لندن – القاهرة، ٢٩ ديسمبر 2025 – أثار وصول الناشط البريطاني-المصري علاء عبد الفتاح إلى لندن، بعد حصوله على العفو الرئاسي من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، جدلاً واسعًا داخل بريطانيا وخارجها، بعد أن رحّب به رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر رسميًا، وهو الترحيب الذي تحوّل سريعًا إلى أزمة سياسية وإعلامية كبيرة تهدد مصداقية الحكومة البريطانية.
تفاصيل الإفراج عن علاء عبد الفتاح
أُفرج عن علاء عبد الفتاح في سبتمبر 2025 بموجب عفو رئاسي من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بعد أن قضى خمس سنوات في السجن بتهمة نشر أخبار كاذبة. وتُعد هذه العقوبة جزءًا من سلسلة اعتقالات واتهامات متعددة واجهها الناشط منذ سبتمبر 2019، بعدما أُلقي القبض عليه عقب الإفراج المؤقت عن سجنه السابق.
أدى الإفراج عنه إلى إعادة لم شمله مع أسرته، لا سيما والدته الأكاديمية ليلى سويف، التي لعبت دورًا رئيسيًا في الضغط المحلي والدولي للإفراج عنه، بما في ذلك الإضراب الطويل عن الطعام الذي استمر عشرة أشهر في بريطانيا للمطالبة بتحريره.
الاحتفال الرسمي بعودة الناشط
كتب ستارمر على منصة X:
“أنا سعيد بعودة علاء عبد الفتاح إلى المملكة المتحدة ولإعادة لم شمله مع أحبائه الذين لا بد أنهم يشعرون بارتياح عميق. أود أن أقدم الشكر لعائلة علاء ولكل من ساهم في تحقيق هذه اللحظة. كانت قضية علاء أولوية لحكومتي منذ تولينا السلطة، وأنا ممتن للرئيس السيسي لمنحه العفو.”
هذا الترحيب حظي بتفاعل مماثل من وزيرة الخارجية إيفيت كوبر ووزير العدل ديفيد لامي، مما دفع بعض الأطراف في بريطانيا للتعبير عن القلق من أن الحكومة البريطانية قد تكون دعمت شخصًا له تاريخ من التصريحات المتطرفة على وسائل التواصل الاجتماعي.
تغريدات قديمة تثير الغضب
بعد الترحيب الرسمي، أعيد تداول أرشيف واسع من تغريدات وتعليقات قديمة منسوبة لعبد الفتاح تضمنت:
- دعوات للعنف تجاه “الصهاينة” وأفراد الشرطة والجيش البريطاني.
- استخدام ألفاظ عنصرية بحق المجتمع البريطاني.
- تصريحات سابقة أثرت على ترشيحه لجائزة ساخاروف لحقوق الإنسان في البرلمان الأوروبي عام 2014، حيث تم سحب ترشيحه بعد اكتشاف تغريدة تدعو لقتل الإسرائيليين.
هذه التغريدات أثارت انتقادات واسعة، واعتبرها مراقبون ووسائل إعلام بريطانية «غير قابلة للتبرير»، وأشعلت موجة غضب سياسي وإعلامي داخل بريطانيا.
تصعيد سياسي وإعلامي داخل بريطانيا
القناة البريطانية GB News انتقدت الحكومة بشكل حاد، معتبرة أن منح عبد الفتاح جواز سفر بريطاني والترحيب به علنًا «خطأ جسيم»، مطالبة بسحب الجنسية وترحيله.
كما عبّر النائب المحافظ إيان دانكن سميث عن ندمه العلني على توقيع خطاب سابق يطالب بالإفراج عنه، فيما أعلن زعيم حزب الإصلاح البريطاني نايجل فاراج أنه أبلغ شرطة مكافحة الإرهاب رسمياً بمحتوى التغريدات.
حتى رجل الأعمال الأمريكي إيلون ماسك شارك في النقاش، ما وسّع دائرة الانتقادات ورفع الضغط على الحكومة البريطانية.
ارتباك حكومي ومحاولات احتواء الأزمة
في مواجهة موجة الغضب، أصدر مكتب رئيس الوزراء بيانًا أكد فيه أن ستارمر «لم يكن على علم مسبق بالتغريدات التي تحض على الكراهية والعنف»، محاولة احتواء الموقف. ومع ذلك، لم يُنهي هذا البيان الجدل، بل أدى إلى مزيد من التساؤلات حول آليات اتخاذ القرار داخل الحكومة، ومعايير التعامل مع ملفات حقوق الإنسان.
الانتقادات الموجهة للحكومة البريطانية
أعرب المجلس القيادي اليهودي، وهو هيئة خيرية تمثل منظمات يهودية في بريطانيا، عن قلقه من الترحيب الحكومي بعودة عبد الفتاح، معتبرًا أن بعض تصريحاته السابقة تضمنت دعوات للعنف تجاه “الصهاينة” والشرطة.
وصرح النائب المحافظ روبرت جينريك بأن تصريحات ستارمر تمثل “تأييدًا شخصيًا علنيًا” لشخص نشر في الماضي محتوى متطرفًا على وسائل التواصل الاجتماعي، مطالبًا رئيس الوزراء بالرد بشكل واضح على هذه التصريحات وسحب أي تأييد كامل لها.
وأكد جينريك أن التغريدات التي نشرها عبد الفتاح تعود إلى 2010 وتشمل دعوات للعنف تجاه الشرطة والصهاينة، وأنه من الخطأ السياسي والأخلاقي دعم شخص لديه هذا التاريخ.
خلفية الناشط ومسيرته
ولد علاء عبد الفتاح في نوفمبر 1981 في أسرة ناشطة سياسيًا وحقوقيًا. والده أحمد سيف الإسلام عبد الفتاح والدة ليلى سويف، وقد اعتقل والده عدة مرات، بينما نشطت والدته في المجال الأكاديمي والحقوقي.
شارك علاء في الثورة المصرية عام 2011 وعُرف ببرامجه ومنصاته الإلكترونية التي دعت إلى حرية التعبير والإصلاح السياسي، كما خاض إضرابات عن الطعام احتجاجًا على ظروف سجنه. وعانى خلال السنوات الماضية من اعتقالات متعددة وأحكام قضائية، بما في ذلك الحكم عليه بالسجن خمس سنوات في ديسمبر 2021.
الجدل الدولي وتأثيره السياسي
أثارت تصريحات الناشط السابقة حول العنف ضد الصهاينة والشرطة انتقادات واسعة داخل بريطانيا، ووصفت بعض الجهات الحكومية أن الاحتفال بعودته يمثل خطوة مثيرة للجدل سياسيًا واجتماعيًا. وأشارت تقارير إعلامية إلى أن الحكومة البريطانية تعمل على التوضيح بأنها لم تكن على علم بتلك التصريحات عند إعلان فرحها بالإفراج عنه.
تبعات الأزمة على السياسة البريطانية
القضية تحولت من ملف حقوق إنسان إلى اختبار لمصداقية الخطاب السياسي البريطاني، حيث وجد ستارمر نفسه متهمًا بازدواجية المعايير، في حين تتزايد المطالب بمساءلته. في المقابل، هناك من يرى أن السلطات المصرية كانت تمتلك مبررات أمنية حقيقية في تعاطيها مع عبد الفتاح، ما أعاد النقاش حول توازن الأمن وحقوق الإنسان.










