ثورة ما بعد مودريتش: ريال مدريد الجديد.. موهبة خارقة لكن بلا أمان دفاعي
ريال مدريد يعيش فترة متأرجحة بين صحوة محلية وتحديات قارية، مع توهج واضح لصفقة كيليان مبابي وتثبيت مكانة جود بيلينجهام، مقابل أزمة إصابات وإيقافات تضرب خط الدفاع وتضع المدرب تشابي ألونسو تحت ضغط مضاعف قبل مواعيد حاسمة في الليجا ودوري الأبطال.
ورغم النتائج المتذبذبة في الأسابيع الأخيرة، ما زال الفريق في سباق الصدارة محليًا ويحافظ على مكانته بين الكبار أوروبيًا، لكنه يدفع ثمن مرحلة انتقالية كبيرة بعد رحيل قيادات تاريخية وتغيير عميق في شكل القائمة.
موسم انتقالات ناري وبداية متقلبة
إدارة ريال مدريد دخلت صيف 2025 بأحد أقوى أسواق الانتقالات في تاريخ النادي الحديث، بعد إنفاق ضخم وصل إلى ما يقرب من 170 مليون يورو لضم أسماء بارزة مثل كيليان مبابي والمدافع دين هويخسن والموهبة الأرجنتينية فرانكو ماستانتوونو، إلى جانب الظهير الأيسر ألفارو كارّيراس من بنفيكا.
في المقابل، ودّع الفريق قائده التاريخي لوكا مودريتش والجناح المخضرم لوكاس فاسكيز وغيرهما من الأسماء التي شكلت عمودًا فقريًا في غرفة الملابس، ما جعل الموسم الحالي أول اختبار حقيقي لجيل جديد بلا بعض رموزه الأقدم.
هذا التحول الكبير منح ريال مدريد طاقة هجومية هائلة ظهرت في مباريات مثل رباعية مبابي في دوري الأبطال أمام أولمبياكوس، لكنه كشف أيضًا عن ثغرات واضحة في التوازن الدفاعي والتنظيم التكتيكي في بعض مواجهات الليجا.
جمهور البرنابيو بات يرى فريقًا أكثر سرعة وجرأة في الثلث الهجومي، لكن أقل صلابة في إدارة الفترات الصعبة من المباريات مقارنة بنسخ زين الدين زيدان أو كارلو أنشيلوتي.
وضع الفريق في الليجا ودوري الأبطال
في الدوري الإسباني، يتواجد ريال مدريد في المراكز الأولى، مصارعًا على القمة بفارق نقاط محدود عن برشلونة وأتلتيكو وفيا ريال، مع سجل قوي هجوميًا لكن حصيلة نقاط تراجعت مؤخرًا بفعل تعادلات وهزائم غير متوقعة.
التعثرات المتتالية، ومنها السقوط أمام سيلتا فيجو، أعادت الجدل حول قدرة الفريق على الحفاظ على ثباته في سباق طويل يتطلب عمقًا في القائمة واستقرارًا دفاعيًا أكبر.
أوروبيًا، يقدّم ريال مدريد وجهًا أكثر شراسة، حيث حقق نتائج مميزة في دوري أبطال أوروبا، مع سلسلة من الانتصارات في المرحلة الأولى وضعته ضمن فرق النخبة في الترتيب قبل الأدوار الإقصائية.
الأداء الهجومي بقيادة مبابي وبيلينجهام جعل الفريق من بين أقوى خطوط الهجوم في المسابقة، لكن الإعلام الإسباني ما زال يحذّر من هشاشة الخط الخلفي أمام المنافسين الكبار مثل مانشستر سيتي.
لعنة الإصابات والإيقافات تضرب الدفاع
الصداع الأكبر حاليًا في ريال مدريد يتمثل في خط الدفاع، بعد تزايد الإصابات والغيابات في وقت حساس من الموسم.
تقارير صحفية أكدت أن مبابي نفسه يدخل بعض المباريات الكبرى وهو محل شك بداعي الإصابة، بينما يواجه المدافعون دافيد ألابا ودين هويخسن مشكلات عضلية، إلى جانب غياب طويل للبرازيلي ميليتاو بسبب إصابة في الوتر.
الأزمة تعمقت أكثر مع قرارات الإيقاف التي طالت أربعة لاعبين دفعة واحدة بسبب ما حدث في مواجهة سيلتا فيجو، حيث تعرض ألفارو كارّيراس، إندريك، وداني كارفاخال لعقوبة إيقاف مباراتين، فيما أوقف فران جارسيا لمباراة واحدة فقط، ما يعني غيابهم عن لقاء ديبورتيفو ألافيس وبعضهم عن موقعة إشبيلية ختام 2025.
هذه الضربات تجعل ريال مدريد يدخل مرحلة الاحتفالات بنهاية العام دون ظهير أيسر طبيعي في بعض اللقاءات، مع استمرار تعافي فيرلان ميندي، الأمر الذي يفرض على ألونسو حلولًا تكتيكية اضطرارية قد تشمل تغيير الرسم أو توظيف لاعبي الوسط في الأدوار الدفاعية.
تشابي ألونسو بين التحدي والفرصة
الموسم الحالي يمثل الاختبار الأكبر لمسيرة تشابي ألونسو التدريبية مع ريال مدريد، إذ يقود مشروعًا يحتاج إلى نتائج فورية دون ترف الوقت لإعادة البناء الهادئ.
المدرب الإسباني يحاول المزج بين جيل النجوم الكبار الوافدين مثل مبابي وبيلينجهام، وجيل الصاعدين من الكاستيا والصفقات الشابة، وهو توازن معقد في نادٍ لا يقبل سوى المنافسة على كل الألقاب.
حتى الآن، يظهر الفريق بشخصية هجومية واضحة وضغط عالٍ في معظم المباريات، لكن بعض القرارات التكتيكية وتدوير التشكيلة مع ضغط الإصابات والإيقافات تضع ألونسو تحت مجهر النقد كلما تعثر الفريق في الليجا.
مستقبل الموسم سيتوقف إلى حد كبير على كيفية تجاوزه لشهر ديسمبر وبداية العام الجديد بأقل خسائر ممكنة دفاعيًا، مع الحفاظ على زخم الانتصارات في دوري الأبطال قبل الدخول في صدامات ربع النهائي ونصف النهائي.
مزاج الجماهير وآفاق المرحلة المقبلة
جماهير ريال مدريد منقسمة بين إعجاب بأداء مبابي وبيلينجهام وبقية المواهب الجديدة، وبين قلق من أن يكون الفريق قد خسر جزءًا من صلابته التاريخية التي كانت تحسم أصعب الليالي الأوروبية.
البعض يرى أن المشروع الحالي خطوة ضرورية لانتقال النادي إلى جيل جديد قادر على قيادة العقد القادم، ولو على حساب بعض التعثرات في الطريق.
الأسابيع المقبلة، التي تجمع بين استكمال مشوار الليجا والاشتباكات الأوروبية الكبرى، ستحدد ما إذا كان موسم 2025-2026 سيُذكر كنقطة انطلاق لريال مدريد متجدد، أم كمرحلة انتقالية مكلفة كشفت ثمن المغامرة بتغيير جلد الفريق في زمن قصير.
وفي كلتا الحالتين، يبقى النادي الملكي في قلب المشهد، تحت الأضواء، بمزيج دائم من الضغوط والآمال التي لا تهدأ في سانتياجو برنابيو.










