فجر مسؤول رفيع المستوى في إحدى العائلات المالكة العربية مفاجأة من العيار الثقيل، كاشفا عن صراعات سرية وتحالفات متغيرة تعصف بوحدة دول الخليج، مضيفات أن إسرائيل تعمل بشكل وثيق مع الإمارات لإزاحة السعودية عن موقعها كقوة إقليمية مهيمنة في المنطقة.
إسرائيل وإعادة تشكيل موازين القوى وفقا للمصدر، فإن التحالف الإسرائيلي الإماراتي يهدف إلى معاقبة الرياض على “بطئها” في الانضمام إلى اتفاقيات التطبيع (أبراهام). وأوضح المسؤول أن إسرائيل تسعى بنشاط لتغيير ديناميكيات القوة في الشرق الأوسط عبر تعزيز دور أبوظبي كبديل استراتيجي للسعودية، مشيرا إلى أن “وحدة الخليج ما هي إلا وهم وواجهة إعلامية تخفي خلفها تنافسا مريرا وخيانات متبادلة”.
وكشف مسؤول رفيع المستوى في إحدى العائلات المالكة العربية، في حديث خاص إلى موقع «ميدل إيست مونيتور» مساء الثلاثاء، شريطة عدم الكشف عن هويته، عن وجود تعاون سري بين إسرائيل ودولة الإمارات العربية المتحدة يهدف إلى تقويض دور المملكة العربية السعودية كقوة إقليمية مؤثرة في منطقة الخليج، في ظل ما وصفه بتنافسات عميقة وصراعات خفية بين دول الخليج.
وزعم المصدر أن ما يروج له من وحدة خليجية لا يتعدى كونه واجهة إعلامية، تخفي خلفها تحالفات متبدلة، وقمعا متزايدا للمعارضين في الخارج، إضافة إلى مساع إسرائيلية لإعادة تشكيل ميزان القوى الإقليمي في أعقاب اتفاقيات التطبيع.
وقال: «لم تعد هناك قواعد، ولم تعد هناك عواقب. وحدة الخليج مجرد وهم، وكل تلك الصور المصقولة بعناية للأمراء وأولياء العهد وهم يقفون معا في وئام ليست سوى هراء. في الخفاء، هناك تنافس مرير وخيانة كثيرة».
وأضاف المسؤول الخليجي أن إسرائيل باتت تنظر إلى الإمارات كشريك رئيسي في مشروع إعادة رسم خريطة النفوذ في الشرق الأوسط، مشيرا إلى أن «السعوديين كانوا بطيئين للغاية في دعم إسرائيل والمضي نحو التطبيع، ولذلك يسعى الإسرائيليون اليوم إلى تغيير ديناميكيات القوة في المنطقة».
تحولات الولاءات داخل الخليج
وبحسب المصدر، فإن توقيع الإمارات والبحرين على «اتفاقيات أبراهام» عام 2020 شكل نقطة تحول في العلاقات الخليجية–الإقليمية، حيث بدأت دول، من بينها الكويت، بإعادة تموضعها السياسي والاقتراب أكثر من أبوظبي على حساب الرياض. وأشار إلى أن هذا التحول لا ينفصل عن حسابات إسرائيلية أوسع تهدف إلى إزاحة السعودية تدريجيا من موقعها التقليدي كقوة مركزية في الخليج.
وفي هذا السياق، قال المصدر إن إسرائيل عرضت، في محاولة لإظهار قربها من الكويت، المساعدة في «تحييد» معارضين في الخارج يوجهون انتقادات حادة للحكم في البلاد، مضيفا أن المشهد الإقليمي بات «أشبه بلعبة الكراسي الموسيقية»، حيث تعيد الدول ترتيب تحالفاتها بصورة مستمرة. ولفت إلى أن السعودية قد تعود إلى التقارب مع قطر، في حين تعمل الإمارات على حشد حلفاء يدعمون مسار التطبيع مع إسرائيل، مع بقاء الملف اليمني أحد أبرز مصادر التوتر بين الرياض وأبوظبي.
الكويت في قلب العاصفة
ويمثل هذا التطور، وفقا للمصدر، ضربة سياسية لأمير الكويت، الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، الذي يواجه تراجعا في شعبيته، ويستعد للاحتفال بالذكرى السنوية الثانية لتوليه الحكم عبر سلسلة فعاليات رسمية.
وادعى مصدر مطلع من داخل العائلة المالكة الكويتية أنه تم إرسال فريقين للاغتيال إلى كندا والمملكة المتحدة لاستهداف معارضين كويتيين يقيمون هناك، وهي ادعاءات لم يصدر بشأنها أي تعليق رسمي.
وتأتي هذه الاتهامات في سياق أوسع من التحولات الداخلية في الكويت، منذ أن علق الأمير، البالغ من العمر 86 عاما، العمل بالديمقراطية الدستورية في العاشر من مايو/أيار 2024، في خطوة اعتبرها كثيرون غير قانونية.
وكان من أوائل المهنئين له في اليوم التالي رئيس دولة الإمارات، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في إشارة فسرها مراقبون على أنها تعبير عن دعم سياسي واضح.
تقارب كويتي–إماراتي متسارع
ومنذ ذلك التاريخ، وقعت الكويت والإمارات أكثر من اثنتي عشرة مذكرة تفاهم في مجالات الأمن والطاقة والبنية التحتية والتنمية الاقتصادية ومكافحة الجريمة والتعليم والرعاية الصحية، ما يعكس تسارع وتيرة التقارب بين البلدين.
وتجلى هذا المسار مؤخرا في قرار الكويت سحب الجنسية من الشيخ طارق السويدان، أحد أبرز الدعاة الإسلاميين في المنطقة، والمعروف بارتباطه بجماعة الإخوان المسلمين الكويتية ودعمه العلني لها.
ورغم أن الحكومة الكويتية أعلنت أن القرار استند إلى توصية من وزارة الداخلية وموافقة مجلس الوزراء، من دون ذكر أسباب محددة، فإن شائعات قوية تحدثت عن ضغوط إماراتية وراء هذه الخطوة.
تعد التسريبات الأخيرة التي نشرها موقع “ميدل إيست مونيتور” بمثابة إعلان عن تحول الصراع المكتوم بين السعودية والإمارات من “تنافس على النفوذ الاقتصادي” إلى “صراع وجودي جيوسياسي” تستخدم فيه أدوات استخباراتية وتحالفات خارجية عابرة للحدود.
تحطيم “وحدة الخليج”: من التنسيق إلى الاستقطاب
تظهر التسريبات أن مفهوم “البيت الخليجي الواحد” بات يلفظ أنفاسه الأخيرة. فبينما كانت الرياض تعتبر الكويت عمقا استراتيجيا وتقليديا لها، يشير التحول الكويتي الأخير نحو أبوظبي (عقب تعليق الديمقراطية) إلى نجاح الإمارات في سحب بساط النفوذ من تحت أقدام السعوديين. هذا الاستقطاب قد يؤدي إلى انقسام المجلس إلى معسكرين:
معسكر “الوضع الراهن” والتحفظ: بقيادة السعودية (وقد تنضم لها قطر وعمان).
معسكر “التغيير الجذري والتطبيع”: بقيادة الإمارات والكويت والبحرين.
“العامل الإسرائيلي” كأداة ضغط ضد الرياض
النقطة الأكثر خطورة في التسريبات هي دور إسرائيل كـ “محرك” لتقويض السعودية. يبدو أن واشنطن وتل أبيب تضيقان ذرعا بـ “المقايضة السعودية” (التطبيع مقابل الدولة الفلسطينية والضمانات الأمنية). استخدام الإمارات كمنصة لتقليص نفوذ المملكة يعني أن إسرائيل بدأت فعليا في “هندسة” شرق أوسط جديد تكون فيه السيادة للدول الأكثر انخراطا في التطبيع، مما يضع الرياض في موقف دفاعي صعب.
الملفات الساخنة: اليمن والمعارضة في الخارج
اليمن: سيظل الساحة الأكثر دموية لهذا التنافس؛ حيث تدعم الإمارات قوى انفصالية تهدد أمن السعودية القومي، بينما تحاول الرياض الحفاظ على وحدة اليمن لضمان استقرار حدودها الجنوبية.
المعارضة السياسية: دخول إسرائيل على خط “تصفية المعارضين” (كما زعم المصدر بشأن الكويت) يمثل تحولا جذريا في العقيدة الأمنية الخليجية، حيث يتم استبدال الوساطات القبلية والسياسية بأساليب “الاغتيال العابر للحدود”، مما قد يضع هذه الدول تحت طائلة العقوبات الدولية مستقبلا.
تداعيات سحب الجنسيات (نموذج السويدان)
استخدام سلاح “الجنسية” كأداة لإرضاء الحليف الإماراتي (كما حدث مع طارق السويدان) يشير إلى أن القرار السيادي في بعض دول الخليج بات يتأثر بـ “الأجندة الأمنية العابرة للحدود”. هذا الإجراء لا يستهدف الإخوان المسلمين فحسب، بل هو رسالة لكل صوت ينتقد مسار “التبعية” الجديد.
إذا صحت هذه التسريبات، فإننا أمام “سايكس بيكو” خليجية جديدة تعيد رسم الحدود السياسية والولاءات. السعودية لن تقف مكتوفة الأيدي أمام محاولات تحجيمها، ورد فعلها قد يظهر في تقارب أكبر مع قطر، وربما مراجعة شاملة لعلاقاتها مع الحلفاء الذين اختاروا “المحور الإسرائيلي” بديلا عن “المظلة السعودية”.










