شهدت ولاية غامبيلا الإقليمية في إثيوبيا اضطرابات دموية واسعة النطاق خلال الأسبوعين الماضيين، أسفرت عن مقتل نحو 100 شخص حتى يوم الجمعة 19 ديسمبر، مما دفع الحكومة الفيدرالية في أديس أبابا إلى نشر قوات الدفاع الوطني لاحتواء نزاع عرقي متصاعد يغذيه تدفق هائل للاجئين من جنوب السودان وشبكات فساد منظمة.
شرارة العنف والاغتيالات العرقية
بدأت الأزمة بإغلاق الطرق الرئيسية الرابطة بين العاصمة الإقليمية والمقاطعات المحيطة، ليتطور الأمر إلى سلسلة من الاغتيالات التي استهدفت مسؤولين بارزين بناءً على خلفياتهم العرقية:
عرقية النوير: مقتل مدير فرع البنك التجاري الإثيوبي في المنطقة.
عرقية أنواك: مقتل قائد شرطة غامبيلا في هجوم تالٍ.
وأكد نائب رئيس الإدارة الإقليمية، غاتلواك روون، أن المهاجمين استهدفوا بشكل متعمد سيارات الإسعاف والمركبات الحكومية، بينما أفادت تقارير ميدانية بتسوية بلدات كاملة بالأرض، مثل “أكيدو” و”أبول”، وسط دوي مستمر لإطلاق النار.
شبكة فساد “عابرة للحدود”
في تطور خطير، نقلت صحيفة “ذا ريبورتر” عن شهود عيان ومسؤولين محليين مزاعم بوجود “يد خفية” تدير الاضطرابات. وأشارت المصادر إلى شبكة فساد واسعة تضم مسؤولين إقليميين وفيدراليين وعاملين في منظمات دولية، يقومون بتحويل مسار المساعدات الإنسانية (مثل الدقيق وزيت الطهي) المخصصة للاجئين وبيعها في الأسواق التجارية، مؤكدين أن استمرار الصراع يخدم بقاء هذه المصالح المالية.
“قنبلة” اللاجئين الموقوتة
تستضيف غامبيلا وحدها نحو 450 ألف لاجئ من جنوب السودان، وهو ما يقارب نصف إجمالي اللاجئين في إثيوبيا.
إثيوبيا قوات فانو/أمهرة تسيطر على 75% من الحدود مع السودان
ومع تصاعد التوتر السياسي في جوبا (عقب اعتقال نائبي الرئيس رياك مشار وبنيامين بول ميل)، فرَّ أكثر من 50 ألف لاجئ جديد إلى غامبيلا منذ مارس الماضي.
ويواجه هذا التدفق تحديات كارثية:
نقص التمويل: خفّض برنامج الأغذية العالمي حصص الطعام إلى أقل من 1000 سعر حراري يومياً لـ 780 ألف لاجئ.
التسلل المسلح: دخول عناصر من “الجيش الأبيض” وميليشيات مسلحة من جنوب السودان متنكرين في زي لاجئين.
الصحة العالمية تحذر من كارثة بإقليم أمهرة في إثيوبيا
الصدام مع السكان: يتخوف السكان المحليون من استيلاء اللاجئين على أراضيهم وتغيير التوازن الديموغرافي للسيطرة على الموارد.
فشل خطط “الإدماج” ومخاوف المستقبل
أثارت هذه الاضطرابات شكوكاً عميقة حول سياسة إثيوبيا الجديدة تجاه اللاجئين، المعروفة بخارطة طريق “ماكاتيت” (الإدماج)، والتي تهدف لدمج اللاجئين في المجتمعات المحلية.
إثيوبيا : اتهامات “الإبادة الجماعية” تلاحق آبي أحمد وجبهة تيغراي تطالب بتدخل دولي عاجل
ويرى منتقدون أن هذه الخطة فُرضت دون مراعاة إرادة المجتمعات المضيفة، مما حول غامبيلا إلى ساحة لتصفية حسابات سياسية وعرقية تمتد جذورها من جوبا إلى أديس أبابا.
وفي حين أكدت رئيسة الإقليم، أليميتو أومود، العمل مع القوات الفيدرالية لإعادة الهدوء، حذرت الأمم المتحدة من أن غياب الحل السياسي في جنوب السودان سيجعل من غامبيلا وجهة مستمرة للنازحين الفارين من “حرب أهلية” تلوح في الأفق.










