أثارت موسيقى الراب الإيرانية موجة جدل دولية بعد أن أعادت وزارة الخارجية الأمريكية نشر فيديو موسيقي للفنان توماج صالحي بعنوان “الراب لا يريد رخصة، بل يريد كبدا”، في خطوة أكدت من خلالها أن إيران تستفيد ماليا من شعبية هذا النوع الموسيقي بينما تقمع في الوقت نفسه الفنانين الذين يعكسون صوت الشعب الحقيقي في أعمالهم.
قمع الفنانين واستغلال الشعبية
أكدت وزارة الخارجية الأمريكية أن السلطات الإيرانية تدعم الفنانين الذين يوافقون على سياسات الحكومة، فيما يقبع المغنون المنتقدون خلف القضبان.
وأوضحت الوزارة أن مغني الراب مثل توماج صالحي، ودانيال مقدم، ووفا أحمدبور قد تعرضوا للاعتقال والسجن بسبب أغانيهم ذات الطابع السياسي، بينما تواجه مغنيات الراب قيودا أشد تمنع بموجبها من الأداء أو إصدار أعمالهن.
في هذا السياق، قال توماج صالحي: “لا يحتاج الراب إلى ترخيص، بل يحتاج إلى كبد”، مؤكدا أن “لا يمكن لأي حكومة أن تسلب شجاعة الشعب الإيراني”.
الراب الاحتجاجي: صوت الشباب المنسي
تاريخيا، ولد الراب الفارسي قبل نحو ثلاثة عقود كنوع موسيقي سري ومعارض للهياكل الرسمية، لم يمنح ترخيصا ولم يصنع للبث العام، ليصبح لغة احتجاج لجيل الشباب الذي يعبر عن تجربته مع الرقابة والقمع والتمييز الاجتماعي.
وقد برز هذا الطابع الاحتجاجي مجددا خلال حركة “المرأة، الحياة، الحرية”، حيث أصبح الراب وسيلة رئيسية لنقل الغضب والدعوة والاحتجاج الاجتماعي إلى ما وراء حدود إيران عبر منصات التواصل الاجتماعي.
برنامج “Gang” على منصة Filmo، الذي ضم الفنان محمد رضا شايح، أثار بدوره ردود فعل واسعة في مجتمع الراب الفارسي، مؤكدا على استمرار الراب كأداة للتعبير عن فئات المجتمع المهمشة، كما كتب توماج صالحي على إنستغرام: “لطالما كان الراب ولا يزال ملكا للفئات المهمشة، ولا يمكن لأي قدر من المال أو السلاح أن يغير هذه المعادلة”.
الضغوط الحكومية ومحاولة السيطرة الثقافية
يرى المراقبون أن الحكومة الإيرانية تسعى إلى ممارسة السيطرة الثقافية على موسيقى الراب والفنانين البديلين، حيث لا ينظر إلى الراب كمجال للتعبير الفني المستقل، بل كأداة يمكن توظيفها في إدارة الثقافة العامة والتأثير على عقول الجيل الجديد.
ويحاول النظام من خلال هذا التوجه هندسة سوق الموسيقى، والتحكم في المحتوى المقدم للجمهور، ما أثار انتقادات واسعة من الناشطين والفنانين المحليين والدوليين.
موسيقى الراب الإيرانية ليست مجرد أغان، بل أصبحت ساحة احتجاجية واجتماعية وسياسية، تعكس صراعا أكبر بين حرية التعبير والرقابة الرسمية.
ويستمر الراب كرمز للشجاعة والإصرار على التعبير عن صوت الشعب، في مواجهة نظام يسعى للاستفادة من شعبيته وفي الوقت نفسه فرض قيوده على الفنانين الذين لا ينساقون خلف أجندته.










