وراء الأرقام الرسمية لضحايا حادثة تحطم طائرة رئيس الأركان العامة الليبي، الفريق محمد علي أحمد الحداد، تبرز قصة إنسانية مأساوية بطلتها اليونانية ماريا بابا (42 عاما)، التي كانت ضمن طاقم الطائرة المنكوبة التي تحطمت جنوب العاصمة التركية أنقرة في 23 ديسمبر 2025.
رحلة الموت: عطل كهربائي ثم صمت مطبق
كانت ماريا تمارس مهنتها التي عشقتها على متن طائرة خاصة من طراز “فالكون 50″، تابعة لشركة “هارموني جيتس”، في رحلة العودة من مطار “إيسنبوغا” بأنقرة إلى طرابلس.
وبحسب التقارير الفنية، أبلغ الطاقم عن عطل كهربائي مفاجئ بعد الإقلاع بفترة وجيزة، وطالب بهبوط اضطراري، لكن الاتصال انقطع فجأة لتتحطم الطائرة في منطقة “هيمانا”، مودية بحياة جميع من كانوا على متنها، بما في ذلك الفريق الحداد ومرافقيه.
ماريا بابا.. عقدان من العشق للسحاب
لم تكن ماريا مجرد موظفة، بل كانت تجسيدا لحلم طفولة استمر قرابة 20 عاما في أجواء الطيران. عرفت بين زملائها بـ قدرة فائقة على إدارة المواقف الصعبة برقي وهدوء.
و كانت نافذة تفاؤل لزملائها، وتشارك متابعيها دائما صورا توثق شغفها بالترحال والحياة، وبدأت مؤخرا العمل مع شركة “هارموني جيتس” على الطائرات المستأجرة الصغيرة، باحثة عن تجربة مهنية مختلفة.
حزن مزدوج وقصة لم تكتمل
ما يضاعف مأساة رحيل ماريا هو توقيت الحادث؛ فقد كانت المضيفة اليونانية تعيش فترة عصيبة بعد فقدان والدتها بمرض السرطان قبل أشهر قليلة. ويقول المقربون منها إن انخراطها الدائم في العمل كان وسيلتها الوحيدة للهروب من وجع الفقد والعثور على العزاء وسط الغيوم.
ماريا، التي كانت تعيش علاقة عاطفية مستقرة دامت 20 عاما مع شريك حياتها، رحلت تاركة خلفها صدمة مدمرة لعائلتها وزملائها الذين لا يزالون غير مصدقين للخبر. وقالت إحدى صديقاتها: “كنا ننتظر رؤيتها في العطلة، لكنها غادرتنا إلى الأبد”.
تحقيقات وحداد
بينما أعلنت ليبيا الحداد الوطني على فقدان قياداتها العسكرية، تنتظر عائلة ماريا في اليونان انتهاء إجراءات التعرف على الجثمان لإعادته إلى موطنها. وفي غضون ذلك، تواصل السلطات التركية تحليل مسجلات الرحلة (الصندوق الأسود) لفهم الأسباب الدقيقة للعطل الكهربائي الذي أطفأ حياة ماريا ومن معها في لحظات معدودة.










