أثارت زيارة وفد ديني من سوريا ولبنان إلى مخيمات تندوف، بدعوة من جبهة “البوليساريو”، موجة من التساؤلات حول طبيعة التحالفات المتنامية بين الجبهة الانفصالية ومحور “طهران-بيروت”.
الزيارة التي قدمت في قالب “تضامني ودعوي” كشفت عن روابط وثيقة تتجاوز البعد الديني إلى أجندات جيوسياسية في شمال إفريقيا.
هوية الوفد: واجهة دينية بصلات عسكرية
الوفد الذي استقبله ما يسمى “وزير الشؤون الدينية” لدى البوليساريو، ضم شخصيات من سوريا ولبنان منضوية تحت “جمعية الإصلاح والانتماء”. إلا أن التدقيق في هويات الأعضاء أظهر أبعادا أخرى:
الشيخ حديد الدرويش: شيخ عشائر سوري معروف بصلاته الوثيقة بحزب الله وإيران، وسبق أن أدلى بتصريحات تمجد حسن نصر الله والدعم الإيراني للنظام السوري السابق.
شخصيات من “علماء الشام”: عرفوا بمواقفهم المساندة لمحور المقاومة الذي تقوده طهران.
تندوف.. نقطة ارتكاز لنفوذ إيراني متمدد
يرى مراقبون، ومنهم الناشط الحقوقي وليد كبير، أن استقبال هذا الوفد يعري “خيوط الارتباط العميق” بين البوليساريو والمشروع الإيراني.
واعتبر كبير أن مخيمات تندوف تحولت إلى نقطة ارتكاز لمحاولة إعادة إنتاج نماذج الميليشيات الموالية لإيران (كما في اليمن والعراق) في منطقة الساحل والصحراء، مستغلة الغطاء اللوجستي والسياسي الذي توفره الجزائر.
تحقيقات دولية ومشاركة في حرب سوريا
تأتي هذه الزيارة لتعزز معطيات استخباراتية ودولية سابقة، أبرزها:
تقرير “MENA DAWN” (أغسطس 2025): أثبت مشاركة مئات من مقاتلي البوليساريو في الحرب السورية إلى جانب نظام الأسد بعد تلقيهم تدريبات من حزب الله.
تداعيات سقوط دمشق: كشفت عملية إسقاط نظام الأسد في ديسمبر 2024 عن اعتقال الثوار السوريين لعناصر من البوليساريو كانوا يقاتلون ضمن وحدات النظام، وهو ما أحرج الدبلوماسية الجزائرية التي طلبت من السلطات السورية الجديدة (برئاسة أحمد الشرع) الإفراج عنهم، قوبل بالرفض والتمسك بمحاكمتهم.
تتزامن الزيارة مع تحولات كبرى في المنطقة؛ حيث أغلقت السلطات السورية الجديدة “مكتب البوليساريو” في دمشق، تزامنا مع عودة العلاقات الدبلوماسية بين الرباط ودمشق وتبادل فتح السفارات، مما يضيق الخناق الدبلوماسي على الجبهة ويدفعها أكثر نحو الارتماء في حضن المحور الإيراني للبحث عن “شرعية” أو دعم ميداني.










