يشهد قطاع السياحة الثقافية في الهند ظاهرة متنامية وغير تقليدية، تتمثل في بيع تذاكر لحضور حفلات الزفاف الهندية، ما يتيح للسياح الأجانب فرصة نادرة للانغماس في واحدة من أكثر المناسبات الاجتماعية ثراءً بالألوان والطقوس والتقاليد.
ومع تحوّل حفلات الزفاف الهندية إلى مهرجانات ضخمة تمتد لأيام، ظهرت شريحة جديدة من الزوار، وهم أجانب لا تجمعهم أي صلة بالعروسين، لكنهم مستعدون للدفع مقابل خوض هذه التجربة الثقافية الفريدة.
تجربة شخصية: عيد ميلاد في حفل زفاف هندي
لويز برو، مدرسة موسيقى أسترالية مقيمة في دبي، احتفلت بعيد ميلادها الستين بطريقة غير مألوفة، بحضور حفل زفاف هندي في مدينة جايبور دون دعوة رسمية، لكنها دفعت ثمن تذكرة المشاركة.
بعد سنوات من سماعها عن فخامة حفلات الزفاف الهندية، قررت خوض التجربة بنفسها، فارتدت الساري والمجوهرات التقليدية، وشاركت في الاحتفالات التي استمرت ست ساعات، وسط فضول وترحيب من المدعوين.
وتقول برو إن التجربة كانت «ترفيهًا خالصًا»، مضيفة أنها تعرّفت على طقوس وتقاليد لم تكن تفهم تفاصيلها، لكنها أُعجبت بالروح الاحتفالية والبعد الروحي والبصري للمناسبة.
من بوليوود إلى الواقع
ساهمت الأعمال الدرامية مثل مسلسل «صُنع في الجنة»، إلى جانب حفلات زفاف الأثرياء في الهند، وعلى رأسها حفل زفاف عائلة أمباني الذي حظي بانتشار عالمي، في تسليط الضوء على البذخ المميز لحفلات الزفاف الهندية، وتحويلها إلى منتج سياحي جذاب.
هذه الحفلات، التي تضم أحيانًا آلاف الضيوف، لا تُعد مناسبات خاصة بقدر ما هي احتفالات جماعية تعكس التقاليد الاجتماعية والدينية الهندية.
منصة «Join My Wedding»… الفكرة تتحول إلى سوق
تقف خلف هذه الظاهرة أورسي باركاني، أسترالية من أصل مجري، أسست منصة «Join My Wedding» عام 2016، لربط السياح بالأزواج الهنود الراغبين في استقبال ضيوف أجانب مقابل رسوم.
تتيح المنصة للزوار حضور حفلات الزفاف مقابل 150 دولارًا لليوم الواحد أو 250 دولارًا لعدة أيام، يحصل العروسان على أكثر من 60% منها. وحتى اليوم، شارك نحو 500 سائح من أوروبا وأميركا وأستراليا والإمارات في هذه التجربة.
وبعد تراجع النشاط خلال جائحة كورونا، استعادت المنصة زخمها، وتضم حاليًا نحو 6000 حفل زفاف، مع توقعات بارتفاع العدد إلى 10 آلاف خلال موسم الزفاف الممتد من نوفمبر إلى فبراير.
انغماس ثقافي عميق
بالنسبة لمسافرين مثل برونو، الهولندي البرازيلي البالغ من العمر 36 عامًا، كانت المشاركة في حفل زفاف هندي بولاية كيرالا بمثابة تجربة ثقافية عميقة، وصفها بأنها مختلفة تمامًا عن حفلات الزفاف الغربية الصغيرة.
وأشار إلى أن الترحيب، والألوان، والرقص، والطعام، وودّ العروسين، جعلته يشعر وكأنه جزء من العائلة، رغم كونه ضيفًا غريبًا.
أرباح إضافية ونقاش اجتماعي
يستفيد بعض الأزواج الهنود من هذا التوجه لتخفيف تكاليف حفلات الزفاف الباهظة. فإيشا شارما وخطيبها جيريندرا سينغ من جايبور، اللذان ينفقان نحو أربعة ملايين روبية على حفل زفافهما، قررا بيع تذاكر الحضور للأجانب، معتبرين ذلك فرصة للتبادل الثقافي إلى جانب العائد المادي.
ورغم أن فكرة تقاضي المال مقابل حضور حفل زفاف لا تزال مثار جدل داخل المجتمع الهندي، يرى مؤيدوها أنها وسيلة جديدة للتعريف بالثقافة الهندية وتعزيز السياحة التجريبية.
ظاهرة مرشحة للنمو
مع تنامي الاهتمام العالمي بالتجارب الأصيلة، وتحوّل حفلات الزفاف الهندية إلى حدث ثقافي عالمي، يبدو أن هذه الظاهرة مرشحة لمزيد من الانتشار، لتصبح حفلات الزفاف في الهند ليس فقط مناسبة عائلية، بل تجربة سياحية مدفوعة تحمل طابعًا ثقافيًا فريدًا.










