القاهرة تستضيف المؤتمر الوزاري الثاني لمنتدى الشراكة الروسي-الأفريقية لتعميق التعاون وحفظ السلم في القارة الأفريقية
القاهرة – 20 ديسمبر 2025
استضافت العاصمة المصرية، القاهرة، فعاليات المؤتمر الوزاري الثاني لمنتدى «الشراكة الروسي-الأفريقية»، بمشاركة أكثر من 50 دولة أفريقية على المستوى الوزاري، إضافة إلى ممثلي عدد من رؤساء المنظمات الإقليمية والقارية، لمناقشة سبل تعميق الشراكة بين موسكو ودول القارة الأفريقية، وتوسيع التعاون الاقتصادي والتجاري، وفقاً لوزارة الخارجية المصرية.
وانعقد المؤتمر برئاسة ثلاثية تضم وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، ونظيره الروسي سيرغي لافروف، ووزير خارجية أنغولا تيتي أنطونيو، الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي. ويأتي هذا المؤتمر في إطار مسار الشراكة الروسية-الأفريقية الذي بدأ في 2019 بالقمة الأولى في مدينة سوتشي الروسية، تلاه انعقاد القمة الثانية في سان بطرسبرغ عام 2023.
وخلال كلمته الافتتاحية، أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن «التنمية في أفريقيا تواجه العديد من التحديات، من بينها ضعف البنية التحتية، نقص التمويل، وارتفاع المخاطر»، مشيراً إلى أن انعقاد المؤتمر يمثل فرصة لإطلاق حوار حول تعزيز الشراكات الاستراتيجية للاتحاد الأفريقي مع القوى الدولية، بما يسهم في تحقيق أهداف السلم والأمن والتنمية في القارة.
وأوضح السيسي أن رؤية مصر للتنمية في أفريقيا ترتكز على دعم تنفيذ الممرات الاستراتيجية والمناطق اللوجيستية، وتعزيز التعاون في مجال الطاقة والربط الكهربائي، ودعم التنمية الزراعية والأمن الغذائي، وتعزيز التجارة البينية الأفريقية، بالإضافة إلى التعاون في مجالات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.


وأشار الرئيس المصري إلى أن إجمالي الاستثمارات المصرية في أفريقيا بلغ 12 مليار دولار خلال عام 2024، في حين تجاوز حجم التبادل التجاري بين مصر ودول القارة 10 مليارات دولار. كما قدمت مصر أكثر من 700 برنامج تدريبي لبناء القدرات والتنمية في أفريقيا، مؤكداً أن ذلك يعكس التزام القاهرة بدعم مسار التنمية المستدامة بالقارة.
وفي ما يتعلق بالعلاقات مع إثيوبيا، شدد السيسي على أن «مصر لا تواجه أي إشكالية مع أديس أبابا»، مشيراً إلى أن «مطلبها الوحيد هو الحفاظ على حقوقها في مياه النيل، والتوصل إلى اتفاق قانوني وملزم بشأن سد النهضة». وتأتي تصريحات الرئيس المصري في ظل استمرار الخلاف مع إثيوبيا بشأن السد، حيث تعترض مصر والسودان على المشروع الذي دشنته إثيوبيا في سبتمبر 2025، وتطالبان باتفاق ملزم ينظم تشغيل السد بما يحمي مصالحهما المائية. وأكد السيسي أن «سياسة مصر ثابتة، وتعتمد على عدم التدخل في شؤون الآخرين وعدم زعزعة استقرارهم، وأن الخلافات تُحل عبر الحوار والحلول السياسية».
من جانبه، شدد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف على أن «الشراكة الروسية-الأفريقية تتطور بنجاح في كل المجالات»، مشيراً إلى استمرار الحوار السياسي بين الجانبين على المستويين العالي والأعلى، إلى جانب تعزيز التعاون التجاري والاقتصادي. وأضاف أن حجم التبادل التجاري بين روسيا ودول أفريقيا ارتفع بنسبة 13% ليصل إلى نحو 28 مليار دولار، مؤكداً أن موسكو تسعى لتوسيع الإمكانات الاقتصادية وتحقيق المكاسب المشتركة لجميع الأطراف.
كما أشار لافروف إلى ضرورة الإعداد للنسخة الثالثة من منتدى الشراكة الروسي-الأفريقية بحزمة من النتائج والاقتراحات العملية، إلى جانب تقديم مشروع خطة عمل جديدة وفرص واعدة للشراكة بين روسيا ودول القارة، مؤكداً دعم بلاده للدول الأفريقية في مجالات الأمن القومي، مكافحة الإرهاب والتطرف، معالجة نقص الغذاء، ومواجهة الأوبئة والكوارث الطبيعية.

وأوضح وزير الخارجية المصري أن المؤتمر يشكل مناسبة لإطلاق حوار بنّاء حول صياغة خطة العمل المقبلة للمنتدى (2023-2026)، والتي تهدف لتعميق التعاون الروسي-الأفريقي على أسس من العدالة والتوازن، بما يسهم في تفعيل اتفاقية التجارة الحرة القارية وتحقيق أهداف أجندة الاتحاد الأفريقي 2063.
وأكد السفير صلاح حليمة، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، أن العلاقات الروسية-الأفريقية تركز على الاستثمار والنشاط التجاري والبنية التحتية وقطاع الطاقة، وفقاً لمبدأ الشراكة المتساوية بعيداً عن الانحياز أو الشروط غير المتكافئة، مشيراً إلى أن موسكو تعوّل على شركائها في أفريقيا، وعلى رأسهم مصر، لتعزيز التعاون متعدد الأطراف ودعم دور القارة في الإصلاحات الدولية، بما يشمل مجلس الأمن والأمم المتحدة.
وأشار عبد العاطي في كلمته إلى أن إصلاح النظام الدولي يجب أن يقوم على أسس العدالة والتوازن، بحيث تعبر المؤسسات الدولية عن التعددية الحقيقية، لا عن اختلالات الماضي، مؤكداً أن صوت أفريقيا وثقلها السياسي يجب أن يكون حاضراً ومؤثراً في صياغة القرارات الدولية الكبرى.
يأتي المنتدى الوزاري الروسي-الأفريقي في القاهرة كخطوة استراتيجية لتوسيع نطاق الشراكة بين روسيا وأفريقيا، بما يعزز التنمية المستدامة، ويؤكد أهمية التعاون الاقتصادي والأمني والسياسي في تحقيق الأمن والسلم بالقارة السمراء، ويدعم التوازن الدولي على أساس الشراكات المتساوية والمصالح المشتركة.










