قصي صدام حسين… رجل الظل الذي تحكم في العراق ومات في الموصل لكن أشباحه لم تغادر بغداد بعد
قصي صدام حسين قُتل في غارة أمريكية على منزل في الموصل يوم 22 يوليو 2003، لذلك لا توجد “أخبار آنية” عنه كشخص حي، بينما تنحصر المستجدات في ما يُنشر عن أرشيف عائلته، وأبنائه المفقودين، وصراع الذاكرة حول إرث النظام السابق في العراق حتى اليوم.
مع ذلك، لا يزال اسم الرجل حاضرًا في النقاشات السياسية والإعلامية، خصوصًا مع بقاء بعض أفراد عائلة صدام في المنفى وتداول روايات جديدة عن مصير الجثمان وأبناء قصي الغامضين
صعود قصي داخل نظام صدام
قصي صدام حسين كان الابن الثاني للرئيس العراقي السابق، لكنه تحول في التسعينيات إلى الرجل الأقرب لخلافة والده بعد تراجع دور شقيقه عدي بسبب إصاباته وسمعته الفوضوية.
تولى قصي قيادة الحرس الجمهوري والحرس الجمهوري الخاص وجهاز الأمن الخاص، ليصبح المشرف المباشر على أمن النظام والعائلة ودوائر القمع الداخلية.
في أعقاب انتفاضة 1991 في جنوب العراق، نُسب إلى قصي دور مركزي في قمع التمرد، بما شمل حملات اعتقال وإعدامات جماعية وتدمير مناطق الأهوار التي كانت ملاذًا للمعارضين، ما رسّخ صورته كـ«رجل القبضة الحديدية» داخل النظام.
ومع اقتراب حرب 2003، منحه صدام ولاية أمنية وعسكرية واسعة على بغداد وتكريت ومناطق حيوية أخرى، في إشارة واضحة إلى أنه الوريث الفعلي لمشروع السلطة البعثية.
معركة الموصل ونهاية الرجلفي 22 يوليو 2003 حاصرت قوات من الفرقة 101 المحمولة جوًا مدعومة بقوات خاصة أمريكية منزلًا في الموصل بعد بلاغ من عراقي أكد وجود عدي وقصي داخله، قبل أن تتحول محاولة الاعتقال إلى اشتباك عنيف استمر ساعات.
انتهت العملية بمقتل قصي، وشقيقه عدي، وابن قصي مصطفى البالغ 14 عامًا، إضافة إلى أحد الحراس، ليتصدر خبر تصفية «أخطر رجلين» في النظام السابق واجهة الإعلام الدولي.
السلطات الأمريكية أعلنت منح المخبر العراقي الذي دل على مخبأهما مبلغ 30 مليون دولار، في رسالة سياسية وأمنية مفادها أن شبكة حماية عائلة صدام تفككت وأن لا أحد في العراق بات بمنأى عن الملاحقة مقابل الثمن المناسب.
وفي المقابل، استُخدمت صور جثتي عدي وقصي بعد تشويهها بالقتال والتشريح كأداة «دعائية» لإثبات سقوط رموز النظام، في مشهد ترك أثرًا نفسيًا عميقًا على الرأي العام العراقي والعربي.
أبناء قصي والجثة المفقودة
المؤكد من المصادر الرسمية أن لقصي ثلاثة أبناء معروفين بالاسم؛ مصطفى الذي قُتل معه في الموصل، واثنان آخران هما يحيى ويعقوب يُعتقد أنهما على قيد الحياة لكن لا يُعرف لهما مكان إقامة معلن حتى اليوم.
تشير تقارير إعلامية إلى أن أحفاد صدام وأبناءه الذين نجوا من الحرب يعيشون بأسماء وهوية جديدة في دول مختلفة، بعيدًا عن الأضواء، ضمن استراتيجية عائلية للهروب من الملاحقة ومن ثقل الإرث السياسي.
عام 2017 برزت رواية مثيرة من أحد أقارب العائلة (ابن أخ)، زعم فيها أن جثمان قصي نُقل سرًا إلى إيران أو جرى العبث به من جانب طهران، لكن هذه الرواية لم تثبت بوثائق أو تحقيقات مستقلة وبقيت ضمن سرديات الصراع الإقليمي حول إرث صدام.
في المقابل، تؤكد قراءات أخرى أن ملف المقابر والرفات لرموز النظام السابق تحول إلى ورقة سياسية وأمنية بيد قوى مختلفة، في ظل غياب رواية رسمية عراقية شفافة حول أماكن دفن كثير من الأسماء الكبرى.
قصي في ذاكرة العراق ما بعد 2003رغم مرور أكثر من عقدين على مقتله، يبقى قصي حاضرًا في ذاكرة العراقيين بوصفه رمزًا لمرحلة القمع الأمني المكثف التي سبقت سقوط بغداد، وسط جدل بين من يراه «منفذ أوامر» في منظومة شمولية ومن يعتبره مهندسًا رئيسيًا لآلة التعذيب والاختفاء القسري.
عودة الحديث عن عائلة صدام مع ظهور بعض الأحفاد في مناسبات عامة، وتحركات سياسية وإعلامية لابنته رغد من المنفى، يعيد اسم قصي إلى الواجهة كلما طُرح سؤال: هل يمكن لرجال النظام القديم أو أبنائهم أن يعودوا لاعبًا في مستقبل العراق؟.
في المقابل، تحاول قوى عراقية جديدة توظيف صورة قصي وأخيه كدليل على «نهاية بلا رجعة» لعصر الديكتاتورية، في وقت يرى فيه جزء من الشارع أن غياب العدالة الانتقالية الحقيقية أبقى جراح تلك المرحلة مفتوحة، وجعل النقاش حول إرث صدام وأبنائه، ومنهم قصي، في حالة اشتعال كلما اهتز استقرار البلاد أو تجدد الإحباط من النخبة الحاكمة الحالية.










