إسرائيل تعلن اعترافها بصوماليلاند بعد سنوات من النشاط السري للموساد
إسرائيل تعلن الاعتراف بصوماليلاند رسميًا بعد سنوات من النشاط السري للموساد لتعزيز نفوذها في القرن الإفريقي ومواجهة الحوثيين، مع تعاون استراتيجي شامل يشمل الأمن والتكنولوجيا والاقتصاد والملاحة البحرية
أعلنت إسرائيل اعترافها رسميًا بصوماليلاند كدولة مستقلة وذات سيادة، لتصبح أول دولة عضو في الأمم المتحدة تعترف بهذا الكيان الواقع في القرن الإفريقي. ويأتي هذا الإعلان بعد سنوات طويلة من النشاط السري لجهاز الموساد، الذي بنى شبكة علاقات استراتيجية مع كبار المسؤولين في صوماليلاند، سعياً لتثبيت حضور إسرائيلي في منطقة حيوية جيوسياسيًا.
مصلحة استراتيجية بحرية وأمنية
تتمتع صوماليلاند بموقع استراتيجي فريد على ساحل البحر الأحمر وخليج عدن، بالقرب من المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن، والتي تشكل تهديدًا للملاحة البحرية الإقليمية. ويعتبر موقعها بوابة مهمة لإسرائيل لمراقبة حركة السفن والتدخل الاستراتيجي في المنطقة، إضافة إلى كونها نقطة انطلاق لتعزيز نفوذ تل أبيب في القرن الإفريقي ومواجهة أي تمدد إقليمي للحوثيين أو الجماعات المسلحة المدعومة من إيران.
نشاط الموساد لعقود
أكدت وسائل إعلام عبرية ومسؤولون استخباراتيون أن الموساد عمل على مدار سنوات طويلة لتقوية علاقاته بصوماليلاند، مذللًا العقبات السياسية والدبلوماسية للاعتراف الرسمي بها. وشملت جهود الموساد بناء تحالفات سرية مع كبار المسؤولين، وتأمين اتفاقيات أولية من شأنها تمهيد الطريق للاعتراف المتبادل، مع الحفاظ على اتصالات شخصية مباشرة بين رؤساء الموساد والمسؤولين الصوماليلانديين.
مفاوضات ومحادثات سرية
بدأت المحادثات الرسمية المكثفة في أبريل الماضي، حين التقى وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر بممثلين عن رئيس صوماليلاند، واستمرت الزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين من الجانبين تحت إشراف وزارة الخارجية الإسرائيلية، لتطوير اتفاقيات التعاون وتعزيز الثقة الاستراتيجية بين الطرفين.
تعزيز التعاون متعدد المجالات
أوضح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن الاعتراف يأتي في إطار “اتفاقيات أبراهام”، ويهدف إلى تعزيز الاستقرار والأمن في القرن الإفريقي. ويشمل الاتفاق تعميق التعاون في مجالات الزراعة والصحة والتكنولوجيا والاقتصاد، مع فتح سفارات وتعيين سفراء، ما يعكس اهتمام إسرائيل بضمان استقرار صوماليلاند واستخدامها كحليف استراتيجي في مواجهة النفوذ الإقليمي للحوثيين والجماعات المسلحة الأخرى.
توسّع النفوذ الإسرائيلي في إفريقيا
توضح التقارير أن إسرائيل وسعت نشاطها في إفريقيا على مدار السنوات الماضية عبر أنشطة استخباراتية وتقنية مكثفة، بما في ذلك إقامة شبكات سرية مع حكومات عدة دول لمراقبة الجماعات المشتبه بتواصلها مع حزب الله أو إيران، وتبادل المعلومات الاستخباراتية، وتوفير تقنيات سيبرانية متقدمة بأسعار منافسة. ويأتي هذا ضمن استراتيجية تل أبيب لتعزيز حضورها الجيوسياسي والأمني، وتأمين نقاط حيوية مثل سواحل القرن الإفريقي والموانئ المهمة، مع الاستفادة من ضعف الرقابة والإمكانات المحدودة لبعض الدول الإفريقية في مواجهة عمليات استخباراتية معقدة.
عمليات تاريخية للموساد
سبق للموساد أن أشرف على عمليات تاريخية لإجلاء يهود الفلاشا من إثيوبيا خلال ثمانينيات القرن الماضي ضمن ما عرف بـ”عملية موسى”، بالتنسيق مع الجيش الإسرائيلي ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية وبعض المسؤولين السودانيين. شملت هذه العمليات تأمين مسارات جوية آمنة لنقل نحو 8 آلاف شخص، أغلبهم من الأطفال والشباب، من السودان إلى مطارات أوروبية قبل وصولهم إلى الأراضي الإسرائيلية، ما يبرز قدرة الموساد على تنفيذ عمليات استخباراتية ضخمة ومعقدة بعيدة عن الرقابة الدولية.
استراتيجية بعيدة المدى
يعكس اعتراف إسرائيل بصوماليلاند سنوات طويلة من التخطيط الاستراتيجي والاستخباراتي، ويؤكد أن القرار لا يقتصر على بعد دبلوماسي، بل يشمل أبعادًا أمنية وعسكرية واقتصادية. وتسعى تل أبيب من خلال هذا التحرك إلى تعزيز نفوذها في القرن الإفريقي، مراقبة التهديدات البحرية الإقليمية، وإقامة حلفاء استراتيجيين قادرين على دعم مصالحها الحيوية في مواجهة التحركات الإقليمية المعادية.
هذا الاعتراف يمثل نقطة فاصلة في السياسة الإسرائيلية الإفريقية، ويعكس مزيجًا من الدبلوماسية الذكية، النشاط الاستخباراتي المكثف، واستثمار النفوذ الجيوسياسي لضمان مصالح الدولة في منطقة بالغة الحساسية والأهمية الاستراتيجية.










