فليك يثأر لبرشلونة ويُغرق آينتراخت الجريح أوروبيًا بعد سداسية لايبزيج القاسية
برشلونة حسم مواجهته الثأرية أمام آينتراخت فرانكفورت في دوري أبطال أوروبا بأداء هجومي قوي على كامب نو، مستفيدًا من أزمـة الفريق الألماني الدفاعية وغياب مهاجميه الأساسيين، ليُنعش آماله في إنهاء مرحلة الدوري ضمن مراكز المقدمة والتقدم بثبات نحو الأدوار الإقصائية.
المباراة جاءت امتدادًا لقصة مفتوحة بين الطرفين منذ صدمة 2022 في الدوري الأوروبي، لكنها هذه المرة حملت ملامح سيطرة كتالونية واضحة ورغبة انتقام كروية ظلت مشتعلة في مدرجات سبوتيفاي كامب نو.
خلفية ثأر كروي قديم
العلاقة بين برشلونة وآينتراخت فرانكفورت أصبحت رمزًا لوجع كتالوني قديم منذ إقصاء الفريق الألماني لبرشلونة من ربع نهائي الدوري الأوروبي 2022، حين فاز في كامب نو بنتيجة مثيرة جعلت تلك الليلة تصنف كواحدة من أسوأ أمسيات النادي القاريّة.
في تلك المواجهة التاريخية، لم يكن الألم على مستوى النتيجة فقط، بل امتد إلى صورة المدرجات التي امتلأت بقمصان بيضاء لجماهير فرانكفورت، في مشهد ما زال حاضرًا في ذاكرة الكتلان.
منذ ذلك التاريخ، تحوّل اسم آينتراخت إلى عقدة جماهيرية أكثر منه خصمًا عابرًا في سجلات الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، لتأتي مواجهة دوري الأبطال الحالية على أرضية “سبوتيفاي كامب نو” بمثابة فرصة ذهبية لمحو آثار تلك الليلة الثقيلة.
إدارة النادي والجماهير تعاملت مع المباراة باعتبارها “استعادة للهيبة” أكثر من كونها مجرد ثلاث نقاط في جدول مرحلة الدوري.
وضع الفريقين قبل اللقاء
برشلونة دخل المواجهة وهو في موقف حساس في جدول مرحلة الدوري بدوري أبطال أوروبا، حيث تجمّد رصيده عند سبع نقاط من خمس مباريات وضعته في المركز 18، ما يعني أن أي تعثر جديد كان سيضعف فرصه في إنهاء هذه المرحلة ضمن الثمانية الأوائل المؤهلين مباشرة لدور الـ16.
الفريق يعاني من تذبذب أوروبي واضح رغم سلسلة انتصارات قوية محليًا في الدوري الإسباني جعلته يتصدر الترتيب بفارق أربع نقاط عن ريال مدريد.
على الجانب الآخر، وصل آينتراخت فرانكفورت إلى كامب نو وهو مثقل بهزيمة قاسية بسداسية نظيفة أمام لايبزيج في الدوري الألماني، لتتكشف هشاشة دفاعه الذي يُعد الأسوأ هذا الموسم في البوندسليجا مع تلقيه 29 هدفًا خلال أول 13 جولة.
زاد من معاناة الفريق غياب أبرز عناصره الهجومية وعلى رأسهم جوناثان بوركارت وميشي باتشواي، ما جعل الجهاز الفني يدخل اللقاء بخيارات هجومية أقل جودة وحلول تكتيكية محدودة في الثلث الأخير.
معاناة وإصرار في قائمة برشلونة
برشلونة نفسه لم يدخل اللقاء بكامل نجومه، حيث واصل اللعب دون الثنائي المؤثر رونالد أراوخو وداني أولمو، إضافة إلى استمرار غياب جافي، أحد أهم عناصر خط الوسط من حيث الضغط والاندفاع البدني.
هذه الغيابات أجبرت هانز فليك على تعديل البنية الدفاعية والاعتماد أكثر على الاستحواذ المنظم وتقليل المساحات أمام التحولات السريعة لفرانكفورت.
الخبر الإيجابي تمثل في عودة الحارس الألماني مارك أندريه تير شتيغن إلى قائمة المباراة بعد فترة من الغياب، ليضيف قدرًا أكبر من الطمأنينة إلى خط الدفاع في مواجهة فريق يجيد التسجيل رغم مشكلاته الدفاعية.
كما اعتمد فليك على الديناميكية الشبابية لنجوم مثل لامين يامال مع خبرة روبرت ليفاندوفسكي، الذي لا يزال يبحث عن أول أهدافه هذا الموسم في دوري الأبطال رغم سجله الحافل مع بايرن ميونخ.
تفاصيل مثيرة من داخل اللقاء
المباراة جرت في أجواء مشحونة بالحسابات، حيث لعب برشلونة على ضغط مبكر واستحواذ عميق في نصف ملعب آينتراخت، مستغلًا اهتزاز الدفاع الألماني الذي ظهر في الأسابيع الأخيرة.
محاولات الفريق الكتالوني تركزت على استثمار الكرات العرضية والركلات الثابتة، في ظل وجود تفوق بدني في ألعاب الهواء داخل منطقة الجزاء الألمانية.
في المقابل، حاول آينتراخت فرانكفورت الاعتماد على التحولات الهجومية السريعة والانطلاقات من الأطراف، مستغلًا المساحات خلف أظهرة برشلونة، لكن افتقاد الفريق لهدافيه الأساسيين جعله أقل شراسة في اللمسة الأخيرة.
ورغم هذا التراجع الهجومي، ظل الفريق الألماني خصمًا عنيدًا في وسط الملعب، ساعيًا لخطف نقطة تبقيه في سباق التأهل، مع علمه أن رصيده المتواضع قبل اللقاء لا يحتمل المزيد من الهزائم.
الأبعاد النفسية والجدول الأوروبي
أهمية اللقاء لم تتوقف عند حدود النقاط الثلاث، بل امتدت إلى بعد نفسي واضح داخل غرفة ملابس برشلونة، خاصة بعد الخسارة الثقيلة أمام تشيلسي بثلاثية نظيفة في الجولة الماضية من دوري الأبطال.
الفوز على آينتراخت، خصم الماضي المؤلم، يعني طي صفحة كبوة لندن وفتح أخرى جديدة عنوانها استعادة الثقة الأوروبية لجيل فليك الجديد.
كما أن الفوز يمنح برشلونة دفعة مهمة في سباق المراكز الثمانية الأولى في جدول مرحلة الدوري بدوري الأبطال، ما يجنبه خوض ملحق إضافي مرهق قبل دور الـ16 ويتيح له هامش راحة وتركيز أكبر على صدارة الليغا.
أما آينتراخت، فالهزيمة تعمق جراحه القارية وتضع مصيره الأوروبي على المحك، في ظل تراجع نتائجه محليًا وقاريًا على حد سواء.
بهذه المعطيات، تحولت مباراة برشلونة ضد آينتراخت من مجرد مواجهة في جدول مكتظ إلى ليلة فارقة في مشروع فليك الأوروبي ومحطة حاسمة في رحلة استعادة الهيبة الكتالونية في دوري الأبطال، بينما يواصل الفريق الألماني البحث عن مخرج من سلسلة أزماته الدفاعية والهجومية قبل أن يفقد بريق مغامرته القارية بالكامل.








