اعتبر الخبير السياسي الإثيوبي الدكتور بيكيلا هريسا، أن الاتفاقيات التاريخية الخاصة بمياه النيل والموقعة في عامي 1929 و1959 لم تعد ذات صلة في القرن الحادي والعشرين، مؤكدا أنها “لا معنى لها” في السياق الحالي للنزاعات المائية بين دول الحوض، وفي مقدمتها أزمة سد النهضة.
وجاءت تصريحات هريسا في مقابلة مع قناة نبض أفريقيا الإثيوبية (POA English)، تعليقا على تصريحات وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، التي أدلى بها لقناة بي بي سي، وأكد فيها مجددا رفض مصر ما وصفته بـ”الإجراءات الأحادية” التي اتخذتها إثيوبيا في الحوض الشرقي لنهر النيل، معتبرة أن سد النهضة “غير قانوني وغير شرعي”، وأن المسار التفاوضي “وصل إلى طريق مسدود”.
هريسا: معاهدات 1929 و1959 لا تنطبق على القرن 21
وأوضح هريسا أن معاهدات 1929 و1959—التي نظمت حصص مياه النيل بين مصر والسودان في العصر الاستعماري—”لا يمكن تطبيقها اليوم”، لأنها وقعت في ظروف سياسية مختلفة كليا ولا تراعي مصالح جميع الدول المشاطئة، وفي مقدمتها إثيوبيا.
وأضاف أن إثيوبيا لم تكن طرفا موقعا على تلك المعاهدات، ولم تتح لها فرصة التفاوض بشأن حصتها المائية، مشددا على أن “الدولة لا يمكن إلزامها باتفاقيات لم تكن جزءا منها”.
وأشار إلى أن الحل الوحيد يكمن في “العودة إلى طاولة المفاوضات” ومواصلة الحوار تحت إشراف دولي للوصول إلى اتفاق يخدم مصالح جميع الأطراف.
مصر: السد تهديد وجودي والمفاوضات متوقفة
وفي المقابل، قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي إن “سد النهضة إجراء أحادي من جانب إثيوبيا، وهو غير قانوني ومخالف للقانون الدولي”، مؤكدا أن القاهرة تدرك أن المسار التفاوضي الممتد منذ نحو 15 عاما “وصل إلى طريق مسدود”.
وأضاف أن الأمن المائي المصري “تهديد وجودي”، وأن مصر ستستخدم كل ما يسمح به القانون الدولي لضمان حقوقها في مياه النيل، الذي يمثل المصدر الرئيسي للمياه العذبة في البلاد.
وخلال السنوات الماضية، توسعت مصر في إنشاء محطات تحلية مياه البحر للحد من الفجوة بين الاحتياجات المائية والموارد المتاحة، بينما تؤكد أن أي إجراءات تتخذها إثيوبيا بشأن النيل دون اتفاق “لا يمكن قبولها”.
إثيوبيا: مصر تتمسك بـ”عقلية الحقبة الاستعمارية”
وكانت أديس أبابا قد وجهت هجوما حادا للقاهرة الأسبوع الماضي، متهمة إياها بالتمسك بـ”عقلية الحقبة الاستعمارية” وباتفاقيات قديمة لم تعد مناسبة للواقع الحالي. وترى إثيوبيا أن سد النهضة مشروع سيادي يقع بالكامل داخل حدودها، وأن تشغيله يجب أن يخضع لقوانينها الوطنية.
وتؤكد القاهرة أنها تريد اتفاقا “عادلا وملزما” لتشغيل السد يلبي احتياجات الدول الثلاث: مصر والسودان وإثيوبيا، بينما تتمسك أديس أبابا بأن السد حق مشروع للتنمية وتوليد الطاقة.
ومع التصعيد المتبادل وإغلاق مسار المفاوضات، تزداد المخاوف من استمرار الأزمة دون حل، في وقت يصفه مراقبون بأنه الأخطر منذ بدء بناء السد قبل أكثر من عقد.










