دمشق –٢٠ ديسمبر ٢٠٢٥
شنت القوات الأميركية والقوات المتحالفة معها عملية عسكرية واسعة تحت اسم «عين الصقر» ضد تنظيم «داعش» في البادية السورية، وسط تنسيق مع الحكومة السورية. العملية التي أعلنتها واشنطن فجر الجمعة قد تكون «مفتوحة» وتمتد لأيام إذا توافرت أهداف جديدة، وفق مصادر مقربة من وزارة الدفاع السورية.
الضربات الجوية: دقيقة وموجعة للتنظيم
نفذت الولايات المتحدة أكثر من 70 غارة جوية باستخدام مقاتلات، مروحيات هجومية، والمدفعية الدقيقة. استهدفت الضربات مواقع عدة، أبرزها
جبل العمور والوادي الأحمر شرقي تدمر في محافظة حمص.
جبل البشري جنوب غربي دير الزور.
مواقع في عمق البادية شرق حمص، ومناطق في محافظة الرقة.
وذكرت المصادر أن العملية لم تشمل أي هجمات برية، لكنها كانت دقيقة ومؤثرة، مستهدفة خلايا التنظيم التي تعتمد على الانتشار الفردي والاختفاء في المدن والبوادي، مع التواصل السري بين العناصر.
خلفية العملية: الانتقام للجنود الأميركيين
جاءت العملية رداً على هجوم وقع في 13 ديسمبر أسفر عن مقتل ثلاثة أميركيين، بينهم جنديان ومترجم، في تدمر. وصف الرئيس دونالد ترمب العملية بأنها «ضربة انتقامية قوية جداً»، فيما وصف خبراء عسكريون العملية بأنها اختبار لإمكانية أن تكون القوات السورية شريكاً حقيقياً للتحالف في محاربة الإرهاب.
التعاون السوري – الأميركي: اختبار حقيقي للتحالف
المصادر السورية أكدت أن العملية تمت بالتنسيق مع الحكومة السورية، التي أبدت جدية في ملاحقة التنظيم على الأرض. وقال العقيد عبد الجبار العكيدي، أحد قيادات الجيش السوري الحر، إن الضربات شكلت اختباراً لفاعلية التعاون مع القوات السورية، مشيراً إلى أن الحكومة الحالية تختلف عن النظام السابق في تعاملها مع «داعش» وملتزمة بمحاربة التنظيم بشكل جاد.
استراتيجية «داعش» الجديدة: الذئاب المنفردة
أوضح العكيدي أن التنظيم، منذ سقوط آخر معاقله في الباغوز عام 2019، غير تكتيكاته من السيطرة على المدن إلى الاعتماد على مجموعات صغيرة أو عناصر منفردة. التنظيم يمنح هذه العناصر صلاحيات اتخاذ القرار وتنفيذ العمليات دون الرجوع للقيادة، ما يجعل الضربات الجوية الدقيقة الأميركية أكثر أهمية وفعالية في تدمير شبكاته.
مواقع العمليات: البادية الشرقية والجنوبية
تركزت الضربات في البادية الجنوبية الشرقية والجنوبية الغربية بمحافظة دير الزور، خصوصاً جبل البشري، وهي منطقة وعرة سبق أن كانت موقعاً لتمركز ميليشيات النظام السابق وأخرى تابعة لإيران، ثم سيطر عليها «داعش». وأفادت المصادر المحلية أن التحليق المكثف لطائرات الاستطلاع والتحالف استمر لساعات طويلة، دون استهداف أي تجمعات مدنية، مع متابعة دقيقة للأهداف لضمان تأثير مباشر على التنظيم.
مشاركة الحكومة السورية في التحالف
تشارك الحكومة السورية بشكل رسمي في التحالف الدولي ضد «داعش» بعد زيارة الرئيس أحمد الشرع إلى واشنطن الشهر الماضي. وقال العقيد العكيدي إن الحكومة السورية تتعاون مع التحالف من خلال المعلومات الاستخباراتية وتمشيط مناطق الاستهداف، مؤكداً أن الاجتماعات التنسيقية بين وزارة الداخلية الأميركية ونظيرتها السورية في تدمر تدل على الجدية في القضاء على التنظيم

الضربات الدقيقة: «مئة قنبلة ذكية»
وفقاً للعكيدي، استخدمت القوات الأميركية قنابل وصواريخ دقيقة من أنواع مختلفة، قادرة على إصابة أهدافها بدقة، مؤكداً أن العملية «محدودة ولكن موجعة»، وتعكس جدية التحالف في استهداف التنظيم المنتشر في عدة مناطق، خصوصاً بعد أن أصبح التنظيم يعتمد على عناصر منفردة وفرق صغيرة تتراوح بين ثلاثة إلى خمسة أشخاص، حسب تعليمات أبو بكر البغدادي قبل مقتله.
الالتزام السوري بمحاربة التنظيم
أصدرت وزارة الخارجية السورية بياناً السبت أكدت فيه التزامها الثابت بمحاربة تنظيم «داعش»، وضمان عدم وجود ملاذات آمنة له، مشددة على استمرار تكثيف العمليات العسكرية ضد أي تهديد من عناصر التنظيم في جميع المناطق.
العمليات الأميركية الأخرى: متابعة مستمرة
قالت القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم) إن القوات الأميركية والقوات المتحالفة نفذت منذ الهجوم على قواتها في تدمر 10 عمليات في سوريا والعراق أسفرت عن مقتل أو اعتقال 23 عنصراً إرهابياً، دون تحديد التنظيمات التي ينتمي إليها المسلحون.
وتنتشر القوات الأميركية بشكل رئيسي في مناطق سيطرة المقاتلين الأكراد شمال وشمال شرقي سوريا، إضافةً إلى قاعدة التنف قرب الأردن، حيث تتركز العمليات لملاحقة خلايا التنظيم ودعم الحلفاء المحليين.
البعد الاستراتيجي: رسالة إلى الشرق الأوسط
الخبير العسكري رشيد حوراني رأى أن عملية «عين الصقر» تحمل عدة رسائل استراتيجية: «انتقام لهيبة الولايات المتحدة، دعم الحكومة السورية الحالية في مكافحة الإرهاب، ونسف النفوذ الإيراني في المنطقة». وأوضح أن المنطقة المستهدفة شرقي تدمر وصولاً إلى دير الزور والرقة كانت مسرح صراع طويل بين «داعش» والنظام السوري وحلفائه الروس والإيرانيين، وأن العملية الأميركية استهدفت مستودعات ونقاط انطلاق ومحاور تحرك التنظيم.










