بين مطار أمريكا ومسجد مصطفى محمود.. كيف تحول ظرف سفر الفنان المصرى أحمد الفيشاوي إلى تهمة علنية؟
غياب الفنان أحمد الفيشاوي عن جنازة والدته الفنانة الكبيرة سمية الألفي أثار تساؤلات واسعة فى الوسط الفنى وعلى وسائل التواصل الاجتماعى، بعدما شيع الجثمان عصر السبت من مسجد مصطفى محمود بالمهندسين دون حضور الابن الأكبر الموجود وقت الوفاة فى الولايات المتحدة الأمريكية.
ورغم توالى التوضيحات عن أن الأمر مرتبط بسفره المفاجئ وصعوبة العودة السريعة، فإن مشهد الوداع الأخير دون وجود أحمد فتح باب التأويلات بين من رأى فيه ظرفًا قهريًا، ومن قرأه كحلقة جديدة فى سلسلة الجدل المحيط بحياته الشخصية وعلاقته بعائلته منذ سنوات.
تفاصيل الوفاة والجنازة
رحلت سمية الألفي عن عمر ناهز 72 عامًا بعد صراع طويل مع مرض السرطان استمر قرابة ست سنوات، خضعت خلالها لعمليات وعلاجات داخل مصر وخارجها قبل أن تتعرض لأزمة صحية مفاجئة نقلت على إثرها إلى مستشفى بالمهندسين حيث فارقت الحياة.
وشيعت الجنازة بعد صلاة العصر من مسجد مصطفى محمود فى منطقة المهندسين، وسط حضور لافت من نجوم الوسط الفنى وأفراد العائلة، فيما توجه الجثمان إلى مقابر الأسرة لدفنها وسط حالة من الحزن الشديد على رحيل إحدى أيقونات الدراما المصرية.
لماذا غاب أحمد الفيشاوي عن الجنازة؟
بحسب ما كشفه السيناريست محمد صلاح العزب ونقيب المهن التمثيلية الدكتور أشرف زكي، فإن السبب الرئيسى لغياب أحمد الفيشاوي هو تواجده فى الولايات المتحدة الأمريكية وقت إعلان خبر وفاة والدته، حيث أكدا أنه ما إن علم بالخبر حتى حجز تذكرة طيران على أقرب رحلة متاحة للعودة إلى القاهرة.
وأوضح العزب أن عودة أحمد مقررة فجر اليوم التالى للجنازة، على أن يتلقى العزاء برفقة العائلة فى الموعد المحدد فى مسجد عمر مكرم، وهو ما يعنى أن الفارق الزمنى بين الوفاة وأقرب رحلة متاحة لم يسمح له باللحاق بالصلاة والدفن.
ردود فعل الوسط الفنى
حالة من التعاطف سيطرت على كثير من الفنانين مع موقف أحمد، حيث أكد بعض المقربين أن علاقته بوالدته كانت قوية فى السنوات الأخيرة، وأنها كانت حاضرة معه فى مواقع التصوير لمساندته فى آخر أعماله السينمائية، ما يعكس خصوصية الرابط الإنسانى بينهما بعيدًا عن أى تأويلات سلبية.
فى المقابل، ظل غياب الابن عن لحظة الوداع موضوعًا حاضرًا فى الهمس والكواليس، خاصة مع استدعاء الجمهور لتاريخ الجدل حول عدم ظهوره فى مناسبات عائلية سابقة تتعلق بذكرى والده الراحل فاروق الفيشاوي، وهو ما غذّى الانطباع لدى البعض بأن الفنان الشاب كثيرًا ما يجد نفسه فى قلب عاصفة الرأى العام.
حضور العائلة وتفاصيل المشهد الإنسانى
فى غياب أحمد، حملت العائلة عبء استقبال المعزين، حيث ظهر عدد من الأقارب وأصدقاء الأسرة فى الصفوف الأولى، بينما حرص زملاء سمية الألفي على التأكيد أمام الكاميرات على مكانتها الفنية والإنسانية أكثر من التوقف عند غياب ابنها.
المشهد فى مسجد مصطفى محمود جمع بين دموع المحبين واسترجاع ذكريات أعمالها البارزة، من «أفواه وأرانب» و«ليالى الحلمية» إلى «الراية البيضا» و«بوابة الحلوانى»، ما أعاد التذكير بدورها كوجه مألوف للأسر المصرية على مدى عقود.
بين الظرف القهرى وحكم الجمهور
التوضيحات الرسمية الواردة على لسان نقيب الممثلين والمقربين من الأسرة حسمت السبب المباشر: سفر أحمد الفيشاوي خارج البلاد وارتباطه بظروف تحرك طيران لم تمكنه من التواجد فى الجنازة.
لكن جزءًا من الرأى العام على منصات التواصل لم يتوقف عند هذا التفسير، وربط الغياب بصورة مسبقة عن أحمد، سواء فى ما يتعلق بأزماته القانونية السابقة أو بمواقف قديمة تخص جنازة والده، ما حول الواقعة من ظرف إنسانى إلى قضية جدل وسجال.
هذه القراءة المزدوجة تكشف كيف باتت حياة النجوم الخاصة خاضعة لمحاكمة مستمرة عبر الشاشات والمنصات، حيث تتحول حتى تفاصيل مؤلمة مثل وفاة الأم وغياب الابن إلى مادة لتداول الأحكام المسبقة، دون النظر إلى أن السفر والعمل والظروف القهرية قد تحرم البعض من حق الوداع الأخير.
كما تفتح الواقعة باب النقاش حول مسؤولية الإعلام فى طريقة طرح الأسئلة، بين من يكتفى بنقل المعلومة كما هى، ومن يستسهل تحويلها إلى عنوان صدامى يكرس صورة معينة عن الفنان لدى الجمهور.
سمية الألفي.. ظل الأم الحاضرة رغم الغياب
اللافت أن آخر ظهور إعلامى لسمية الألفي كان خلال وجودها فى موقع تصوير فيلم جديد لابنها أحمد، حيث عبرت وقتها عن فخرها بما يقدمه، ورأت فى العمل خطوة مختلفة ستفاجئ الجمهور، فى إشارة إلى دعمها المستمر لمسيرته رغم معاركها الطويلة مع المرض.
ومع إعلان خبر وفاتها، استعاد كثيرون تلك اللقطات بوصفها تجسيدًا لعلاقة أم حرصت حتى أنفاسها الأخيرة على الوقوف خلف ابنها، ما جعل سؤال «أين أحمد؟» فى لحظة الجنازة أكثر إيلامًا على المستوى الإنسانى من كونه مجرد عنوان صحفى.










