تقارير دولية تحذر من تصاعد جرائم الاستغلال الجنسي للأطفال عبر الإنترنت مع أرقام صادمة في كينيا، ودعوات عاجلة لتشديد القوانين وتعزيز دور الحكومات وشركات التكنولوجيا والأسر.
تقرير خاص
حذرت تقارير حقوقية حديثة من تصاعد مقلق في جرائم الاستغلال والاعتداء الجنسي على الأطفال عبر الإنترنت، وسط أرقام صادمة تكشف حجم الخطر الذي يواجهه الأطفال في الفضاء الرقمي، خاصة في الدول الإفريقية، مع مطالبات بتشديد القوانين وتعزيز دور الحكومات وشركات التكنولوجيا والأسر.
وكشفت بيانات رسمية في كينيا أن المركز الوطني للأطفال المفقودين والمستغلين سجل أكثر من 46 ألف بلاغ عن الاستغلال الجنسي للأطفال عبر الإنترنت خلال عام 2023 فقط، في مؤشر خطير على اتساع الظاهرة وتسارعها.
وأظهر مسح أساسي أجراه برنامج سلامة الأطفال وحقوقهم على الإنترنت (SCROL) أن نحو 47.7% من الأطفال تعرضوا لشكل واحد على الأقل من الأذى الرقمي، بما في ذلك الاستدراج الجنسي، والتنمر الإلكتروني، أو التعرض لمحتوى جنسي غير لائق.
أرقام صادمة وتهديد مباشر للطفولة
وأفاد 28% من الأطفال الذين شملهم الاستطلاع بأنهم طُلب منهم مشاركة صور ذات طابع جنسي، فيما اعترف قرابة ربع المراهقين الأكبر سنًا بلقاء أشخاص غرباء تعرفوا عليهم لأول مرة عبر الإنترنت.
وتشير البيانات إلى أن الفتيات الأكثر عرضة للخطر، حيث تعرضت 35% منهن لضغوط لمشاركة محتوى جنسي، مقابل 22% من الأولاد، ما يعكس فجوة واضحة في طبيعة الاستهداف والتهديد.
ويرى خبراء أن هذه الجرائم تترك آثارًا نفسية واجتماعية عميقة، تؤثر على الصحة النفسية للأطفال، وقدرتهم على التعلم، وتفاعلهم الاجتماعي، محذرين من أن تجاهل هذه المخاطر يهدد تماسك المجتمعات على المدى الطويل.
ضعف وعي الأسر بالأمن الرقمي
وأظهرت دراسة حديثة حول تصورات أولياء الأمور أن معظم الآباء يفتقرون إلى الثقافة الرقمية الكافية لحماية أطفالهم من الاستغلال الجنسي عبر الإنترنت، ويلجؤون في الغالب إلى التحذير أو العقاب بدلًا من التوجيه والحوار.
وأقر عدد كبير من مقدمي الرعاية بصعوبة فهم منصات التواصل الاجتماعي وإعدادات الخصوصية، إضافة إلى قلة النقاشات المفتوحة مع الأطفال حول مخاطر الإنترنت، رغم إبداء رغبة واسعة في تلقي تدريبات وأدوات للتثقيف الرقمي.
دعوات لتحرك شامل
وأكدت تقارير حقوقية أن مواجهة الاستغلال الجنسي للأطفال عبر الإنترنت مسؤولية جماعية، تبدأ من الحكومات عبر تحديث التشريعات وتخصيص ميزانيات واضحة لحماية الطفل، مرورًا بـ أجهزة إنفاذ القانون التي مطالبة بالتحرك السريع وبمقاربات تراعي حقوق الضحايا، وصولًا إلى شركات التكنولوجيا التي يجب أن تدمج حماية الأطفال ضمن تصميم منصاتها منذ البداية.
كما شددت التقارير على دور الأسر باعتبارها خط الدفاع الأول، وضرورة تمكين الأطفال أنفسهم من الإبلاغ عن الانتهاكات والمشاركة في حملات التوعية بين أقرانهم.
تقدم ملموس وتحديات مستمرة
ومنذ عام 2022، أسهم برنامج SCROL في تحسين آليات الاستجابة الوطنية في كينيا، عبر شراكات موسعة بين الحكومة والمجتمع المدني والقطاع الخاص، ما أدى إلى تسريع التحقيقات وزيادة معدلات الملاحقة القضائية في قضايا الاستغلال الجنسي الرقمي.
ورغم هذا التقدم، لا يزال ملايين الأطفال حول العالم عرضة للاستدراج والاستغلال، في ظل تحديات متزايدة أبرزها المحتوى الناتج عن الذكاء الاصطناعي، وضعف وعي الأسر، وبطء الإجراءات القضائية.
مطالب دولية عاجلة
وخلال قمة إفريقيا للأطفال 2025، طالب الأطفال بالاعتراف بالأمن الرقمي كحق أساسي من حقوق الطفل، مؤكدين أن التوعية وحدها لا تكفي، وأن الحلول المستدامة تتطلب دمج السلامة الرقمية في أنظمة التعليم والسياسات العامة.
وأكدت التقارير أن حماية الأطفال من الاستغلال الجنسي، سواء عبر الإنترنت أو خارجه، لم تعد خيارًا، بل ضرورة إنسانية عاجلة تتطلب تحركًا فوريًا ومنسقًا على المستويات كافة.










