واصلت أسعار القمح في بورصة “يورونكست” الأوروبية ارتفاعها للجلسة الثالثة على التوالي، اليوم الاثنين، مدفوعة بتصاعد الهجمات المتبادلة بين روسيا وأوكرانيا على البنية التحتية للموانئ في البحر الأسود، مما أثار مخاوف جديدة بشأن أمن إمدادات الحبوب العالمية.
تحرك الأسعار والمراكز المالية
ارتفع سعر القمح لعقود شهر مارس (الأكثر نشاطاً في بورصة باريس) بنسبة 0.7% ليصل إلى 188.00 يورو (نحو 221 دولاراً) للطن، مبتعداً عن أدنى مستوياته التي سجلها الأربعاء الماضي عند 185 يورو. وجاء هذا الارتفاع مدفوعاً بعمليات “تغطية المراكز البيعية” من قبل المتعاملين قبل عطلات نهاية العام.
ميدانياً: اشتعال الموانئ يربك اللوجستيات
ساهمت التطورات الميدانية الأخيرة في إعادة التوتر إلى الأسواق:
في أوكرانيا: أدت ضربات روسية على منطقة أوديسا إلى اندلاع حريق ضخم في ميناء “بيفديني”، التهم حاويات مخصصة للدقيق والزيوت النباتية، مما زاد من تعقيد العمليات اللوجستية للصادرات الأوكرانية.
في روسيا: أعلنت سلطات منطقة “كراسنودار” عن تضرر سفينتين على ساحل البحر الأسود جراء هجوم أوكراني بطائرات مسيرة.
هذه الهجمات صرفت أنظار المستثمرين عن المساعي الدبلوماسية الأمريكية لإنهاء النزاع، وأعادت التركيز على المخاطر الجيوسياسية المباشرة التي تهدد ممرات الشحن.
عوامل مؤثرة في السوق
رغم الانتعاش الحالي، أشار تقرير “Refinitiv” إلى عدة عوامل تضبط إيقاع السوق:
قوة اليورو: حد ارتفاع اليورو مقابل الدولار من مكاسب بورصة يورونكست، حيث جعل الحبوب الأوروبية أغلى ثمناً للمشترين الدوليين.
المنافسة الفرنسية: ساعد الانخفاض الأخير في الأسعار القمح الفرنسي على استعادة تنافسيته أمام القمح القادم من البحر الأسود، مما حافظ على تدفق الشحنات إلى الوجهات الأساسية مثل المغرب ودول غرب أفريقيا.
وفرة المعروض العالمي: لا يزال السوق يرزح تحت ضغط المحاصيل الوفيرة في الأرجنتين وأستراليا، مما يمنع الأسعار من تحقيق قفزات كبرى.
هدوء ما قبل الأعياد
وصف المتعاملون أحجام التداول في بورصة يورونكست بأنها “خفيفة”، وهو أمر معتاد قبيل عطلات عيد الميلاد ورأس السنة، حيث يفضل الكثير من المشاركين تصفية مراكزهم أو الانتظار لما سيسفر عنه مطلع العام الجديد.
خلاصة الموقف: بينما تشتعل النيران في مخازن الغذاء على ضفاف البحر الأسود، تحاول أسواق القمح الموازنة بين “علاوة المخاطر” الناتجة عن الحرب وبين “وفرة المعروض” العالمي، في مشهد سيبقى مفتوحاً على كافة الاحتمالات مع بداية 2026.










