منذ 20 أكتوبر 2024، تشهد شرق الجزيرة في السودان مذبحة إنسانية غير مسبوقة، حيث تتعرض المناطق الشرقية من الولاية لحملات إبادة جماعية من قبل مليشيا الدعم السريع، تستهدف المواطنين العزل من جميع الأعمار، دون تمييز أو رحمة.
هذه الهجمات على شرق الجزيرة التي تشنها مليشيا الدعم السريع بدعم من قياداتها، أسفرت عن مقتل الآلاف وتهجير مئات الآلاف من المدنيين، فضلاً عن عمليات نهب واسعة النطاق، مما حول المنطقة إلى ساحة حرب شاملة.
التهجير الجماعي
حتى الآن، تم تهجير أكثر من 404 قرية بالكامل، بالإضافة إلى 111 قرية أخرى تم تهجيرها جزئيًا على يد مليشيا الدعم السريع في شرق الجزيرة.
المدن الكبرى مثل تمبول ورفاعة وبرانكو تعرضت لهجمات شديدة أسفرت عن استباحة وتدمير واسع للقرى، مما أسفر عن مقتل العشرات وتشريد الآلاف من سكان شرق الجزيرة.
ورغم استمرار عمليات التهجير القسري، ما زالت مناطق مثل “أم القرى” و”تمبول” تشهد نزوحاً متواصلاً، بينما لا يزال الأهالي يواجهون مصيراً مجهولاً، وفقا لتقرير منظمة نداء الوسط السودانية.
المجازر الدامية
لم تسلم أي منطقة في شرق الجزيرة من سفك الدماء والمجازر المروعة. أبرز تلك المجازر كانت في قرية السريحة، حيث راح ضحيتها أكثر من 124 شهيدًا وأكثر من 200 مصاب، فضلاً عن 150 أسيرًا تم تصفيتهم.
لا يزال حتى اليوم مئات الجثث مفقودة أو مرمية على الطرقات دون دفن، بينما أظهرت الأقمار الصناعية وجود مقابر جماعية تضم آلاف القبور في مناطق رفاعة وقرية السريحة في شرق الجزيرة.
حصار المدن
منذ 25 أكتوبر، يُحاصر حوالي 100 ألف مواطن في مدينة الهلالية تحت ظروف قاسية تنعدم فيها أبسط مقومات الحياة. لا مأوى، ولا غذاء، ولا علاج، حيث يواجه المحاصرون الموت البطيء. وتفاقمت الأوضاع في “الهلالية” مع تفشي الأمراض، ومنها التسمم الغذائي، في غياب كامل للرعاية الطبية.
أما في قرية “ود الفضل” في ريف تمبول، فيواجه الأهالي حصارًا مشابهًا، حيث يعيشون ظروفًا صحية وإنسانية مأساوية دون أي تدخل من الجهات المعنية.
الانتهاكات الجنسية
وسط هذا الظرف المأساوي، لم تسلم النساء والفتيات من همجية العصابات الإرهابية. فقد تم توثيق مئات حالات الاغتصاب الجماعي في المناطق التي تعرضت للهجوم، من بينها 47 حالة اغتصاب تم توثيقها من قبل نقابة الأطباء في السودان. كما أفادت التقارير بوجود حالات انتحار بين النساء والفتيات اللواتي تعرضن للاعتداءات الجنسية أو خشين من التعرض لها.
النزوح وارتفاع معدلات الأمراض
الآلاف من المهجرين من شرق الجزيرة في رحلة نزوح قاسية نحو مدن أخرى مثل أم ضواً بان، خشم القربة، والقضارف، حيث يعانون من ظروف صحية مزرية، وسط تفشي الأوبئة مثل الكوليرا والإسهالات المائية. حتى الآن، تم تسجيل 158 حالة إصابة بالإسهالات المائية، بما في ذلك 4 حالات وفاة.
دعوة للمجتمع الدولي
إن ما يحدث في شرق الجزيرة يُعد إبادة جماعية بحق شعب السودان، وهو تصعيد سافر من قبل العصابات الإرهابية التي تستهدف المدنيين الأبرياء. لا يمكن للمجتمع الدولي أن يظل صامتًا أمام هذا الهجوم المنظم. إن التحرك الفوري من قبل جميع الجهات الإنسانية والسياسية بات أمرًا ضروريًا لإيقاف هذه الجرائم ورفع الحصار عن المدنيين وإرسال المساعدات الطبية والغذائية إلى المناطق المنكوبة.
نحن نعيش كارثة إنسانية تتطلب استجابة عاجلة قبل أن يتم فقد المزيد من الأرواح البريئة.