نيجيريا حسمت مواجهتها مع أوغندا بثلاثية مقابل هدف في فيض، لتُنهي دور المجموعات في كأس الأمم الإفريقية بالمغرب بعلامة كاملة وتثبت نفسها كأقوى منتخبات المجموعة الثالثة، بينما تركت أوغندا البطولة محمّلة بخيبة أمل جديدة وتاريخ طويل من المعاناة في دور المجموعات.
المباراة تحولت من اختبار «تحصيل حاصل» لنيجيريا إلى ليلة كشفت الفارق الهائل في الخبرة والجاهزية الذهنية بين منتخب اعتاد أدوار الحسم وآخر لا يزال يبحث عن نفسه قاريًا.
سيناريو المباراة ونتيجتها
المباراة أقيمت مساء الثلاثاء 30 ديسمبر على ملعب مجمع فاس الرياضي (Complexe Sportif de Fès)، في ختام منافسات المجموعة الثالثة بأمم إفريقيا 2025 بالمغرب، حيث دخلت نيجيريا اللقاء وهي ضامنة التأهل ومتصدرة للمجموعة، فيما خاضت أوغندا المواجهة بشعار «الفرصة الأخيرة» للهروب من توديع مبكر جديد.
ورغم اختلاف دوافع المنتخبين، فإن نسق اللعب جاء عاليًا منذ البداية مع ضغط أوغندي مبكر لمحاولة خطف هدف يربك حسابات النسور الخضر.
نيجيريا أنهت اللقاء فائزة 3-1، لتُحقق العلامة الكاملة بـ9 نقاط من ثلاث مباريات وتُنهي المجموعة متصدرة دون منازع، بينما تجمد رصيد أوغندا عند نقطة واحدة من ثلاث مباريات لتودّع البطولة من دور المجموعات كما حدث في معظم مشاركاتها السابقة.
هذا الانتصار رفع سلسلة نيجيريا في التسجيل إلى تسع مباريات متتالية في كأس الأمم، ورسّخ حضورها المعتاد في الأدوار الإقصائية حيث لم تغب عن ثمن النهائي منذ 1982.
تفاصيل فنية وأرقام لافتة
رغم أن بعض التغطيات المبكرة أشارت إلى تقدم نيجيريا بهدف وحيد في الشوط الأول، فإن الصورة النهائية أكدت سيطرة واضحة تُرجمت إلى ثلاثية كاملة في مرمى أوغندا، في مباراة أظهرت فيها النسور قدرة على إدارة الإيقاع دون استنزاف بدني مبالغ قبل الأدوار الحاسمة.
تألق لاعبو الوسط والهجوم في التحرك بين الخطوط، مع استغلال المساحات خلف ظهيري أوغندا الذين اندفعوا للأمام بحثًا عن هدف قد يبقي على الأمل في التأهل
المفارقة أن أوغندا، التي دخلت المباراة وهي تعاني دفاعيًا بعد استقبال أربعة أهداف من سبع تسديدات فقط على مرماها في الجولتين السابقتين، واصلت الأخطاء نفسها أمام نيجيريا، فظهر الارتباك على خط الدفاع الأول وحارس المرمى، حتى اضطرت لتبديل الحراس أكثر من مرة خلال البطولة، في مشهد وصفته بعض المتابعات بأنه تجسيد لأزمة «الاستقرار المفقود» في المنتخب
في المقابل استفادت نيجيريا من خبرة التواجد المتواصل في الكان؛ فالفريق يخوض مشاركته التاسعة عشرة التي يتجاوز فيها دور المجموعات، وهو رقم قياسي من حيث عدد التأهلات المتتالية للأدوار الإقصائية.
وضعية المنتخبين بعد صافرة النهاية
بالنسبة لنيجيريا، الفوز على أوغندا منح المدرب مساحة أوسع للمناورة في ما هو قادم؛ فالفريق أنهى المجموعة متصدرًا وبأداء هجومي فعّال، مع تحقيق هدفين متناقضين في آن واحد: الحفاظ على رتم تنافسي عالٍ دون تعريض النجوم لإصابات أو إجهاد مفرط قبل ثمن النهائي.
هذا الانتصار عزز أيضًا ثقة الجماهير النيجيرية التي كانت ما تزال تُحمّل هذا الجيل عبء تعويض خسارة نهائي النسخة الماضية، وتنتظر منه هذه المرة الذهاب حتى المنصة وليس مجرد الوصول إلى الأدوار المتقدمة.
أما أوغندا، فالهزيمة فتحت من جديد ملف «مشروع التجديد» في الكرة الأوغندية؛ فالفريق خرج من المجموعة وفي رصيده نقطة يتيمة، وفي سجله في آخر عشر مباريات بالبطولة فوز واحد مقابل ست هزائم وثلاثة تعادلات، وهي أرقام تعكس أزمة أعمق من مجرد غياب التوفيق في مباراة واحدة.
الأصوات الناقدة في الإعلام الأوغندي ستجد في هذه المباراة مادة خصبة للهجوم على اتحاد الكرة والجهاز الفني، خاصة أن المنتخب لم يستفد بما يكفي من عودته للمشاركة في الكان بعد غياب دام منذ 2019.
قراءة سياسية وجماهيرية لنتيجة اللقاءأجواء المدرجات في فاس عكست تباينًا واضحًا بين جماهير جاءت للاحتفال بتأهل مبكر، وأخرى تتمسك بخيط رفيع من الأمل؛ فالجماهير النيجيرية تعاملت مع المباراة كمحطة لإرسال رسالة «نحن هنا للمنافسة على اللقب لا لمجرد الحضور»، بينما كان أنصار أوغندا يتابعون بقلق كل خطأ دفاعي يدفع ثمنه الفريق على لوحة النتائج.
ومع توالي الأهداف النيجيرية، تحولت الهتافات الأوغندية إلى حالة من الصمت الممزوج بالدهشة من اتساع الفارق الفني والذهني بين المنتخبين.
هذه النتيجة قد تُشعل نقاشًا أوسع داخل أوغندا حول جدوى الاستمرار بنفس السياسة الفنية والاختيارات الحالية، في ظل تكرار سيناريو الخروج من دور المجموعات كلما لاحت فرصة العودة إلى الكان.
في المقابل، من المرجح أن تستثمر نيجيريا هذا الانتصار إعلاميًا ومعنويًا لتوجيه رسالة إلى منافسيها في الأدوار الإقصائية بأن النسور الخضر قادمة إلى المغرب هذه المرة وهي تحمل مشروعًا واضحًا للذهاب حتى منصة التتويج، لا مجرد الاكتفاء بأدوار الشرف.










