرة لاعبين منذ الثواني الأولى تقريبًا، في قرار أثار الكثير من الجدل بين الجماهير والمحللين.
هذا النقص العددي أجبر العراق على إعادة تشكيل خريطته التكتيكية سريعًا، فعاد إلى كتلة دفاعية أعمق مع الاعتماد على المرتدات السريعة كلما سنحت الفرصة، بينما استحوذت الجزائر بشكل أكبر على وسط الملعب وبدأت في تدوير الكرة عرضيًا وصعود الأظهرة بحثًا عن ثغرة في التكتل العراقي.
ورغم سيطرة الخضر، ظل الفريق العراقي منظمًا في فترات كبيرة من الشوط الأول، مع محاولات متقطعة لصنع تهديد من الجهة اليمنى خصوصًا.
هدف في التوقيت القاتل ثم صدمة عكسية
ورغم أن الشوط الأول كان في طريقه للانتهاء بالتعادل السلبي، إلا أن الجزائر نجحت في خطف هدف التقدم في الدقيقة الأولى من الوقت بدل الضائع، عندما ارتقى محمد أمين توغاي لعرضية من ركلة حرة نفذت بدقة من الجهة اليمنى وأودع الكرة برأسه في شباك العراق.
الهدف شهد لحظات توتر بعد رفع راية التسلل في البداية، لكن العودة لتقنية الفيديو أكدت صحة الموقف وتم اعتماد الهدف، لتدخل الجزائر غرف الملابس متقدمة في توقيت مثالي.
ومع بداية الشوط الثاني مباشرة، تضاعفت معاناة العراق بهدف ثانٍ جاء بصورة درامية؛ هجمة جزائرية من الجناح، كرة عرضية باتجاه المرمى تصدى لها الحارس فهد طالب لتصطدم بالمدافع سعد ناطق وتتحول بالخطأ إلى داخل الشباك.
الهدف العكسي في الدقيقة 47 تقريبًا جعل مهمة أسود الرافدين شبه مستحيلة في ظل النقص العددي وحاجة الفريق لهدفين على الأقل للعودة للمباراة.
أداء المنتخبين بين السيطرة والصمود
بعد الهدف الثاني، تعامل المنتخب الجزائري بقدر كبير من النضج مع مجريات اللقاء؛ خفّض من نسق الاندفاع غير المحسوب، وركز على السيطرة على وسط الملعب والضغط المنظم لمنع العراق من تنظيم هجمات مرتدة خطيرة.
ظهر انسجام واضح بين خطوط الخضر، خاصة في التغطية العكسية ومنع الكرات البينية في العمق، مع استمرار تهديد مرمى العراق عبر الكرات الثابتة والعرضيات.
العراق من جانبه أظهر شجاعة واضحة رغم الصعوبات؛ حاول المدرب تعديل الرسم التكتيكي بعد الطرد، ومع تأخر النتيجة 2–0 حاول إدخال عناصر هجومية للمراهنة على هدف يعيده معنويًا على الأقل.
خلق الفريق بعض الفرص من الكرات الطويلة والاختراقات الفردية، لكن غياب الزيادة العددية في منطقة جزاء الجزائر وقوة الدفاع الجزائري حالا دون ترجمتها إلى أهداف، لتبقى الشباك الجزائرية نظيفة حتى صافرة النهاية.
صدارة جزائرية وتأهل ثنائي ورسائل لربع النهائيانتصار الجزائر رفع رصيد “الخضر” إلى 7 نقاط في صدارة المجموعة الرابعة، ليضمنوا بطاقة التأهل إلى ربع النهائي في المركز الأول، بينما تجمد رصيد العراق عند 6 نقاط في المركز الثاني لكنه ضمن هو الآخر العبور إلى الدور ذاته.
صدارة الجزائر تمنحها نظريًا طريقًا أقل وعورة بمواجهة وصيف مجموعة أخرى، في حين يجد العراق نفسه أمام احتمال مواجهة منافس أقوى نتيجة فقدانه قمة المجموعة في الجولة الأخيرة.
النتيجة حملت رسائل متباينة؛ بالنسبة للجزائر، شكل الفوز تأكيدًا على أن المنتخب قادر على استغلال التفاصيل والتحكم في مباريات الضغط العالي، حتى لو جاء جزء من التفوق بمساعدة عوامل خارجية مثل الطرد المبكر والهدف العكسي.
أما العراق، فرغم الخسارة فقد أظهر صمودًا يُحسب له بنقص عددي طوال 90 دقيقة تقريبًا، لكن اللقاء أعاد فتح ملف الانضباط في البدايات وكيفية إدارة الأعصاب في المباريات الحاسمة، وهي دروس سيحملها المنتخب معه إلى ربع النهائي حيث لا مجال للتعويض.









