ثلاثية في شباك السودان… هل خدعت النتيجة منتخب الجزائر وأخفت عيوبًا قد تنفجر أمام الكبار؟
فاز منتخب الجزائر على السودان بثلاثية نظيفة في أولى مبارياته بكأس الأمم الإفريقية المغرب 2025، في انتصار أعاد «محاربي الصحراء» إلى صورة المرشح الجاد بعد إخفاقين متتاليين في نسختي 2021 و2023.
سجل رياض محرز هدفين مبكرًا وفي الشوط الثاني، قبل أن يختتم البديل إبراهيم مَزّة ثلاثية الجزائر أمام منتخب سوداني أنهى اللقاء منقوصًا بعد طرد أحد لاعبيه في الشوط الأول.
بداية نارية لمحرز وعودة ثقة جزائرية
المباراة التي أقيمت على ملعب الأمير مولاي الحسن في الرباط شهدت انطلاقة جزائرية صاعقة، حين سجل رياض محرز الهدف الأول بعد أقل من دقيقتين من صافرة البداية بتسديدة مقوسة رائعة بعد تمريرة بالكعب من هشام بوداوي داخل منطقة الجزاء.
الهدف المبكر فك التوتر عن كتيبة فلاديمير بيتكوفيتش، التي دخلت البطولة تحت ضغط جماهيري هائل بعد سلسلة نتائج كارثية في النسختين الماضيتين خرجت فيهما من الدور الأول.
سيطرت الجزائر على إيقاع اللعب بفضل ثلاثي الوسط بن ناصر وبوداوي وفارس شعيبي، مع تحركات نشطة لمحمد أمين عمورة وبغداد بونجاح أمام المرمى، ما جعل الدفاع السوداني في حالة استنفار دائم أغلب فترات الشوط الأول.
ورغم ذلك، لم يخلُ الأداء من فترات ارتباك عند فقدان الكرة، استغلها المنتخب السوداني في بعض الهجمات المرتدة التي هددت مرمى لوكا زيدان دون أن تهز الشباك.
نقطة التحول: طرد سوداني وثنائية تقتل الأملنقطة التحول الكبرى جاءت قبل نهاية الشوط الأول بست دقائق، حين تلقى المدافع السوداني صلاح الدين عادل البطاقة الحمراء بعد إنذار ثانٍ نتيجة تدخل عنيف، ليكمل «صقور الجديان» اللقاء بعشرة لاعبين في مواجهة منتخب يملك جودة هجومية كبيرة.
هذا الطرد أربك حسابات المدرب السوداني كواسي أبياه، الذي اضطر لسحب أحد لاعبي الوسط لتعزيز الدفاع، مفسحًا المجال أكثر لهيمنة الجزائر على الكرة في الشوط الثاني.
بعد العودة من الاستراحة، ترجم محرز التفوق العددي والفني إلى هدف ثانٍ في الدقيقة 61، مستفيدًا من تمريرة بينية متقنة من عمورة، لينفرد بالحارس ويسدد بثقة في الزاوية البعيدة، معلنًا تقريبًا نهاية آمال السودان في العودة.
الهدف الثاني عمّق الفارق المعنوي بين المنتخبين، وحوّل ما تبقى من اللقاء إلى اختبار لقدرة الجزائر على إدارة النتيجة بأقل مجهود مع الحفاظ على نظافة الشباك.
مزّة يختتم الثلاثية ورسالة جزائرية للمجموعة الخامسةفي الدقائق الأخيرة، واصل المنتخب الجزائري ضغطه النسبي رغم تراجعه دفاعيًا في بعض الفترات، قبل أن ينجح البديل إبراهيم مزّة في تسجيل الهدف الثالث في الدقيقة 85 بعد متابعة رأسية من بغداد بونجاح داخل منطقة الجزاء، ليضع بصمته الأولى في البطولة.
هذا الهدف رسّخ الانتصار العريض وأكد تنوع الحلول الهجومية داخل التشكيلة، إذ لم يعد محرز وحده محور التهديد كما كان الحال في نسخ سابقة.
الفوز 3-0 وضع الجزائر في صدارة مؤقتة للمجموعة الخامسة قبل مواجهة بوركينا فاسو وغينيا الاستوائية، مانحًا بيتكوفيتش هامشًا أفضل للمناورة التكتيكية في اللقاءين المقبلين، خاصة وأن التاريخ القريب للمنتخب يشهد بتعثره أمام منتخبات من مستوى بوركينا فاسو.
ورغم أن النتيجة تبدو مثالية، فإن الجهاز الفني يدرك أن الاختبار الحقيقي لم يأت بعد، وأن مواجهة بوركينا فاسو في الجولة الثانية ستكون المعيار الفعلي لمدى جاهزية «الخضر» للذهاب بعيدًا في البطولة.
ماذا عن السودان بعد الخسارة؟على الجانب الآخر، تُعد الهزيمة بثلاثية ضربة قوية لطموحات منتخب السودان الذي دخل الكان هذه المرة بشحنة معنوية كبيرة بعد تأهله على حساب غانا في التصفيات، في واحدة من أبرز مفاجآت المرحلة المؤهلة.
أداء «صقور الجديان» قبل الطرد كان مقبولًا من حيث الالتزام الدفاعي وتنظيم الصفوف، لكن ضعف الفعالية الهجومية وقلة خبرة بعض العناصر ظهرت بوضوح أمام فريق يعرف كيف يعاقب على أصغر الأخطاء.
الهزيمة أمام الجزائر لا تعني نهاية الحظوظ السودانية، لكنها تضع المنتخب تحت ضغط ضرورة تحقيق نتيجة إيجابية أمام غينيا الاستوائية في الجولة الثانية إذا أراد البقاء في سباق التأهل، سواء عبر المركز الثاني في المجموعة أو عبر بوابة أفضل الثوالث.
بين طرد مكلف وثلاثية موجعة، تبدو مهمة السودان المقبلة اختبارًا لشخصية فريق يسعى لاستعادة أمجاد لقب 1970، بعيدًا عن عقدة منتخبات الشمال الإفريقي التي لا تزال تحاصره نفسيًا وتكتيكيًا.










