مشروع المليارات يهتز: هزيمة أمام فريق صاعد وخروج قاري مبكر يضعان بيراميدز في قفص الاتهام
بيراميدز يعيش واحدة من أكثر الفترات تناقضًا في تاريخه القريب؛ بين فريق توّج قبل شهور قليلة بدوري أبطال أفريقيا في إنجاز تاريخي غير مسبوق، وفريق يعاني حاليًا من تراجع ملحوظ في نتائجه المحلية والقارية وخروج مبكر من أكثر من بطولة، ما فتح باب التساؤلات حول استقرار مشروعه الفني وقدرته على الحفاظ على قمة المنافسة طويلًا.
آخر مباريات بيراميدز جاءت محمّلة بالدراما؛ فالهزيمة أمام كهرباء الإسماعيلية في الدوري ثم السقوط الإفريقي على ملعبه أمام باور ديناموز زادا من حالة الغضب الجماهيري، وطرحت علامات استفهام حول مردود النجوم ومدى جاهزية الفريق لمواصلة لعب دور “القوة الثالثة” في الكرة المصرية.
من ليلة المجد القاري إلى واقع مضطر
بنقطة التحوّل الكبرى في تاريخ بيراميدز جاءت مع التتويج بلقب دوري أبطال أفريقيا لأول مرة في مسيرته، بعد الفوز على ماميلودي صن داونز الجنوب أفريقي بنتيجة 2–1 في إياب النهائي على استاد الدفاع الجوي، في ليلة وصفت بالتاريخية للكرة المصرية عمومًا وللنادي السماوي على وجه الخصوص.
التفوق في مباراة عودة ونجاح الفريق في ترجمة التعادل الإيجابي في الذهاب إلى انتصار أمام جماهيره، أظهر شخصية بطل قاري قادر على إدارة المباريات الكبيرة، خصوصًا مع تألق الحارس أحمد الشناوي وثبات خط الدفاع في الدقائق الأخيرة أمام ضغط صن داونز.
هذا التتويج لم يكن مجرد لقب في خزائن النادي، بل خطوة فارقة أكدت أن تجربة بيراميدز لم تعد “فكرة طموحة” فقط، بل مشروعًا مكتمل الأركان ينافس الأهلي والزمالك على صدارة المشهد الكروي في مصر وأفريقيا.
لكن المفارقة أن هذه القمة التاريخية تزامنت مع تزايد الضغوط؛ فكل مباراة بعد النهائي القاري بدأت تُقرأ على أنها اختبار لاستمرارية المشروع لا مجرد لقاء عابر في جدول موسم طويل.
الدوري المصري:
تعثرات تكشف الوجه الآخرعلى مستوى الدوري المصري، لم ينجح بيراميدز في الحفاظ على صورة الفريق المرعب الذي لا يعرف الرحمة، حيث تعرّض لهزيمة مفاجئة أمام كهرباء الإسماعيلية بهدفين مقابل هدف، في مباراة خطف فيها أصحاب الأرض نقاطًا غالية أمام منافس يُصنف ضمن المرشحين الأوائل للقب.
الخسارة جاءت بعد سلسلة نتائج متباينة، أبرزها تعادل مثير مع المصري البورسعيدي 2–2 في بداية الموسم، ليجد الفريق نفسه بعيدًا عن قمة الجدول التي كان قد أشعل سباقها في المواسم الأخيرة.
تلك النتائج المتذبذبة فتحت باب الانتقادات، خاصة من بعض الأصوات الإعلامية التي رأت أن الفريق “بطل من ورق” في بعض المباريات عندما يتعلق الأمر بالجدية والروح القتالية أمام فرق متوسطة أو صاعدة تبحث عن إثبات الذات أمام أحد أغنى أندية الدوري.
وبينما يتحدث المسؤولون عن ضغط المباريات وتداخل المواعيد القارية والمحلية كسبب رئيسي في تراجع الأداء، يرى جمهور بيراميدز أن فريقًا بعمق قائمة بهذا الحجم يجب أن يملك حلولًا إضافية للمداورة دون خسارة هويته في الملعب.
صدمة الخسارة الإفريقية على ملعبه
مع تتويجه القاري الأخير، كان المتوقّع أن يدخل بيراميدز النسخة التالية من دوري أبطال أفريقيا بثوب حامل اللقب وقدر أكبر من الخبرة في إدارة دور المجموعات، لكن الواقع جاء مختلفًا؛ فالفريق تلقّى خسارة غير متوقعة على ملعبه أمام باور ديناموز، في مباراة انتهت بهدف دون رد لصالح الضيوف.
هذه الهزيمة جاءت بعد بداية قوية في المجموعة حين أسقط بيراميدز ريفرز يونايتد النيجيري بثلاثية نظيفة بفضل “هاتريك” للتونسي فخر الدين بن يوسف (قطة)، ما جعل سقوطه أمام الفريق الزامبي أكثر إيلامًا لجماهيره.
فقدان ثلاث نقاط في مواجهة بيتية في دور المجموعات يضع حامل اللقب تحت ضغط كبير في بقية الجولات، خاصة في مجموعة متوازنة المستوى لا تسمح بهوامش كبيرة للخطأ.
كما أن الأداء الباهت في تلك المباراة أعاد النقاش حول قدرة بيراميدز على فرض شخصيته خارج المناسبات الكبرى، وهل يحتاج لتغييرات فنية أو نفسية لإعادة شحن دوافع اللاعبين بعد الوصول إلى القمة.
ما بين طموح التتويج واستقرار المشروع
آخر أخبار بيراميدز لا يمكن فصلها عن جدول مبارياته المضغوط؛ فالفريق ما زال يتواجد في قلب المنافسة على لقب الدوري المصري، مع مباريات قوية متبقية أمام البنك الأهلي والزمالك وبتروجت وسيراميكا، وهي مواجهات قد تحدد بشكل كبير مسار اللقب المحلي هذا الموسم.
تزامن ذلك مع مشاركاته القارية والحديث عن احتمالية لعب كأس السوبر الأفريقي وكأس إنتركونتيننتال، ما يفرض على الجهاز الفني إدارة ذكية للطاقات وترتيب واضح للأولويات.
الجمهور والمتابعون باتوا ينظرون لكل مباراة لبيراميدز باعتبارها استفتاءً على “جدية المشروع”؛ فإما أن يترجم النادي استثماراته وبطولته الأفريقية التاريخية إلى هيمنة مستدامة محليًا وقاريًا، أو يتحوّل إلى نموذج لحقبة ذهبية قصيرة لم تكتمل فصولها.
وبين هذا وذاك، تبدو غرفة الملابس مطالَبة برد فعل قوي في المباريات المقبلة، يثبت أن ما حدث أمام كهرباء الإسماعيلية وباور ديناموز مجرد “منحنى هابط عابر” في قصة فريق لا يزال يملك الكثير ليقدمه للكرة المصرية والأفريقية.









