البرلمان الجزائري يدرس مشروع قانون غير مسبوق لتجريم الاستعمار الفرنسي واعتباره جريمة دولة، مع مطالب بالاعتذار والتعويض ومحاسبة تاريخية شاملة.
الجزائر –17 ديسمبر 2025
يستعد البرلمان الجزائري لبحث مشروع قانون غير مسبوق يهدف إلى التجريم القانوني الرسمي للاستعمار الفرنسي في الجزائر، في خطوة تحمل أبعادًا تاريخية وسياسية وقانونية عميقة، وقد تعيد فتح ملفات حساسة في العلاقات الجزائرية–الفرنسية.
وبحسب مسودة اطّلعت عليها منصة «أوراس» الجزائرية، فإن المجلس الشعبي الوطني (الغرفة السفلى للبرلمان) قد يناقش المشروع خلال الأيام المقبلة، حيث يسعى النص إلى توصيف الفترة الاستعمارية الممتدة من 14 يونيو 1830 إلى 5 يوليو 1962 باعتبارها «جريمة دولة» مكتملة الأركان.
ماذا يتضمن مشروع القانون؟
مشروع القانون يتكون من 5 فصول و27 مادة، ولا يقتصر فقط على توصيف الاستعمار، بل يمتد ليشمل آثاره المباشرة وغير المباشرة التي استمرت حتى بعد الاستقلال.
ويصنف النص الاستعمار الفرنسي على أنه انتهاك صارخ للمبادئ الإنسانية والسياسية والاقتصادية والثقافية المنصوص عليها في القانون الدولي والقانون الوطني الجزائري.
جرائم موثقة بنص القانون
المسودة تُعدّد ما تعتبره جرائم استعمارية، وتشمل على سبيل المثال:
القتل العمد بحق المدنيين
التعذيب والانتهاكات الجسدية
الإعدامات خارج إطار القضاء
التهجير القسري والترحيل
استخدام أسلحة محظورة
نهب الموارد الطبيعية
تدمير الممتلكات
الاعتداء على الهوية الثقافية والدينية للشعب الجزائري
كما ينص المشروع على أن هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم، مهما طال الزمن أو تغيرت الأجيال.
تجريم التعاون مع الاستعمار
من أخطر مواد المشروع تصنيف التعاون مع السلطات الاستعمارية ضد حركات التحرر الوطني باعتباره خيانة عظمى مشددة، وهو توصيف قانوني شديد الحساسية داخليًا.
تحميل فرنسا مسؤولية قانونية مباشرة
مشروع القانون لا يكتفي بالتوصيف التاريخي، بل:
يحمل الجمهورية الفرنسية مسؤولية قانونية مباشرة عن الحقبة الاستعمارية
يُلزم الدولة الجزائرية باستخدام كل الوسائل القانونية والدبلوماسية والقضائية من أجل:
اعتراف رسمي فرنسي بالجرائم
تقديم اعتذار رسمي
تعويض الضحايا وذويهم
مطالب واضحة من باريس
يشمل المشروع قائمة مطالب محددة من فرنسا، أبرزها:
تنظيف مواقع التجارب النووية الفرنسية في الصحراء الجزائرية
تسليم خرائط المناطق الملوثة والمفخخة
استرجاع الموارد المنهوبة
إعادة الأرشيف الوطني الجزائري
استعادة رفات رموز المقاومة الجزائرية
عقوبات على تمجيد الاستعمار
ينص المشروع على تجريم تمجيد أو تبرير الاستعمار الفرنسي، حيث تفرض:
عقوبات بالسجن من 5 إلى 10 سنوات
غرامات مالية كبيرة
وتُشدَّد العقوبات إذا ارتكبت الأفعال من:
مسؤولين حكوميين
مؤسسات تعليمية
عبر وسائل الإعلام أو المنصات العامة
دلالات سياسية وتاريخية
في حال إقرار هذا القانون، سيمثل:
تحولًا جذريًا في تعامل الجزائر مع ماضيها الاستعماري
خطوة قانونية قد تؤثر مباشرة على العلاقات الجزائرية–الفرنسية
رسالة واضحة برفض أي محاولات لتبييض أو التقليل من جرائم الاستعمار
ويرى مراقبون أن المشروع يتجاوز الرمزية، ويفتح الباب أمام معارك قانونية ودبلوماسية طويلة الأمد.










