أثارت سياسات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب تجاه إيران خلال فترة ولايته السابقة (2017-2021) تساؤلات حول احتمال سقوط النظام الإيراني في حال عودته إلى البيت الأبيض.
و اعتمد ترامب سياسة “الضغط الأقصى” التي تمثلت بالانسحاب من الاتفاق النووي لعام 2015 وفرض عقوبات اقتصادية صارمة على إيران، مما جعل بعض جماعات المعارضة الإيرانية تأمل في أن يؤدي ذلك إلى إضعاف النظام.
وفي حال إعادة انتخابه، يُطرح تساؤل حول ما إذا كان ترامب سيواصل سياسة الضغط الأقصى على إيران، لا سيما مع إعلانه سابقاً عن رغبته في عقد اتفاق نووي جديد، لكنه لم يتمكن من تحقيق ذلك خلال ولايته الأولى.
وقد أدى اغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني إلى تصعيد التوترات بين البلدين، مما يزيد من احتمالات توتر العلاقات مجددًا.
وبحسب علي فايز، مدير قسم إيران في مجموعة الأزمات الدولية، فإن الفريق الذي يخطط لولاية ترامب الثانية يميل إلى الإبقاء على سياسة الضغط الأقصى، مؤكدًا أنهم يعتقدون أن هذه السياسة لم تأخذ وقتها الكافي لتحقيق أهدافها.
بينما يرى ليزلي فينجاموري، أستاذ العلوم السياسية في جامعة السويس، أن ترامب قد يكون أقل اهتمامًا بإيران في حال فوزه، إذ سيواجه تحديات أخرى كقضايا أوكرانيا والصين والوضع الاقتصادي العالمي.
ويشير ترامب إلى أن هدفه الرئيسي هو منع إيران من الحصول على أسلحة نووية، وليس تغيير النظام الإيراني. وأكد عدة مرات أنه لا يسعى للتدخل المباشر في الشؤون الإيرانية، ويقتصر هدفه على تقييد طموحات إيران النووية.
ويرى مراقبون أن إعادة انتخاب ترامب قد تؤدي إلى زيادة التوترات بشأن البرنامج النووي الإيراني، ما قد يدفع الغرب إلى التفكير في توجيه ضربة للمنشآت النووية الإيرانية إذا استمرت طهران في تطوير برنامجها النووي.
بالمقابل، قد تختلف مواقف ترامب في ولايته الجديدة بسبب غياب شخصيات بارزة كانت تدعم سياسات الضغط الأقصى، مثل جون بولتون ومايك بومبيو ونيكي هيلي، مما يفتح المجال أمام احتمال إعادة تقييم نهجه السياسي تجاه إيران.
من غير المرجح أن تؤدي سياسات ترامب إلى انهيار النظام الإيراني بشكل مباشر، خاصة أنه لا يسعى علنًا إلى تغيير النظام في إيران أو غيرها من الدول. ومع ذلك، فإن سياسة الضغط الأقصى التي اعتمدها ترامب خلال ولايته السابقة، بما فيها الانسحاب من الاتفاق النووي وفرض عقوبات مشددة، زادت الضغط الاقتصادي والسياسي على الجمهورية الإسلامية، مما أسهم في تأجيج الاحتجاجات الشعبية في إيران وتعميق الاستياء العام.
وترى ليزلي فينجاموري، أستاذة العلوم السياسية، أن ترامب يختلف عن جورج بوش الابن، إذ لم تحركه أيديولوجية معينة تدعو إلى تغيير الأنظمة من أجل نشر الديمقراطية، بل كانت أولوياته تتجه نحو حماية مصالح الولايات المتحدة دون التدخل المباشر. وتعتقد فينجاموري أن ترامب لا يحمل رؤية إمبريالية أو رغبة في الإطاحة بأنظمة العالم، ما يجعل من الصعب التنبؤ بأن سياساته ستؤدي مباشرة إلى تغيير النظام في إيران.
ومع ذلك، فإن بعض المعارضين للنظام الإيراني يأملون أن تؤدي عودة ترامب إلى البيت الأبيض في 2025 إلى زيادة الضغط الذي يضعف النظام ويعزز قوى المعارضة الداخلية. فمع فرض مزيد من العقوبات الاقتصادية، يمكن أن يستمر الاستياء الشعبي وتتزايد التوترات الاجتماعية في إيران، لكن يرى بعض المحللين أن هذه الإجراءات قد تزيد من الضغوط على الشعب دون أن تقود إلى تغيير سياسي فعلي.
وفي ضوء التوترات الإقليمية، خاصة في الشرق الأوسط الذي يواجه بالفعل أزمات عديدة، من المتوقع أن تكون العلاقات الأمريكية الإيرانية أكثر توترًا في حال عودة ترامب، ما قد يقود إلى جولة جديدة من التصعيد، ويضع المعارضة الإيرانية أمام خيارات معقدة، في ظل غياب وضوح كامل حول إمكانية حدوث تغيير حقيقي داخل إيران.