تصاعد الاحتجاجات في إيران يثير تساؤلات حول استغلال إسرائيل والولايات المتحدة الاضطرابات الداخلية لشن ضربات جديدة على طهران، وسط تهديدات متبادلة وسيناريوهات تصعيد مع مطلع 2026.
طهران – 31 ديسمبر 2025
تتجه الأنظار إلى إيران مع اتساع رقعة الاحتجاجات الشعبية منذ 28 ديسمبر/كانون الأول 2025، وسط تساؤلات متصاعدة حول ما إذا كانت إسرائيل والولايات المتحدة ستستغلان حالة الاضطراب الداخلي كـ«نافذة عملياتية» لشن هجوم جديد يستهدف القدرات النووية أو الصاروخية لطهران، أو للضغط باتجاه تغيير سياسي أوسع.
احتجاجات واسعة وضغوط اقتصادية خانقة
شهدت إيران خلال الأيام الماضية موجة احتجاجات بدأت من الأسواق التجارية، قبل أن تمتد إلى الجامعات وعدد من المدن الكبرى، على خلفية انهيار الريال وارتفاع معدلات التضخم وتدهور الأوضاع المعيشية.
وترافقت التظاهرات مع شعارات سياسية في بعض المناطق، واحتكاكات متكررة مع قوات الأمن، استخدمت خلالها الغازات المسيلة للدموع لاحتواء المحتجين.
في محاولة لامتصاص الغضب، أعلنت الحكومة الإيرانية عن «آلية حوار» مع ممثلين عن المحتجين، مع إقرار رسمي بعمق الأزمة الاقتصادية، إلا أن مراقبين يرون أن هذه الخطوة قد لا تكون كافية إذا استمرت الضغوط المالية خلال الربع الأول من عام 2026.
البازار والجامعات.. مؤشر قلق أمني
يرى الباحث السياسي مازن بلال أن تزامن إضرابات الأسواق مع دخول الطلاب على خط الاحتجاج يمثل مصدر قلق حقيقي للمؤسسة الأمنية الإيرانية، نظرًا للدور التاريخي لتحالف «البازار والطلاب» في تحويل الاحتجاجات المعيشية إلى أزمات سياسية ممتدة.
وأشار إلى أن عجز الميزانية وتراجع الإيرادات يخلقان بيئة خصبة لتكرار موجات احتجاج متقاربة زمنيًا، ما يزيد الضغط على صانع القرار في طهران.
رسائل إسرائيلية: «التغيير من الداخل»
في المقابل، تصاعد الخطاب الإسرائيلي الداعم للاحتجاجات في إيران خلال عام 2025. رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وجّه رسائل مباشرة للإيرانيين، داعيًا إياهم إلى مواجهة النظام، ومؤكدًا أن إسرائيل «ليست في صراع مع الشعب الإيراني بل مع النظام».
الأكثر دلالة، وفق محللين، أن نتنياهو لمح إلى أن تغيير النظام قد يكون «نتيجة محتملة» للضربات العسكرية الإسرائيلية، في تحول لافت من منطق الردع العسكري إلى التفكير بتداعيات سياسية كبرى لأي هجوم مقبل.
ويرى المحلل أنس جودة أن هذا الخطاب يخدم حربًا نفسية تهدف إلى زعزعة الثقة داخل معسكر السلطة في طهران، وتهيئة الرأي العام الدولي لأي عملية عسكرية مستقبلية عبر تصويرها كدعم لإرادة شعبية داخلية.
واشنطن تهدد بالتصعيد
على الجانب الأمريكي، أعاد دونالد ترامب التأكيد على أن الولايات المتحدة قد تدعم ضربة إسرائيلية جديدة إذا ثبت أن إيران تعيد بناء برامجها النووية أو الصاروخية في مواقع بديلة.
وتزامن ذلك مع تحذيرات إيرانية رسمية من «رد قاسٍ ورادع» على أي هجوم، ما يعكس إدراك طهران لجدية التهديدات المطروحة.
ويشير مراقبون إلى أن الدعم الأمريكي المعنوي للاحتجاجات يمنح الضغط الداخلي وظيفة إضافية، عبر تشتيت تركيز المؤسسة الإيرانية بين ضبط الشارع ورفع الجاهزية العسكرية، ما قد يفتح المجال أمام عمليات سيبرانية أو ضربات محدودة.
سيناريوهات مطروحة مع مطلع 2026
بحسب تقارير غربية، تبرز ثلاثة سيناريوهات محتملة:
- تصعيد متدرّج عبر ضربات محدودة تستهدف مواقع مرتبطة بإعادة بناء القدرات النووية والصاروخية، دون الانزلاق إلى حرب شاملة
- توسيع العمل الاستخباري من الداخل عبر استغلال حالة الاضطراب لخلق «نقاط عمياء» أمنية أو تعطيل لوجستي.
- حملة تأثير إعلامي ونفسي لدعم المحتجين علنًا وتعميق الانقسام داخل النخب الإيرانية حول كلفة المواجهة الخارجية.
احتمالات الرد الإيراني
في المقابل، تمتلك طهران خيارات رد متعددة، تشمل تشديد القبضة الأمنية، ورفع مستوى التهديد الإقليمي عبر الحلفاء، أو تنفيذ هجمات صاروخية ومسيرات، مع الاستمرار في تصوير الاحتجاجات كجزء من «مخطط خارجي».
ويرجح محللون أن إسرائيل قد لا تحتاج إلى دعم مباشر للاحتجاجات، بقدر ما يكفيها اعتبارها ظرفًا يضعف التركيز الأمني الإيراني ويؤخر اتخاذ القرار، ما يوفر توقيتًا أنسب لضربات محسوبة.
بين الردع واسقاط النظام
في المحصلة، لا يبدو أن «إسقاط النظام» هدف أمريكي معلن حتى الآن، لكنه يظل نتيجة محتملة تسعى إسرائيل لإبقائها على الطاولة. وبينما تواصل واشنطن سياسة التهديد والردع مع إبقاء باب التفاوض مفتوحًا، تشكل الاضطرابات الداخلية في إيران عاملًا حاسمًا قد يعيد رسم حسابات التصعيد مع دخول عام 2026.










