مسؤولون أميركيون: نتنياهو يعرقل اتفاق غزة قبل لقائه ترامب
القدس/واشنطن – 26 ديسمبر 2025
كشفت وسائل إعلام إسرائيلية عن قناعة متنامية لدى مسؤولين في البيت الأبيض بأن إسرائيل، بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، تتلكأ في تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بل وقد تقوم بتخريبه عمدًا، قبل أيام قليلة من اللقاء المرتقب بين نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترامب، المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية.
وتشير التسريبات إلى تباين واضح بين الموقف الأميركي والإسرائيلي بشأن المرحلة الثانية من الاتفاق، حيث يختلف المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف ومستشار ترامب جاريد كوشنر عن مواقف نتنياهو، ما يعكس إحباطًا أميركيًا من بطء التنفيذ وتلكؤ إسرائيل في تطبيق الاتفاق، رغم صعوبته في الأصل.
رسائل التسريب وأهدافها
أوضح الباحث المختص بالشأن الإسرائيلي عادل شديد أن هذا التسريب يوجه رسائل متعددة، أولها للفضاء الدولي الذي يضغط على الإدارة الأميركية لمحاسبة إسرائيل، وثانيها للرأي العام الإسرائيلي لتهيئته لتقبل أي تراجع محتمل من نتنياهو. وأضاف شديد أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يسعى لفرض أجندته خلال اللقاء المرتقب، بما في ذلك موضوعات غزة، الضفة الغربية، حزب الله، وإيران، مع التركيز على الضفة الغربية باعتبارها العمق الجغرافي للكيان الفلسطيني المستقبلي، ما قد يبرر أي تراجع عن التزامات غزة.
الموقف الأميركي والضغط الداخلي
أكد الأكاديمي محجوب الزويري أن إدارة ترامب تتعامل مع إسرائيل بطريقة الأب الذي يضغط ثم يمنح الحرية، مشيرًا إلى أن الدعم الاستراتيجي المستمر لإسرائيل يجعلها أقل شعورًا بالضغط، حتى مع الانتهاكات الواضحة لاتفاق وقف إطلاق النار.
من جهته، رأى جو بوريلي، العضو الجمهوري السابق في مجلس مدينة نيويورك، أن التسريبات تعكس إحباط بعض المسؤولين الأميركيين، خصوصًا كوشنر وويتكوف، من بطء خطوات التنفيذ، وأن الرئيس ترامب يواجه ضغوطًا داخل حزبه لتسريع التسوية، لأن الاتفاق يحمل توقيعه الشخصي ويشكل نجاحه السياسي أمام المجتمع الدولي.
خطوط حمراء إسرائيلية
أوضح بوريلي أن نتنياهو لن يتفاوض حول إطلاق سراح جثة الأسير الأخيرة، ولن يتنازل عن السيطرة على نزع سلاح حركة حماس، معتبرًا هذين الموضوعين خطوطًا حمراء غير قابلة للتفاوض، وهو ما قد يعقد أي تسوية متفق عليها بين الأطراف.
أبعاد دبلوماسية وسياسية
يتزامن هذا التوتر مع ضغوط دولية على الإدارة الأميركية، إذ يلتزم ترامب تجاه 58 دولة شاركت في دعم الاتفاق. وأشار شديد إلى أن نتنياهو قد يحاول خلال اللقاء المرتقب خلط الأوراق وفرض أجندته الخاصة، بما في ذلك تفاصيل غزة، الضفة الغربية، وحزب الله وإيران، في محاولة للسيطرة على شكل التسوية النهائية.
وفي الوقت نفسه، يُعتبر اللقاء فرصة لتحديد مستقبل الضفة الغربية، التي تعد قضية استراتيجية للكيان الفلسطيني المستقبلي، وقد يؤثر أي موقف حاسم حولها على الالتزامات الإسرائيلية تجاه غزة. كما أن إدارة ترامب تواجه تحديات مرتبطة بتوسيع اتفاقيات إبراهام والتحالفات الإقليمية الجديدة لمواجهة الصين، وهو ما يجعل الضغط على إسرائيل محدودًا رغم التسريبات.
السياق التاريخي والتوترات السابقة
تأتي هذه التطورات في إطار توتر مستمر بين الإدارة الأميركية وحكومة نتنياهو بشأن تنفيذ اتفاقات سابقة في غزة. وتشير الأحداث الأخيرة إلى هشاشة عملية السلام، وعدم استقرار الضمانات الدولية، وهو ما يجعل نجاح أي اتفاق معقدًا ويعتمد على توازن دقيق بين الضغط الدولي والمصالح الإسرائيلية الداخلية.
يذكر أن اللقاء المرتقب بين ترامب ونتنياهو يأتي في ظل انتقادات متزايدة للسياسة الإسرائيلية في غزة، واتهامات متكررة بعرقلة اتفاق وقف إطلاق النار، مما يزيد من التحديات أمام أي خطوة عملية لتحقيق الاستقرار في القطاع، ويعكس التوتر بين الرغبة في السلام والتوجهات الاستراتيجية الإسرائيلية.










