طقس مثالي للسائح.. مرهق للمقيم: من يدفع فاتورة تقلبات الجو بين الضباب والعواصف فى الامارات ؟
الأجواء في الإمارات هذه الأيام شتوية معتدلة ومستقرة نسبيًا، مع طقس لطيف نهارًا يميل للبرودة ليلًا، ودرجات حرارة تدور في منتصف العشرينات مئوية في أبوظبي ودبي مع فرص محدودة جدًا للأمطار وحضور متكرر للضباب الخفيف في بعض الفترات.
هذا الاستقرار الظاهري يخفي خلفه نقاشًا متجددًا حول إدارة الظواهر الجوية كالشبورة والأتربة وتحذيرات البحر والرحلات الجوية، خاصة بعد موجة التقلبات والأمطار التي شهدتها البلاد خلال منتصف ديسمبر.
ملامح طقس اليوم في الإمارات
تشير بيانات الطقس إلى أجواء مستقرة في أغلب مدن الإمارات اليوم؛ سماء صافية إلى غائمة جزئيًا، ودرجات حرارة عظمى في دبي وأبوظبي حول 24–26 درجة مئوية، مع ليل يميل للبرودة وحرارة صغرى قرب 17–19 درجة.
الرطوبة تبقى متوسطة إلى مرتفعة نسبيًا، ما يرفع الإحساس بالبرودة ليلًا ويزيد احتمال تشكل ضباب أو شبورة خفيفة في ساعات الفجر والصباح على بعض الطرق المفتوحة وقرب الساحل.
الرياح خفيفة إلى معتدلة في أغلب الفترات، مع نشاط أكبر نسبيًا فوق البحر، ما يعني أن حالة الخليج العربي وبحر عُمان تميل لأن تكون معتدلة الموج مع فترات يصبح فيها البحر مضطربًا نسبيًا مع نشاط الرياح الشمالية الغربية.
هذا المشهد يجعل من الطقس مثاليًا للأنشطة الخارجية والسياحية نهارًا، لكنه يفرض قدرًا من الحذر على السائقين في الصباح الباكر وعلى رحلات الصيد والنزهات البحرية خاصة عند ظهور أي تحذيرات رسمية.
خلفية الشهر: من مطر وتقلبات إلى استقرار حذرخلال النصف الأول من ديسمبر، عاشت الإمارات فترة من عدم الاستقرار الجوي، تخللتها فرص لهطول أمطار متفرقة ورياح نشطة وموجات ضباب أثرت على حركة الطيران والطرق وبعض الأنشطة البحرية.
تقارير عدة حذرت من أمطار رعدية متفرقة، ورياح قوية قد تصل سرعتها إلى نحو 45 كيلومترًا في الساعة على بعض المناطق، مع بحار مضطربة وتنبيهات مبكرة لمستخدمي الطرق الصحراوية والساحلية.
هذه الحالات الجوية المتقلبة أعادت طرح سؤال الجاهزية أمام موجات المطر والضباب المتكررة، خاصة أن الإمارات تُسوَّق عالميًا كوجهة شتوية «مثالية» بدرجات حرارة معتدلة وسماء صافية
فبين صورة الطقس السياحي الهادئ على الشواطئ، وحقيقة التحذيرات المتكررة من تدني الرؤية على الطرق وتأجيل بعض الرحلات أو تأثرها بضباب الصباح، يبرز التناقض بين التسويق السياحي ومتطلبات إدارة المخاطر اليومية للسكان.
بين السائح والمقيم: من المستفيد من طقس الإمارات؟بالنسبة للسائح، تبدو الأجواء الحالية في دبي وأبوظبي مثالية؛ درجات حرارة مريحة، شمس لطيفة، وأمطار نادرة تجعل التخطيط لبرامج التسوق والشواطئ والفعاليات الشتوية في الهواء الطلق أكثر سهولة.
لكن المقيم الذي يقود يوميًا على الطرق السريعة، أو العامل في الموانئ والمطارات، يرى وجهًا آخر للطقس حين يتحول الضباب أو الغبار أو الأمطار المحدودة إلى سبب رئيسي لتعطّل الحركة وارتفاع مخاطر الحوادث.
التحذيرات التي تصدر عن الجهات المختصة غالبًا ما تصل للمواطنين والمقيمين عبر تطبيقات الهواتف ورسائل التنبيه ومنصات الطقس الرقمية المتطورة، ما يعكس استثمارًا كبيرًا في البنية التقنية للأرصاد الجوية.
لكن السؤال يبقى مطروحًا حول كفاية هذه التحذيرات وحدها في غياب سياسات أكثر تشددًا في ضبط السرعات أثناء الضباب، وتنظيم رحلات البحر، وتحديث بنية الطرق بما يواكب واقع تقلبات مناخية تتكرر في كل شتاء بدرجات مختلفة.
هل تحتاج الإمارات إلى سياسة مناخية جديدة؟
المتابع لخريطة الطقس الإقليمية يلحظ أن موجات الأمطار والرياح والضباب في منطقة الخليج أصبحت أكثر تكرارًا وتنوعًا، مع تزايد الحديث عالميًا عن تأثيرات التغير المناخي على أنماط الطقس في المناطق الصحراوية.
هذا يفرض على دول مثل الإمارات الانتقال من منطق «إدارة الحالة الجوية» إلى منطق «إدارة المناخ» عبر خطط طويلة الأمد للبنية التحتية المرورية والبحرية والإنشائية، وليس الاكتفاء بمعالجة كل موجة ضباب أو مطر على حدة.
استقرار الطقس في الأيام الحالية يمنح فرصة لمراجعة الدروس المستفادة من موجات التقلب الأخيرة؛ من تأثير الأمطار على بعض الطرق، إلى كفاءة تصريف المياه في المدن، مرورًا بكيفية تعامل المدارس والجامعات وجهات العمل مع التحذيرات الجوية دون مبالغة أو تهاون.
وبين شتاء «لطيف» في الأرقام و«صعب» أحيانًا في التفاصيل، يبقى طقس الإمارات مرآة لتوازن دقيق بين جذب السائح، وحماية المقيم، وضرورة الاعتراف بأن السماء لم تعد ثابتة فوق مدن الزجاج والبحر والرمال.










