«السعودية تفتح خزائنها وصلاح يفتح قلبه: بين “كرامة النجم” وضغوط ليفربول المنهار”
محمد صلاح يعيش واحدة من أكثر الفترات توترًا في مسيرته مع ليفربول، بعد تجدد الجدل حول مستقبله عقب تصريحات نارية عن استيائه من الجلوس على مقاعد البدلاء وقرارات المدرب آرني سلوت، في وقت تتكثف فيه عروض وضغوط سعودية للظفر بتوقيعه في الميركاتو الشتوي رغم ارتباطه بعقد ممتد حتى 2027.
إدارة ليفربول تعلن تمسكها به، بينما يحاول سلوت الموازنة بين مكانة صلاح التاريخية وحاجته لإحداث “هزة فنية” في فريق يمر بأزمة نتائج غير مسبوقة منذ تتويجه بالدوري.
عقد طويل.. وواقع متفجّر
محمد صلاح حسم في أبريل الماضي واحدًا من أطول مسلسلات العقود في الكرة العالمية بتوقيع تمديد جديد مع ليفربول يبقيه في أنفيلد حتى صيف 2027، في صفقة وُصفت حينها بأنها “انتصار” للمشروع الجديد تحت قيادة آرني سلوت.
هذا التمديد منح النادي قوة تفاوضية ضخمة، فلا توجد بند جزائي واضح، ما يعني أن أي رحيل لن يتم إلا بشروط مالية يفرضها ليفربول.
لكنّ المشهد تغيّر جذريًا خلال الخريف؛ نتائج ليفربول تراجعت بشدة، والفريق الذي توّج بالدوري في الموسم الماضي أصبح يخسر على التوالي في البريميرليغ ويفقد بريقه، ليجد صلاح نفسه في قلب عاصفة نقد تطال الهجوم كله وليس هو وحده.
في هذا المناخ المحتقن، جاء قرار سلوت بإبعاده عن التشكيل الأساسي لعدة مباريات متتالية ليحوّل الغضب المكتوم إلى انفجار أمام الإعلام.
انفجار تصريحات صلاح وضربة الإبعاد
التصعيد بلغ ذروته عندما ألمح صلاح في مقابلة تلفزيونية إلى أنه “لا يقبل الوضع الحالي” وأن مباراة برايتون القادمة قبل انضمامه لمعسكر منتخب مصر قد تكون الأخيرة له في أنفيلد، في كلمات فُهمت كرسالة مفتوحة للإدارة والجماهير بأن علاقته مع سلوت دخلت مرحلة الخطر.
وفي أعقاب هذه التصريحات، قرر ليفربول استبعاده من قائمة مواجهة إنتر ميلان في دوري الأبطال “لتهدئة الأجواء” ومنحه استراحة مؤقتة عن الضغوط، بحسب تقارير إنجليزية.
التسريبات من داخل النادي تتحدث عن جلسات مطولة بين صلاح ووكيله رامي عباس، مع شعور الطرف المصري بأن اللاعب يتم تحميله جزءًا مبالغًا فيه من مسؤولية تراجع الفريق، وأن العلاقة مع سلوت شهدت شرخًا واضحًا عقب سلسلة المباريات التي جلس فيها على الدكة.
في المقابل، يحرص المسؤولون الرياضيون في ليفربول على إبقاء باب “التهدئة” مفتوحًا، مع تأكيد أن استبعاده مؤقت وليس قرارًا نهائيًا بإقصائه من المشروع.
سلوت بين العناد الفني وخسارة غرفة الملابس
آرني سلوت، الذي جاء كخليفة صعب للمحبوب يورغن كلوب، يعيش بدوره أصعب لحظاته الفنية؛ الفريق تعرض لسلسلة من الهزائم الثقيلة، والإعلام يتحدث عن “أزمة هوية” في طريقة اللعب.
ورغم ذلك، تشير تقارير موثوقة إلى أن إدارة ليفربول لا تفكر في إقالته حاليًا، بل تعلن ثقة كاملة في قدرته على قلب الطاولة، مؤكدة أن ما يحدث “مرحلة انتقالية” طبيعية بعد موسم اللقب.
سلوت من جهته يرفض حتى الآن تغيير فلسفته جذريًا، متمسكًا بضغط عالٍ وتنقل سريع للكرة، ويصر على أن تراجع النتائج يرتبط بإهدار الفرص وضعف الاستقرار الدفاعي أكثر من كونه مشكلة أسماء، مستشهدًا بأن لاعبين بحجم صلاح وكوناتي ما زالوا يحظون بدعمه الكامل.
لكن مع تصاعد العاصفة حول مستقبل النجم المصري، بات المدرب الهولندي محاصرًا بين خيارين مكلفين: التمسك بقراراته حتى النهاية، أو تقديم تنازلات تكتيكية وإدارية للحفاظ على توازن غرفة الملابس.
الإغراء السعودي يعود بقوةفي خلفية هذا المشهد، تتحرك الأندية السعودية وعلى رأسها أندية مدعومة من صندوق الاستثمارات العامة لمراقبة الوضع عن قرب، مع تصريحات منسوبة لمصادر هناك تؤكد الاستعداد لـ “فعل كل شيء ممكن” من أجل إحضار صلاح إلى دوري روشن
الاهتمام السعودي ليس جديدًا، لكنه الآن يتغذى على توتر علني بين اللاعب وناديه، وعلى حقيقة أن ليفربول قد يفضّل بيعًا ضخمًا في يناير أو الصيف بدلًا من الاحتفاظ بلاعب غير راضٍ حتى نهاية عقده.
مع ذلك، تبقى الكلمة الأولى والأخيرة للنادي، فالعقد حتى 2027 يمنحه يدًا عليا في التفاوض، بينما ترتبط قوة موقف صلاح بقدرته على الضغط العلني أو التلويح بعدم التجديد بعد انتهاء العقد الحالي، وهو سيناريو سيجعل الإدارة تفكر ماليًا بواقعية أكبر.
التقارير تؤكد أنه حتى الآن لا توجد موافقة مبدئية على أي عرض، وأن كل شيء سيتوقف على ما سيحدث بعد عودته من كأس الأمم الأفريقية.
ما بين كأس أفريقيا ومستقبل المشروع
في المدى القريب، يركز صلاح على التوجه إلى معسكر منتخب مصر للمشاركة في كأس الأمم، لكن البطولة نفسها تتحول إلى مفصل في مساره مع ليفربول؛ تألقه هناك سيزيد من قيمته التفاوضية سواء للبقاء أو للرحيل، بينما أي تراجع قد يمنح النادي ورقة ضغط إضافية في المفاوضات.
الاتحاد المصري لكرة القدم أبدى دعمه العلني له في الأزمة، في إشارة رمزية بأن “نجم المنتخب” لا يجب أن يتحول إلى كبش فداء في ناديه.
جماهير ليفربول والعالم العربي تتابع الآن فصولًا مفتوحة من صراع نادر بين رمز عربي تاريخي في البريميرليغ ومدرب يحاول تثبيت مشروعه في واحدة من أصعب البيئات تكتيكيًا وجماهيريًا في أوروبا.
وبين رغبة صلاح في اللعب بلا قيود، وسعي سلوت للسيطرة على غرفة الملابس، وبين ضغوط السوق السعودي وقيود العقد حتى 2027، يبدو أن قصة “مو صلاح وسلوت” لم تكتب فصلها الأخير بعد، بل تدخل فقط منطقة أكثر اشتعالًا في شتاء 2025.










