“الجلد العقدي” يهدد فرنسا: مزارعو “أفيرون” ينتفضون ضد الذبح المنهجي ويتمسكون باللقاح
تشهد مقاطعة “أفيرون” الفرنسية حالة من الغليان الشعبي والمهني بين مربي الماشية، احتجاجا على الاستراتيجية الوطنية لمكافحة مرض الجلد العقدي المعدي (CLSD).
وفيما تصر الحكومة على “الإعدام الكامل” للقطعان المصابة لحماية الصادرات، يرفض المزارعون ما وصفوه بـ”المجزرة الجينية” ويطالبون بتعميم التطعيم فورا.
اعتصامات وقطع طرق: أفيرون تحت الحصار
منذ مطلع الأسبوع، نظم مزارعو أفيرون، بدعم من نقابات “التنسيق الريفي” و”اتحاد الفلاحين”، اعتصامات واسعة شلت الحركة على الطرق السريعة الحيوية مثل A75 وRN88. تأتي هذه الاحتجاجات ردا على قرار وزيرة الزراعة، آني جنيفارد، بفرض “حصار صحي” يشمل المقاطعة التي تضم أكبر قطيع للماشية في إقليم أوكسيتاني (نحو 500 ألف رأس، معظمها من سلالة أوبراك الشهيرة).
خلاف المصالح: “الاقتصاد” في مواجهة “الجينات”
كشفت الأزمة عن انقسام حاد في الرؤى بين أطراف الصناعة الزراعية في فرنسا، موقف الحكومة وقطاع اللحوم (Culture Viande) يدافعون عن سياسة “الذبح الشامل” للمزارع المصابة. الهدف هو القضاء السريع على الفيروس لاستعادة وضع فرنسا كدولة “خالية من الأمراض”، وهو أمر حيوي لاستمرار صادرات الماشية الحية (1.3 مليون رأس سنويا قيمتها مليار يورو)، حيث أن التطعيم العام قد يحظر الصادرات لسنوات.
موقف المزارعين والمربين يرفضون إعدام آلاف الرؤوس (3300 رأس ذبحت حتى الآن) بسبب حالات فردية. ويؤكدون أن الذبح المنهجي يدمر عقودا من “الانتقاء الجيني” لسلالات نادرة، ويطالبون ببديل “التطعيم الواسع” لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
انفراجة حذرة: وصول اللقاحات
في تطور ميداني، أعلنت فاليري باج، نائبة رئيس غرفة الزراعة، خلال مظاهرة جرت أمس الخميس، عن “راحة كبيرة” بعد تأكيدات بوصول دفعات من اللقاحات في وقت مبكر من اليوم الجمعة. ومع ذلك، شددت باج على أن وصول اللقاح لن ينهي الاحتجاجات طالما ظل سيف “الإعدام المنهجي” مسلطا على رقاب القطعان.
تحركات حكومية لاحتواء الغضب
تحت ضغط الشارع، بدأت وزارة الزراعة في تليين مواقفها عبر توسيع نطاق التطعيم الطارئ ليشمل مليون رأس إضافي في الجنوب الغربي.
وإنشاء “وحدة حوار علمي” تضم خبراء ومزارعين لبحث بدائل للذبح الكلي، وفتح نقاشات حول برنامج تطعيم وطني، رغم مخاوف تضرر الصادرات إلى إيطاليا وإسبانيا.
بيئة خصبة للشائعات
ولم تخل الأزمة من تداعيات اجتماعية، حيث غذى الحصار الصحي ونقص المعلومات “نظريات المؤامرة” بين بعض المزارعين، الذين ربطوا بين التخلص من الماشية وأهداف الأجندة المناخية لتقليل انبعاثات الميثان، مما زاد من حالة انعدام الثقة تجاه السلطات الصحية.
تظل أفيرون في قلب المواجهة؛ فبينما يرى خبراء الاقتصاد في الذبح “شرا لابد منه” لإنقاذ التجارة الخارجية، يراه المزارعون “صدمة نفسية واقتصادية” تنهي إرث عائلات قضت أجيالا في تربية هذه القطعان.










