مصرع رئيس أركان الجيش الليبي محمد علي الحداد يثير قلقًا حول توازنات السلطة والسلاح في ليبيا، ويضع المؤسسة العسكرية والسياسية أمام اختبار حقيقي لضمان الاستقرار واستمرارية عمل الدولة.
طرابلس – ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٥
أثار حادث تحطم الطائرة التي كانت تقلّ رئيس أركان الجيش الليبي الفريق أول محمد علي الحداد، مساء الثلاثاء، مخاوف كبيرة حول استقرار المؤسسة العسكرية في ليبيا وحدود نفوذ الدولة، بعد أن قضى الحداد رفقة عدد من كبار القادة العسكريين أثناء عودتهم من زيارة رسمية إلى تركيا.
ويعتبر منصب رئيس الأركان في ليبيا منصبًا حساسًا ومركزيًا، إذ لا يقتصر دوره على قيادة الجيش التقليدي، بل يتضمن إدارة الواقع العسكري المتشظي بين وحدات نظامية وتشكيلات مسلحة ذات نفوذ ميداني. ويشير المحلل العسكري عادل عبد الكافي إلى أن شاغل المنصب مطالب بالتنسيق والاحتواء أكثر من إصدار الأوامر المباشرة، ما يجعل غيابه مؤثرًا حتى مع استمرار الهياكل الإدارية.
آثار الحادث على الأمن والسياسة
يرى الناشط السياسي رمضان معيتيق أن الحادث يتجاوز الجانب العسكري، ويكشف هشاشة الإطار السياسي المؤسسي في ليبيا. ويؤكد أن أي فراغ في موقع سيادي يصبح معرضًا للاستثمار من أطراف متعددة، مشددًا على أن الخطر الحقيقي ليس في غياب شخص بعينه، بل في غياب توافق سياسي يضمن استمرار المؤسسات دون الاعتماد على الأفراد.
دور رئيس الأركان في توازنات السلطة
يوضح المحلل السياسي حازم الرايس أن منصب رئيس الأركان بات جزءًا من منظومة إدارة الاستقرار، ويلعب دورًا محوريًا في الموازنة بين المجلس الرئاسي والحكومة والقوى المسلحة. ويضيف أن الموقع يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالملف العسكري الدولي، ما يجعل أي تغيّر فيه مرتبطًا بحسابات دقيقة داخلية وخارجية.
التحديات مع التشكيلات المسلحة
يشير عبد الكافي والرايس إلى أن العلاقة بين رئاسة الأركان والتشكيلات المسلحة تبقى من أكثر الملفات تعقيدًا في ليبيا، إذ تقوم غالبًا على التفاهم والتنسيق وليس على التسلسل القيادي الصارم. ويؤكد الرايس أن إدارة النفوذ المسلح دون امتلاك أدوات الدولة الكاملة تجعل المنصب معرضًا للاهتزاز عند غياب شخصية قوية.
فراغ قيادي أم أزمة مؤسسية؟
يسلط الحادث الضوء على كيفية إدارة الأمن في ليبيا بمنطق الأشخاص، فيما يحذر معيتيق من أن أي تغيّر مفاجئ قد يهز المؤسسات إذا استمر هذا النهج. من جهته، يشير عبد الكافي إلى وجود حد أدنى من الاستمرارية في عمل المؤسسة العسكرية، لكنه يشدد على ضرورة اتخاذ قرارات سياسية واضحة وسريعة للحفاظ على التماسك. ويضيف الرايس أن المرحلة المقبلة ستكون اختبارًا لقدرة الدولة على الفصل بين المؤسسة والأشخاص ومنع استغلال الفراغ سياسيًا أو أمنيًا.
يبقى التحدي الأساسي بعد وفاة الحداد سياسيًا وأمنيًا، إذ يتعلق بقدرة الدولة الليبية على إدارة غياب شخصية محورية ضمن منطق المؤسسة، لا الفراغ، في بلد ما زال يسعى لتحقيق توازن مستدام بين السلاح والسلطة. قيادي, تحطم طائرة, استقرار سياسي, قيادة الجيش










