تقاطعت تقارير إعلامية ودبلوماسية، اليوم الجمعة 12 ديسمبر 2025، حول طلب رسمي تقدمت به كل من فرنسا والحكومة السورية الجديدة إلى السلطات اللبنانية من أجل اعتقال وتسليم اللواء جميل الحسن، المدير السابق لإدارة المخابرات الجوية السورية، الذي يلاحق بتهم تتعلق بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال حقبة نظام بشار الأسد.
ويأتي الطلب، الذي كشفت عنه صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، في إطار ضغوط قانونية ودولية أعقبت سقوط النظام السوري في ديسمبر 2024 وتشكيل حكومة انتقالية تدعم إجراءات العدالة والمحاسبة.
يتساقطون كالذباب..”طلال مخلوف” ابن شقيقة أنيسة زوجة حافظ الأسد في قبضة الجولاني
فرنسا وسوريا الجديدة على خط واحد
ووفق الصحيفة، فإن باريس ودمشق تعتبران اللواء جميل الحسن أحد أبرز المسؤولين الأمنيين المتورطين في عمليات القمع الواسع التي رافقت احتجاجات عام 2011، بما في ذلك التعذيب الممنهج، الاختفاء القسري، والإشراف على ضربات البراميل المتفجرة.
فرنسا تستند بشكل خاص إلى ملفات تتعلق بمقتل مواطنين فرنسيين من أصول سورية، مثل مازن وباتريك دباغ، بينما ترى الحكومة السورية الجديدة أن تسليم الحسن يشكل ركيزة لعملية العدالة الانتقالية.
جميل الحسن: قصة صحفي حول معاناة سوريا إلى صدى عالمي
لبنان: غموض حول مكان الحسن واستعداد للتعاون
نقلت الصحيفة عن مسؤول قضائي لبناني رفيع أن السلطات اللبنانية لا تمتلك معلومات مؤكدة عن مكان وجود الحسن، لكنها تبدي التزاما بالتعاون مع الطلبات الدولية.
وكان رئيس الوزراء المكلف نجيب ميقاتي قد أعلن في ديسمبر 2024 جاهزية لبنان للتنسيق مع الإنتربول لاعتقال الحسن في حال وجوده داخل الأراضي اللبنانية.
وتشير تقارير أمنية إلى أن لبنان يحتجز حاليا نحو 30 ضابطا سوريا سابقا كانوا قد دخلوا البلاد بعد انهيار النظام، وبعضهم قيد التحقيق بشبهة دخول غير شرعي أو ارتكاب انتهاكات.
إقليم الساحل السوري: دلالات إعلان “فتى الساحل” رامي مخلوف
خلفية قانونية موسعة: مذكرات توقيف أوروبية وأمريكية
يذكر أن اللواء جميل الحسن صدر بحقه حكم غيابي من القضاء الفرنسي في مايو 2024 بتهم جرائم حرب، كما صدرت بحقه مذكرات توقيف أمريكية في ديسمبر 2024 على خلفية تعذيب معتقلين، بمن فيهم أمريكيون مثل الصحافي أوستن تايس.
وسبق لألمانيا عام 2019 أن طلبت من لبنان تسليمه أثناء وجوده للعلاج الطبي، لكن الطلب لم ينفذ.
سجل حقوقي مثير للجدل
ورد اسم الحسن في تقارير حقوقية بارزة، من بينها تقرير هيومن رايتس ووتش لعام 2012 بعنوان “أقبية التعذيب”، والذي وثق شهادات عديدة عن عمليات الاعتقال التعسفي والتعذيب في مراكز المخابرات الجوية.
من هو رامي مخلوف؟ مؤسس إقليم الساحل السوري
كما أدرجته سامانثا باور، مندوبة الولايات المتحدة السابقة في مجلس الأمن، عام 2016 ضمن قائمة مسؤولين متهمين بارتكاب انتهاكات واسعة بحق المدنيين السوريين.
وبحسب منظمات حقوقية، على رأسها العفو الدولية، ينسب إلى إدارة المخابرات الجوية خلال فترة قيادته إصدار ما يقارب 33 ألف مذكرة اعتقال، إلى جانب آلاف حالات الاختفاء القسري والوفيات تحت التعذيب، استنادا إلى تقارير مثل “إنه يحطم إنسانيتك” (2015) و“لو تكلم الموتى”.
علاقات قوية مع روسيا ودور أساسي في صعود “النمر”
يشار إلى أن الحسن كان يعرف داخل المؤسسة الأمنية السورية بكونه “الأب الروحي” للعميد سهيل الحسن (النمر)، حيث شارك في رعاية صعوده وتوسيعه نفوذ قواته.
شبكة الـ 14 غرفة قيادة سرية.. تفاصيل مخطط “المخلص” مخلوف و”الحاكم” حسن لإسقاط الشرع
كما تربطه علاقة وثيقة بالقيادة العسكرية الروسية في سوريا، ويقال إنه احتفظ في مكتبه بثلاثة أعلام روسية إلى جانب علم النظام السوري، فيما منحته القوات الروسية شارات تكريم ووساما لعدد من المنتسبين لقوات النمر.
مصير مجهول… وضغوط متصاعدة
رغم تعدد الروايات، لا يزال مكان الحسن غير مؤكد، فيما يرى مراقبون أن الطلب الفرنسي – السوري المشترك يمثل أول اختبار جدي للحكومة اللبنانية بين التزاماتها الدولية من جهة، وتعقيدات علاقاتها الإقليمية من جهة أخرى.
وتشير التحليلات إلى أن تسليمه – إن حدث – سيكون أكبر خطوة قضائية في ملف محاسبة مسؤولي النظام السوري السابق، وربما يفتح الباب أمام ملفات أوسع تطال ضباطا وشخصيات رفيعة أخرى.










