أطلق الأكاديمي والمحلل السياسي الأمريكي، وليد فارس، تحذيراً شديد اللهجة من تنامي ما وصفه بـ“التيارات الخفية” في الدول الغربية، مؤكداً أن أوروبا والولايات المتحدة تشهدان انتشاراً لما أسماه “الجهاد الحضري” الذي يتغلغل في المدن والبلدات بصورة متسارعة.
جاءت تحذيرات الأخيرة فارس لتضع الأصبع على جرحٍ أوروبي غائر، يتجاوز مجرد كونه “أزمة أمنية” ليتحول إلى وجودي يهدد بنية الدولة القومية في الغرب. فارس، الذي تحدث عن “تيارات خفية” تسخن ببطء نحو الغليان، لم يكن يتحدث من فراغ، بل من واقع سياسي تشهده العواصم الأوروبية من باريس إلى ستوكهولم.
“غليان تحت السطح”
عبر منصة “إكس”، رسم فارس صورة قاتمة للمشهد الأمني والاجتماعي في الغرب، قائلاً: “تتشكل تيارات شعبية خفية في الغرب، تسخن ببطء، وتبدأ بالغليان، وتطلق شرارات على أطرافها.. وفي النهاية، ستنفجر”.
وأشار إلى أن هذا الانتشار يمتد من السويد إلى أيرلندا، ومن مانهاتن إلى بيركلي، محذراً من تحول المراكز الحضرية إلى ساحات مواجهة.
أزمة قيادة ورؤية
وانتقد المحلل السياسي الأمريكي ردود الفعل الشعبية تجاه هذا العنف، معتبراً أن “موجات المقاومة الشعبية” تفتقر إلى ثلاثة عناصر جوهرية، القيادة المنظمة، والخطاب العام الواضح، والرؤية الاستراتيجية.
وأضاف فارس أن هذه الحركات مدفوعة بـ”الخوف والغضب المشروعين”، لكنها تشعر باليتم نتيجة تخلي النخب الحاكمة عنها، محذراً: “اليوم يسيرون في مسيرات؛ وغدًا قد يبنون متاريس، مثل أيتام مهجورين يتعثرون في كابوس لم يعرفوه قط”.
من باريس 2005 إلى سيدني 2025: جيل الخوف
استحضر فارس ذكريات مؤلمة لربط الحاضر بالماضي، مشيراً إلى أحداث باريس عام 2005 عندما بكت طفلة قائلة “أمي، أنا خائفة” وسط احتراق آلاف السيارات.
“تلك الفتاة التي كانت في الخامسة من عمرها آنذاك، يبلغ جيلها الآن الخامسة والعشرين.. واليوم في ديسمبر 2025، تعيد فتاة أخرى في سيدني الصرخة ذاتها.” — وليد فارس
أشار فارس إلى أن المقاومة الشعبية لما وصفه بـ”الجهاد الحضري” تفتقر إلى القيادة وتشعر بأن نخبها تخلت عنها. هذا الشعور بالـ “اليتم السياسي” هو الوقود الذي يغذي الحركات الشعبوية. فبينما كانت النخب الليبرالية تركز على سياسات الاندماج والتعايش، كان الشارع يشعر باتساع “الفجوة الأمنية” في مراكزه الحضرية.
تؤكد التحولات الحالية أن “المسيرات” التي ذكرها فارس بدأت تتحول بالفعل إلى “قرارات صناديق اقتراع”، وفي حال فشل هذه الحكومات اليمينية الجديدة في احتواء “الكابوس” الحضري، فإن سيناريو “بناء المتاريس” والمواجهات المباشرة قد يصبح واقعاً ملموساً وليس مجرد تنبؤ.
وبحلول نهاية عام 2025، يبدو أن الغرب أمام خيارين لا ثالث لهما، كما لخص فارس:
الخيار الاستباقي أن تستعيد الحكومات الرئيسية السيطرة الأمنية وتواجه التيارات الراديكالية بخطاب حازم وقوانين صارمة توقف عملية “الجهاد الحضري”.
خيار الفوضى: ترك الغضب الشعبي يتراكم دون قيادة أو رؤية، مما سيؤدي حتماً إلى “انفجار” عشوائي قد يحول المدن الغربية إلى ساحات قتال أهلي، تماماً كما بكت طفلة سيدني مؤخراً.
دعوة للتحرك الدولي
اختتم فارس تحليله بضرورة تدخل الحكومات الرئيسية لوقف ما أسماه “عملية الجهاد الحضري” قبل أن تتحول هذه “الكوارث الحضرية” إلى ظاهرة عامة تجتاح العالم الحر، مؤكداً أن التأخر في المواجهة سيعني مزيداً من الفوضى والشرذمة الاجتماعية.










