داكا – 30 ديسمبر 2025
أعلنت بنغلاديش يوم الثلاثاء عن وفاة خالدة ضياء، أول امرأة تتولى رئاسة وزراء البلاد وزعيمة الحزب الوطني البنغلاديشي (BNP)، عن عمر يناهز 80 عامًا بعد صراع طويل مع المرض. وتوفيت الضياء في مستشفى إيفركير بالعاصمة داكا بعد معاناة من أمراض مزمنة تضمنت تليفًا متقدمًا في الكبد، والتهاب المفاصل، ومرض السكري، ومشاكل في القلب والصدر، ما جعل حالتها الصحية في تدهور مستمر خلال الأشهر الأخيرة.
إعلان الوفاة والحداد الرسمي
أصدر الحزب الوطني البنغلاديشي بيانًا رسميًا جاء فيه:
“رئيسة الحزب الوطني البنغلاديشي ورئيسة الوزراء السابقة، بيجوم خالدة ضياء، توفيت اليوم الساعة 6 صباحًا، بعد صلاة الفجر مباشرة. إنا لله وإنا إليه راجعون. نسأل الله أن يغفر لها، وندعو الجميع للصلاة من أجل روحها الطاهرة”.
وبحسب الحكومة البنغلاديشية، تم إعلان يوم حداد عام ليوم واحد على وفاتها، وفي هذا السياق أعلنت المحكمة العليا، كلاً من قسم الاستئناف والقسم العالي، عطلة رسمية يوم الأربعاء 31 ديسمبر 2025، وذلك بموجب إشعار رسمي من الأمين العام للمحكمة العليا، محمد حبيب الرحمن صديقي، وبموافقة رئيس المحكمة العليا.
ردود الفعل العائلية والسياسية
ابنها طارق رحمن، الذي عاد إلى بنغلاديش في 25 ديسمبر بعد 17 عامًا من المنفى، نعى والدته عبر منصة X (تويتر سابقًا)، وكتب رسالة مؤثرة وصف فيها والدته بأنها “أم حنونة وقوية”. وأوضح:
“طوال حياتها، وقفت بثبات ضد الاستبداد والفاشية والسيطرة، قادت النضال من أجل الحرية والسيادة واستعادة الديمقراطية”.
ومن المتوقع أن يتولى طارق رحمن رئاسة الحزب الوطني بشكل كامل بعد وفاة والدته، إذ كان يشغل منصب الرئيس المؤقت للحزب، خصوصًا مع اقتراب الانتخابات الوطنية المقررة في 12 فبراير 2026.
التعازي الدولية
نعى رئيس وزراء الهند، ناريندرا مودي، وفاة خالدة ضياء، مؤكدًا أن إرثها السياسي وعلاقاتها في تعزيز التعاون بين الهند وبنغلاديش لن تُنسى. وكتب مودي:
“حزين للغاية لسماع وفاة رئيسة الوزراء السابقة ورئيسة حزب BNP، بيجوم خالدة ضياء، في داكا. أحر التعازي لعائلتها ولكل شعب بنغلاديش. كأول امرأة تتولى رئاسة وزراء بنغلاديش، ستظل مساهماتها في تطوير البلاد وتقوية العلاقات الثنائية محل تقدير دائم”.
وأضاف مودي أنه التقى بها في داكا عام 2015، مؤكداً أن إرثها سيستمر في توجيه الشراكة بين البلدين.
كما أبدى قادة حزبها ونشطاء سياسيون حزنهم على رحيلها، مؤكدين أنها كانت رمزًا للصمود والشجاعة في مواجهة التحديات السياسية والاجتماعية. وكتب راجيف زفار شودري:
“بقلب مثقل بالحزن، ننعى خسارة لا تعوض – ليس فقط للحزب الوطني البنغلاديشي، بل للأمة بأكملها ولكل من آمن بقيادتها وشجاعتها وتضحياتها مدى الحياة من أجل الديمقراطية والسيادة”.
المسيرة السياسية لخالدة ضياء
تولّت خالدة ضياء رئاسة وزراء بنغلاديش مرتين: الأولى من 1991 إلى 1996، والثانية من 2001 إلى 2006. وكانت أرملة الرئيس السابق وضابط الجيش زياور رحمن، الذي أسس الحزب الوطني البنغلاديشي عام 1978، وتولت قيادة الحزب منذ 1984 حتى وفاتها.
بعد انتهاء فترة حكومتها الثانية، واجهت البلاد اضطرابات سياسية أدت إلى تأجيل الانتخابات الوطنية المقررة في يناير 2007، ما أدى إلى تولي إدارة مؤقتة مدعومة من الجيش. خلال تلك الفترة، وُجهت لها ولابنيها تهم بالفساد، وحُكم عليها بالسجن 17 عامًا على خلفية قضايا مرتبطة بمؤسسات خيرية أسسها زوجها.
في أبريل 2019، نُقلت خالدة ضياء إلى المستشفى لتلقي العلاج، وفي مارس 2020 وُضعت تحت الإقامة الجبرية لمدة ستة أشهر لأسباب إنسانية، ومنعت من ممارسة النشاط السياسي. وتم تمديد الإفراج عنها لاحقًا لتلقي العلاج حتى 5 أغسطس 2024. وفي نوفمبر 2024، بعد احتجاجات طلابية واسعة، أُطلقت سراحها رسميًا وتم تبرئتها من جميع التهم.
الإرث السياسى لخالدة ضياء
تعتبر خالدة ضياء رمزًا للمرأة في السياسة، وزعيمة صارمة لا تعرف التراجع في الدفاع عن الديمقراطية وحقوق المواطنين والسيادة الوطنية. ترك رحيلها فراغًا سياسيًا كبيرًا في المشهد البنغلاديشي، فهي لم تكن مجرد زعيمة معارضة، بل رمزًا للصمود والثبات في مواجهة التحديات السياسية والاجتماعية على مدار عقود.
رحلة خالدة ضياء الطويلة والسياسية المليئة بالتحديات جعلت منها أيقونة سياسية، وخلّفت إرثًا قويًا في الدفاع عن الديمقراطية، كما أسهمت في تشكيل المشهد السياسي الحديث في بنغلاديش. وفاتها تترك أثرًا كبيرًا على الحزب الوطني البنغلاديشي وعلى السياسة البنغلاديشية بشكل عام، خاصة مع قرب الانتخابات الوطنية المقبلة.











