في ديسمبر 2025، كشفت الشرطة في ولاية كيرالا جنوب الهند عن واحدة من أخطر وأكبر قضايا تزوير الشهادات الجامعية في تاريخ البلاد. فقد تمكنت السلطات من تفكيك شبكة إجرامية منظمة يُقدَّر أنها زورت أكثر من مليون شهادة جامعية في تخصصات بالغة الحساسية، من بينها الطب، التمريض، الهندسة، وتكنولوجيا المعلومات.
وأسفرت التحقيقات عن ضبط مئات الآلاف من الشهادات المزورة فعليًا، إضافة إلى أختام رسمية مزيفة تعود إلى 28 جامعة هندية وأجنبية، إلى جانب معامل طباعة سرية متطورة. ولم تقتصر تداعيات هذه الفضيحة على الداخل الهندي، بل امتدت آثارها إلى دول مجلس التعاون الخليجي التي تُعد من أكبر مستقبلي العمالة الهندية، ولا سيما من ولاية كيرالا.
تفاصيل القضية في الهند
بدأ الكشف عن الشبكة الإجرامية بالصدفة، عقب الاشتباه في شهادة جامعية مزورة واحدة، قبل أن تقود التحقيقات إلى خيوط شبكة واسعة تعمل عبر عدة ولايات هندية.
وأظهرت التحقيقات أن الشبكة كانت تبيع الشهادات المزورة بأسعار تتراوح بين 75 ألفًا و150 ألف روبية هندية (ما يعادل تقريبًا 900 إلى 1800 دولار أمريكي)، مع تقديم وثائق تبدو رسمية صادرة عن جامعات حقيقية ولكنها مزورة بالكامل من حيث المحتوى والسجلات.
وركزت عمليات التزوير على تخصصات مطلوبة بشدة في أسواق العمل الدولية، أبرزها الطب والتمريض، والهندسة، والبرمجة وتكنولوجيا المعلومات
وقدّرت السلطات أن عدد الشهادات التي أصدرتها الشبكة تجاوز المليون شهادة، مع تأكيد أن بعض حاملي هذه الوثائق تمكنوا بالفعل من السفر والعمل خارج الهند قبل انكشاف القضية.
التهديد الذي تشكله القضية على دول الخليج
تستقطب دول الخليج، مثل السعودية والإمارات والكويت وقطر وعُمان، ملايين العمال الهنود، ويشغل عدد كبير منهم وظائف في القطاعات الصحية والهندسية والتقنية. وتُعد ولاية كيرالا مصدرًا رئيسيًا لهذه العمالة، ما يجعل دول الخليج وجهة محتملة لعدد كبير من حاملي الشهادات المزيفة.
ةيمثل وجود أطباء أو ممرضين غير مؤهلين تهديدًا مباشرًا لحياة المرضى، خاصة في المستشفيات والعيادات الخاصة. كما أن توظيف مهندسين غير مؤهلين قد يؤدي إلى أخطاء جسيمة في مشاريع البنية التحتية، بما يشكل خطرًا على السلامة العامة والأمن القومي.
التأثير الاقتصادي والأمني
تؤدي هذه الظاهرة إلى تقويض الثقة في أنظمة التوظيف، ورفع تكاليف التحقق من المؤهلات على الشركات والحكومات.
كما أثارت القضية مخاوف أمنية متزايدة، حيث وصفتها بعض المصادر بأنها تهديد أمني محتمل نتيجة تسلل أشخاص غير مؤهلين إلى مواقع حساسة في قطاعات حيوية.
وقد دفعت هذه التطورات دول الخليج إلى تكثيف التدقيق في الشهادات الأكاديمية الصادرة من الهند، خصوصًا في المجالات الحيوية.
تمثل قضية “مليون شهادة مزيفة” في الهند جرس إنذار خطير لدول الخليج التي تعتمد بشكل كبير على العمالة الأجنبية المؤهلة. وتؤكد هذه الفضيحة الحاجة الملحّة إلى تعزيز آليات التحقق من الشهادات الأكاديمية، عبر التعاون المباشر مع السلطات الهندية، والاعتماد على قواعد بيانات دولية موثوقة، وتطبيق سياسات أكثر صرامة في استقدام العمالة.
وتكشف القضية عن مخاطر جسيمة ناتجة عن الاعتماد على وثائق غير موثقة في سوق عمل عالمي مفتوح، ما يستدعي مراجعة شاملة لسياسات التوظيف حفاظًا على السلامة العامة والأمن الوطني.










