من كواليس “عسل أسود” إلى سرير العناية المركزة: كيف انتهت رحلة الفنان المصرى طارق الأمير في غيبوبة طويلة؟
توفي الفنان والسيناريست المصري طارق الأمير عن عمر ناهز 60 عامًا بعد صراع مرير مع أزمة صحية حادة انتهت بتوقف كامل في عضلة القلب، ما أدخل الوسط الفني والجمهور في حالة حزن واسعة اليوم.
جاءت الوفاة بعد أسابيع قضاها داخل العناية المركزة بأحد المستشفيات في القاهرة، إثر مضاعفات عدوى بكتيرية ومشكلات مزمنة في شرايين القلب تسببت في توقف متكرر لعضلة القلب وغيبوبة تامة قبل رحيله.
من هو طارق الأمير؟
طارق الأمير ممثل ومؤلف مصري من مواليد منتصف ستينيات القرن الماضي (قرابة 1965)، اشتهر بكونه من وجوه الصف الثاني التي ظهرت بقوة في أفلام التسعينيات وبداية الألفية.
شارك في عدد من الأعمال السينمائية البارزة منها «عسل أسود»، «اللي بالي بالك»، «عوكل»، و«صنع في مصر»، مجسدًا أدوارًا مساندة تركت بصمة لدى الجمهور رغم قلة عدد مشاهده.
إلى جانب التمثيل، عمل الأمير في كتابة السيناريو والحوار، وشارك في أعمال درامية وسينمائية بوصفه مؤلفًا مشاركًا، ما جعله حاضرًا خلف الكاميرا أيضًا وإن لم يحظَ بنفس الأضواء التي نالها نجوم الصف الأول.
وبمرور السنوات، بات اسمه يرتبط بصورة «الممثل المجتهد» الذي يحضر في الخلفية لكنه يترك أثرًا في كل مشهد، وهو ما ظهر جليًا في موجة النعي والتقدير بعد إعلان وفاته.
بداية الأزمة الصحية وتدهور الحالة
بدأت الأزمة الصحية الحادة قبل أسابيع قليلة، عندما تعرض طارق الأمير لأزمة قلبية قوية ناتجة عن قصور شديد في الشرايين التاجية، ما استدعى نقله على وجه السرعة إلى أحد المستشفيات الكبرى بالقاهرة وإيداعه العناية المركزة.
الأطباء نجحوا في إنعاش عضلة القلب أكثر من مرة خلال الأيام الأولى، لكن حالته ظلت حرجة، مع تحذيرات من أن تكرار توقف القلب يؤدي إلى أضرار واسعة في أعضاء الجسم الحيوية.
خلال وجوده في العناية المركزة، أصيب الأمير بعدوى بكتيرية خطيرة داخل المستشفى أثرت على الجهاز التنفسي والمناعة، وتسببت في امتلاء صدره بالبلغم ومضاعفات على الكلى والكبد، ما أدخل جسده في دائرة معقدة من الفشل الوظيفي.
أطباء القلب أوضحوا أن اجتماع توقف متكرر للقلب مع عدوى بكتيرية وجهاز مناعي مرهق جعل السيطرة على الحالة شبه مستحيلة، رغم الاعتماد على بروتوكولات مكثفة للعلاج بالأدوية ودعم الأكسجين.
اللحظات الأخيرة وسبب الوفاة الرسمي
بحسب روايات العائلة وتصريحات أطباء تابعوا الحالة، قضى طارق الأمير أيامه الأخيرة في غيبوبة تامة، مع تدهور مستمر في المؤشرات الحيوية وعدم استجابة كافية للعلاج.
الساعات الفاصلة قبل الوفاة شهدت توقفًا جديدًا وكاملًا في عضلة القلب، حاول الفريق الطبي التعامل معه بعمليات إنعاش متكررة لكن دون جدوى، ليُعلن رسميًا رحيله صباح الأربعاء 24 ديسمبر 2025.
السبب الطبي المباشر للوفاة، وفق ما نُشر، هو فشل حاد في عضلة القلب نتيجة قصور مزمن في الشرايين التاجية، مع مضاعفات عدوى بكتيرية أدت إلى انهيار عام في وظائف أجهزة الجسم.
تقارير طبية أشارت إلى أن العدوى المكتسبة داخل المستشفى لعبت دورًا حاسمًا في تسريع تدهور حالته، وهي نقطة أثارت نقاشًا واسعًا حول معايير مكافحة العدوى في وحدات العناية المركزة، خصوصًا مع المرضى كبار السن.
الجنازة وردود الفعل في الوسط الفني
أُعلن عن تشييع جثمان طارق الأمير بعد صلاة الظهر من مسجد الرحمن الرحيم بصلاح سالم، قبل دفنه في مقابر الأسرة بمدينة 6 أكتوبر، في جنازة غلب عليها الطابع الهادئ وحضور عدد من أفراد الأسرة وبعض الزملاء القريبين.
ورغم أن عدد الحضور لم يكن كبيرًا قياسًا بنجوم الشباك، فإن مشاهد الحزن والدعاء على وجوه المشيعين عكست مكانته الإنسانية لدى من عرفوه وعملوا معه عن قرب.
على منصات التواصل الاجتماعي، تصدّر اسمه قوائم البحث في مصر، وتوالت رسائل النعي من فنانين وإعلاميين وجمهور استعادوا مشاهده في السينما ولقبه المرتبط بفيلم «عسل أسود» وشخصية «عبد المنصف».
منشورات النعي من نقابة المهن التمثيلية ومن زملائه ركزت على أخلاقه الهادئة والتزامه الفني، واعتبرت رحيله «خسارة لفنان لم يأخذ حقه من الأضواء، لكن أعماله ستظل شاهدة على موهبته».










