لندن –٢٠ ديسمبر ٢٠٢٥
كشفت مصادر مطلعة أن الحكومة العراقية تلقت خلال الأسبوعين الماضيين رسالتين تحذيريتين غير معتادتين، إحداهما من دولة عربية والأخرى من جهاز استخبارات غربي، تضمنت معلومات دقيقة عن احتمال تنفيذ ضربات عسكرية واسعة داخل العراق. الرسائل أثارت حالة من القلق داخل أروقة السلطة، خاصة أن الضربات المحتملة كانت ستشمل مؤسسات حكومية على صلة بالفصائل الشيعية و«الحشد الشعبي»، إضافة إلى شخصيات ذات نفوذ مالي وعسكري، ومواقع ومعسكرات للتدريب وطائرات مسيرة وصواريخ، ما دفع فصائل شيعية لتقديم تنازلات سريعة في إطار محاولة تفادي السيناريو الأسوأ.
الرسالتان: تهديد غير مسبوق
وفق المصادر، جاءت الرسائل في توقيت حاسم جعل المسؤولين العراقيين يدركون حجم الخطر الذي يواجه البلاد. المعلومات كانت دقيقة ومفصلة، وشملت كل ما يمكن أن يُعد تهديداً مباشراً لاستقرار الدولة ونفوذ الفصائل المسلحة، بما في ذلك شبكاتهم المالية وشخصياتهم المقربة. وقد أسهمت هذه الرسائل في تسريع الخطوات السياسية التي تتعلق بحصر السلاح بيد الدولة، في ظل خلافات مستمرة بين قادة الفصائل حول الطريقة والجهة المسؤولة عن تنفيذ هذه المرحلة الانتقالية.
رسالة «الدولة الصديقة»: إنذار مباشر
ذكرت المصادر أن الرسالة العربية الأولى أشارت إلى إمكانية تنفيذ هجوم خاطف على غرار استهداف المكتب السياسي لحركة حماس في الدوحة سبتمبر 2025، محذرة من أن إسرائيل قد تتحرك بموافقة ضمنية من الأميركيين. هذه الرسالة أدت إلى توتر شديد بين السياسيين العراقيين، الذين شعروا بأن الوقت يداهمهم لاتخاذ قرارات عاجلة، بينما عبّر دبلوماسي غربي عن إحباط الجانب الأميركي من ضعف الاستجابة العراقية، مؤكداً أن الأمر يتطلب حسمًا فوريًا لتجنب وقوع الكارثة.
الملف الضخم من الاستخبارات الغربية
بعد أيام من الرسالة العربية، وصل ملف ضخم من جهاز استخبارات غربي، يحتوي على معلومات مفصلة أعدتها الاستخبارات الإسرائيلية حول الفصائل المسلحة العراقية. هذا الملف أذهل المسؤولين العراقيين بسبب حجم المعلومات ودقتها، حيث تضمنت تفاصيل عن مسؤولي الفصائل، الأشخاص السريين الذين ينشطون في دوائرهم المقربة، والمواقع الاستراتيجية، فضلاً عن المؤسسات الحكومية التي تمثل واجهات لنفوذ الفصائل المسلحة. وقد أشار الجهاز الغربي إلى أن إسرائيل كانت على وشك تنفيذ عملية واسعة إذا لم تتخذ بغداد خطوات عاجلة لتفكيك قدرات الفصائل العسكرية.
الفصائل الشيعية بين الضغط والسياسة
تسببت الرسالتان في قلب الموازين السياسية، حيث دفعت قادة الفصائل الشيعية إلى الإسراع في اتخاذ خطوات تتعلق بسلاحهم، لكن الخلافات استمرت حول الجهة المسؤولة عن تنفيذ العملية وكيفية ضمان نزاهتها وموثوقيتها. المرحلة الأولى من الحملة شملت تسليم الفصائل صواريخ باليستية وطائرات مسيرة، إلى جانب تفكيك المعسكرات الاستراتيجية في شمال وجنوب بغداد. أما المرحلة الثانية فكان من المتوقع أن تشمل إقالة مسؤولين فصائليين من «الحشد الشعبي» والبدء بالتعامل الأميركي مع هذه الخطوات.
ضغوط أميركية صارمة
تزامنت هذه التحذيرات مع وصول الكولونيل ستيفانا باغلي إلى العراق، مديرة مكتب التعاون الأمني الأميركي، التي ربطت تمويل مكتبها بتنفيذ ثلاث شروط محددة في قانون موازنة الدفاع الأميركي لعام 2026، تشمل تقليص القدرة العملياتية للفصائل المسلحة غير المدمجة، وتعزيز سلطة رئيس الوزراء العراقي كقائد أعلى للقوات المسلحة، إضافة إلى محاسبة أي عناصر من الفصائل أو القوات الأمنية المتورطة في أعمال تهدد الاستقرار أو تستهدف الأميركيين أو العراقيين. وأكدت المصادر أن باغلي طلبت من المسؤولين العراقيين جدولاً زمنياً واضحاً لتنفيذ هذه الشروط بطريقة قابلة للتحقق والاستمرارية.
السياسة المحلية والانتخابات: تعقيدات إضافية
في الوقت نفسه، يواجه السياسيون العراقيون ضغوطاً داخلية مع قرب الانتخابات والحاجة لإعادة تشكيل الحكومة. يسعى رئيس حكومة تصريف الأعمال محمد شياع السوداني للحصول على ولاية ثانية، بينما يعارض نوري المالكي وحلفاؤه هذه الخطوة ويدفعون لاختيار مرشح تسوية. كما رفضت بعض الفصائل التعليق على خطط حصر السلاح، معتبرة أن هذه الخطط لا تحظى بقبول جماعات لم تشارك في الانتخابات الأخيرة، ما يعكس تعقيدات إضافية أمام تنفيذ أي إجراءات فعالة على الأرض.
رسالة أميركية واضحة: نزع سلاح الميليشيات المدعومة من إيران
أكد متحدث باسم الخارجية الأميركية أن واشنطن ستواصل الضغط على الحكومة العراقية لنزع سلاح الميليشيات المدعومة من إيران، التي تقوّض سيادة الدولة، وتهدد الأميركيين والعراقيين، وتنهب موارد العراق لصالح طهران. وتؤكد الرسائل الأميركية والغربية على ضرورة اتخاذ خطوات عاجلة وواضحة لضمان استقرار العراق، وتقوية شراكة الدولة مع الولايات المتحدة في مواجهة النفوذ الخارجي والتهديدات الأمنية.











