أنقرة – طرابلس | 23 ديسمبر 2025، بينما تصارع فرق الإنقاذ التركية تضاريس “هايمانا” الوعرة والضباب الكثيف للوصول إلى حطام طائرته المتفحمة، يخيم الحزن والوجوم على المشهد الليبي بفقدان الفريق أول محمد علي الحداد، رئيس الأركان العامة لحكومة الوحدة الوطنية الذي لم يكن مجرد قائد عسكري عابر، بل كان “بيضة القبان” في مرحلة انتقالية هي الأصعب في تاريخ ليبيا الحديث.
المسيرة والمنصب: رأس الهرم العسكري
تولى الفريق أول محمد الحداد منصب رئيس الأركان العامة للجيش الليبي في عام 2021 بقرار من المجلس الرئاسي. ومنذ لحظة تسلمه المهام، برز كشخصية قيادية تجمع بين الانضباط العسكري والقدرة على المناورة السياسية، مما جعله يحظى بثقة الأطراف المحلية في طرابلس.
خاص: حادث أم عمل تخريبي؟ القصة الكاملة لتحطم طائرة رئيس الأركان الليبي محمد الحداد في أنقرة “فيديو”
أبرز محطات الفريق الحداد في المشهد الليبي:
مهندس توحيد المؤسسة العسكرية: يُنسب للحداد دور تاريخي عقب اتفاق وقف إطلاق النار في أكتوبر 2020؛ حيث كان من أشد المتحمسين لمسار توحيد الجيش وإنهاء الانقسام بين الشرق والغرب.
وقاد مشاورات تقنية معقدة لتقريب وجهات النظر بين القيادات العسكرية المتخاصمة.
ركيزة اللجنة العسكرية (5+5): لعب دوراً محورياً في دعم أعمال اللجنة العسكرية المشتركة «5+5».
وبفضله، شهدت ليبيا خطوات عملية في فتح الطرق الساحلية بين المدن، وإطلاق مسارات إعادة بناء الثقة، والعمل على ملف إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية.
الدبلوماسية العسكرية: لم يقتصر دوره على الميدان، بل كان وجهاً دبلوماسياً عسكرياً نشطاً؛ حيث مثل ليبيا في محافل دولية كبرى، وحافظ على علاقات استراتيجية قوية مع دول إقليمية، أبرزها تركيا، التي زارها مراراً لتطوير برامج تدريب الجيش الليبي وإعادة هيكلة الوحدات العسكرية.
تضاريس وعرة وضباب كثيف.. فرق الإنقاذ تصارع الزمن للوصول لحطام طائرة الفريق الحداد في أنقرة
لماذا يمثل رحيله “صدمة كبرى”؟
لا يُنظر إلى الحداد كشخصية عسكرية تقليدية، بل كان يُعد “صمام أمان” حال دون انفجار الأوضاع الأمنية في طرابلس في أكثر من مناسبة.
استطاع بحنكته موازنة العلاقة بين حكومة الدبيبة والتشكيلات المسلحة المختلفة، مما ضمن استقرار العاصمة لسنوات.
اللحظات الأخيرة: رحيل في “مهمة عمل”
كان الفريق الحداد في أنقرة ضمن زيارة رسمية لتعزيز التعاون الدفاعي، واختتمها باجتماعات مع قادة الدفاع الأتراك قبل أن تتحطم طائرته (فالكون 50) فوق منطقة هايمانا.
وتؤكد التقارير أن محاولته الأخيرة لطلب “هبوط اضطراري” تعكس شجاعة طاقمه في محاولة إنقاذ الوفد حتى اللحظة الأخيرة.
برحيل محمد الحداد، تفقد ليبيا أحد أبرز رموز الاعتدال داخل المؤسسة العسكرية، والرجل الذي آمن بأن استقرار البلاد يبدأ من “بندقية موحدة” تحت راية الدولة. وتتجه الأنظار الآن إلى طرابلس لترقب من سيخلف هذا الرجل في منصب لا يتحمل الفراغ، وفي توقيت لا يتحمل المغامرة.











