تعليق الدراسة أسهل الحلول: هل صار سوء الطقس شماعة لتعطيل التعليم فى السعودية كل شتاء؟
السعودية تعيش اليوم واحدًا من أكثر أيام الشتاء تقلبًا، مع استمرار تأثير الحالة المطرية المصحوبة بانخفاض درجات الحرارة وموجة باردة أولى هذا الموسم تمتد على مناطق واسعة من المملكة.
وبينما تستعد مدن عدة لأمطار رعدية غزيرة ورياح نشطة، تتوسع قرارات تعليق الدراسة الحضورية والتحول للتعليم عن بُعد في بعض المناطق، بذريعة «سلامة الطلاب»، في مشهد يفتح النقاش حول جاهزية البنية التحتية وقدرة المؤسسات على التعامل مع الطقس كواقع لا كاستثناء عابر.
ملامح الطقس اليوم في المملكة
تشير بيانات المركز الوطني للأرصاد إلى أن المملكة تشهد حالة جوية غير مستقرة، تتضمن أمطارًا رعدية متفاوتة الشدة ورياحًا نشطة وانخفاضًا ملحوظًا في درجات الحرارة، مع أول موجة باردة حقيقية لهذا الشتاء تمتد حتى نهاية الأسبوع.
وتتراوح الأجواء بين باردة إلى شديدة البرودة ليلًا في المناطق الشمالية والوسطى، مع احتمال ملامسة الصفر المئوي في بعض الأجزاء الشمالية، مقابل أجواء أقل حدة نسبيًا في بعض المدن الساحلية والجنوبية
وتشمل الحالة المطرية مناطق واسعة من المملكة، مع استمرار فرص الأمطار الغزيرة المصحوبة بزخات البرد على أجزاء من الرياض والشرقية ومناطق جازان وعسير والباحة والأجزاء الجنوبية من مكة المكرمة، مع تحذيرات من جريان السيول في الأودية والمنحدرات.
كما لا يُستبعد هطول أمطار خفيفة إلى متوسطة على أجزاء من الحدود الشمالية والجوف وتبوك وبعض مناطق القصيم والمدينة المنورة، مع فرص تشكل ضباب كثيف في ساعات الصباح على عدة طرق.
تأثيرات الأمطار والرياح على المدن والمناطق
المدن الكبرى في وسط وشرق المملكة، وعلى رأسها الرياض والدمام، تواجه مزيجًا من أمطار رعدية ورياح نشطة مثيرة للأتربة، ما يرفع احتمالات تدني الرؤية الأفقية على الطرق السريعة وتعطل الحركة المرورية في ساعات الذروة.
وتشير تقارير الطقس إلى أن المنطقة الشرقية تتأثر بسحب رعدية كثيفة مع استمرار فرص الأمطار الغزيرة وانخفاض في درجات الحرارة، بينما تتعرض أجزاء من مكة ومحيطها لهطولات قوية سجلت في الأيام الماضية كميات أمطار قياسية حول جدة وينبع.
وفي المقابل تسجل مدن ساحلية مثل جدة اليوم أجواء أكثر هدوءًا نسبيًا مع طقس صافٍ وتميل درجات الحرارة إلى الاعتدال نهارًا، لكن ذلك لا يلغي استمرار تأثيرات الجولة المطرية السابقة التي خلفت سيولًا مفاجئة في بعض الأحياء والطرق.
أما المرتفعات الجنوبية الغربية، فيستمر عليها سيناريو السحب الرعدية المتجددة مع نشاط الرياح، ما يجعلها في قلب الحالة الجوية بين أمطار جبلية غزيرة وانخفاض ملحوظ في الحرارة ليلًا.
قرارات تعليق الدراسة وجدل الاستعداد
توسعت خلال الساعات الماضية قرارات إدارات التعليم في عدد من المناطق لتعليق الدراسة الحضورية والتحول إلى التعليم عن بُعد، استنادًا إلى تحذيرات المركز الوطني للأرصاد من الأمطار الغزيرة والتقلبات الجوية.
وتبرر الجهات الرسمية هذه القرارات بالحفاظ على سلامة الطلاب والطالبات في ظل توقعات بسيول محتملة وتدني الرؤية، بينما يرى منتقدون أن الاعتماد السريع على خيار التعليق يكشف هشاشة في إدارة ملف النقل المدرسي والبنية التحتية حول المدارس والطرق الحيوية.
هذا الجدل يتجدد في كل موجة مطرية تقريبًا؛ فبينما تُقدَّم منصات التعليم عن بُعد كحل جاهز وفعال، تظل الأسئلة معلقة حول جاهزية شبكات تصريف السيول وشوارع المدن لاستقبال ساعات من الهطول الغزير دون أن تتحول إلى برك وأنهار مؤقتة تعطل الحياة اليومية وتفرض كلفة اقتصادية واجتماعية متكررة.
تحذيرات الأرصاد وإرشادات السلامة
المركز الوطني للأرصاد يؤكد في تقاريره اليومية أن الحالة الحالية تمتد على معظم مناطق المملكة مع تدرج في شدة الأمطار والبرودة، مع استمرار إصدار تنبيهات ملونة تصل أحيانًا إلى مستوى الإنذار الأحمر في بعض المدن عند ذروة الحالة.
وتدعو الجهات المعنية – وفي مقدمتها الدفاع المدني – إلى الابتعاد عن مجاري الأودية وعدم المجازفة بعبور الطرق التي تشهد سيولًا أو تجمعات مياه كبيرة، مع متابعة التحديثات اللحظية عبر المنصات الرسمية فقط لتجنب الشائعات.
كما تُحذّر الأرصاد من احتمالية تشكّل الصقيع في بعض المناطق الشمالية نتيجة الانخفاض الكبير في درجات الحرارة، وهو ما ينعكس على سلامة قائدي المركبات وعلى القطاع الزراعي، خاصة في المزارع المكشوفة التي تحتاج لتجهيزات إضافية لمواجهة موجات البرد المباغتة.
وفي ظل هذه التحذيرات، تبدو الحالة المطرية الجارية فرصة لاختبار جدية خطط التكيّف مع التغيرات المناخية، وهل تبقى الأمطار مناسبة لتعليق الدراسة ليوم أو يومين، أم أنها ستفرض تغييرًا أعمق في طريقة بناء المدن وإدارة مواسم الشتاء في السعودية؟










