اليمن يحرر آلاف الأسرى : الحكومة اليمنية والحوثيون يتفقون على صفقة تبادل الأسرى الأكبر منذ 2023
مسقط –، 24 ديسمبر 2025
توصلت الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً وجماعة الحوثي، بعد نحو أسبوعين من المفاوضات المكثفة في مسقط، إلى اتفاق لتبادل الأسرى يشمل حوالى 3 آلاف محتجز، وسط إشادة دولية وإقليمية بالخطوة، لكنها تأتي في ظل استمرار النزاع المسلح الذي طال أمده منذ أكثر من عقد، وتفاقم الأزمة الإنسانية التي تعصف باليمنيين.
تفاصيل الصفقة وأرقام الأسرى
أوضح ماجد فاضل، عضو الوفد الحكومي اليمني المشارك في المفاوضات، أن الصفقة تتضمن إطلاق سراح آلاف الأسرى من الجانبين، فيما قال عبد القادر المرتضى، مسؤول وفد الحوثيين المعني بالمعتقلين، عبر منشور على منصة «إكس»، إن الاتفاق يشمل 1,700 أسير من طرف الحكومة مقابل 1,200 أسير من طرف الحوثيين، بينهم 7 سعوديين و23 سودانياً.
ويعد هذا التبادل الأكبر منذ آخر صفقة رسمية جرت في أبريل 2023، والتي شهدت إطلاق نحو 900 أسير ومحتجز من الجانبين، بوساطة اللجنة الدولية للصليب الأحمر والأمم المتحدة، بعد مفاوضات استمرت في سويسرا. كما أفرج الحوثيون عن 153 شخصاً بشكل أحادي في يناير 2025، في محاولة لتخفيف الضغط الدولي وتحسين صورتهم الإنسانية.
على الرغم من هذا الاتفاق، تبقى الأرقام الدقيقة للأسرى والمحتجزين غير معروفة، إذ تشير تقديرات مشاورات ستوكهولم 2018 إلى وجود أكثر من 15 ألف محتجز لدى الطرفين، مما يجعل ملفات الأسرى من أكثر القضايا الإنسانية حساسية وتعقيداً في النزاع اليمني.
السياق الإقليمي والدولي
رحب جاسم بن محمد البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، بالاتفاق، مشيداً بالجهود التي بذلتها سلطنة عمان والمملكة العربية السعودية، ومكتب المبعوث الخاص للأمم المتحدة، ولجنة الصليب الأحمر الدولية. وأكد البديوي أن الصفقة تمثل خطوة مهمة لتخفيف المعاناة الإنسانية وبناء الثقة بين الأطراف، وأنها قد تفتح المجال لمفاوضات أوسع لتحقيق السلام والاستقرار.
من جهتها، أكدت وزارة الخارجية السعودية على أهمية الاتفاق واصفة إياه بـ«خطوة إنسانية كبيرة»، كما شددت على استمرار دعم المملكة لكل الجهود الرامية لإنهاء الأزمة اليمنية، وتخفيف معاناة الشعب اليمني، مع التأكيد على ضرورة متابعة تنفيذ الصفقة بشكل دقيق.
وفي المقابل، اعتبرت الأمم المتحدة الاتفاق خطوة إيجابية، وقال المبعوث الخاص لها، هانس غروندبرغ، إن الصفقة تمثل فرصة لتخفيف معاناة الأسرى وأسرهم، مؤكداً أهمية استمرار التعاون بين الأطراف لضمان التنفيذ الكامل، وأن أي إخلال بالاتفاق قد يزيد من معاناة المحتجزين.
الوضع الإنساني للأسرى والمحتجزين
رغم توقيع الصفقة، لا تزال الظروف الإنسانية داخل السجون والمعتقلات في اليمن صعبة للغاية، حيث يعاني الأسرى من:
• سوء المعاملة الجسدية والنفسية.
• نقص الرعاية الصحية والخدمات الأساسية.
• غياب الشفافية بشأن أعداد الأسرى ومكان احتجازهم.
• تأثير النزاع المستمر على الأسر المحرومة من متابعة ذويها المحتجزين.
ويشير خبراء حقوق الإنسان إلى أن الصفقات الجزئية لا تكفي لمعالجة الأزمة الإنسانية بشكل كامل، وأن الحل الفعلي يتطلب إجراءات دولية صارمة لمراقبة تنفيذ اتفاقات التبادل وضمان الإفراج الفوري عن جميع الأسرى، خاصة النساء والأطفال وكبار السن والجرحى.
الخلفية السياسية والإنسانية للنزاع
النزاع اليمني مستمر منذ أكثر من 10 سنوات، بين الحكومة الشرعية المدعومة دولياً وجماعة الحوثي، ما أدى إلى كارثة إنسانية واسعة تشمل نقص الغذاء، انهيار الخدمات الصحية، ونزوح الملايين.
وتشير التحليلات السياسية إلى أن:
• الصفقات الإنسانية تستخدم أحياناً كأداة ضغط سياسي من الطرفين.
• الوساطات الإقليمية والدولية تلعب دوراً أساسياً في التوصل لاتفاقيات تبادل الأسرى، لكنها تواجه تحديات في ضمان التنفيذ على الأرض.
• التصعيد العسكري المتكرر قد يعرقل أي تقدم مستدام في ملف الأسرى ومسار السلام.
ما يلي الصفقة؟
وفقاً لمصادر رسمية ودولية، فإن الخطوات القادمة تشمل:
1. تنفيذ الصفقة تحت إشراف اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومكتب المبعوث الخاص للأمم المتحدة.
2. متابعة الإفراج عن مزيد من الأسرى والمحتجزين، مع التركيز على الفئات الأكثر تضرراً (النساء، الأطفال، كبار السن، والجرحى).
3. الضغط الدولي لضمان أن تكون الصفقة خطوة نحو حل سياسي شامل وليس مجرد إجراء مؤقت لتخفيف الضغط الإنساني.
تقييم الخبراء
يرى محللون أن الصفقة تمثل نجاحاً دبلوماسياً وإنسانياً محدوداً، لكنها لن تحقق تحولاً جذرياً في مسار النزاع ما لم تتبع بإجراءات صارمة لتوثيق الإفراجات، وضمان عدم استخدام ملف الأسرى كورقة سياسية في النزاع.
كما يحذرون من أن أي تأخير في التنفيذ أو إخلال بالاتفاق قد يقود إلى زيادة معاناة الأسرى وأسرهم، ويضعف الثقة بين الأطراف، ما يهدد استقرار المنطقة.










