أظهرت المعارك حقائق ومعطيات جديدة في مواجهة التصريحات والروايات الإسرائيلية المتلاحقة، سواء في أعداد قتلى جيش الاحتلال، أو ما حرصت المقاومة على بثه على امتداد الأيام الـ110 من مشاهد حملت عناوين لخصت المعركة، أبرزها: الأنفاق، والمسافة صفر، والميركافا، والنمر، والياسين 105.
وبالتوازي مع ذلك، يواجه الجيش الإسرائيلي انتقادات واسعة من أطراف في الحكومة الإسرائيلية مع تحميله الفشل في منع هجوم السابع من أكتوبر الماضي، والفشل في تحقيق أي من أهداف الحرب حتى الآن.
تقول مجلّة “Responsible Statecraft”، إنه في “كل من غزة ولبنان، تفتقر الحروب التي يشنّها كيان الاحتلال، إلى “أهداف سياسية واضحة وقابلة للتحقق”.
قالت مجلّة “Responsible Statecraft”، إنّه أمام الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، “مهمة صعبة في الشرق الأوسط”، خصوصاً “بعد مرور أكثر من 13 شهراً، وحروب إسرائيل في غزة ولبنان”.
واعتبرت المجلة أنه “لا توجد نهاية في الأفق للحرب”، مشيرةً إلى أن “الوضع في المنطقة على شفا حرب شاملة، مع إمكانية التدخل المباشر للولايات المتحدة”.
ورأت المجلّة الأميركية، أن “قرار واشنطن بوضع نفسها في مركز هذه الصراعات من خلال التورط الأميركي العميق في حروب إسرائيل في غزة ولبنان، وفي التصعيد المستمر بين إسرائيل وإيران، هو أحد أعراض سياسة أميركية أوسع نطاقاً ستؤدي إلى نتائج عكسية”.
وتابعت المجلّة، أنّه “منذ الأيام الأولى للحرب في غزة، والآن في لبنان، كان من الواضح أن إسرائيل كانت في مقعد القيادة، والولايات المتحدة في الخلف”.
وكانت واشنطن وفق المجلة “تستجيب في كثير من الأحيان للتطورات بتحذيرات فاترة وتهديدات فارغة، لكنها تستمر في توفير المساعدات العسكرية والغطاء الدبلوماسي الذي يسمح للحرب بالاستمرار”.
وأشارت مجلّة “Responsible Statecraft”، إلى أنّه في كل من غزة ولبنان، تفتقر الحروب التي يشنّها كيان الاحتلال، إلى “أهداف سياسية واضحة وقابلة للتحقيق”.
واقترحت “Responsible Statecraft”، حلولاً لإصلاح هذا “الوضع الحرج” للولايات المتحدة، وهو أنّه يتعين على ترامب أن يركز سياسة الولايات المتحدة في منطقة غرب آسيا، “على هدفين رئيسيين: فك الارتباط وإزالة الأولوية”.
وعلّلت المجلّة ذلك، قائلة إن “تبني الولايات المتحدة القوي لحروب إسرائيل يحمل تكاليف حقيقية من حيث المصالح الأميركية والاستقرار الإقليمي”، لذلك “يتعين على الرئيس المنتخب ترامب أن ينهي دعم واشنطن المطلق لأجندة نتنياهو، وأن ينسحب من السياسة الإسرائيلية، وأن يبدأ على الفور في فك ارتباطه بهذه الصراعات”.
وتابعت مجلّة “Responsible Statecraft”، أن منطقة غربي آسيا، “كثيراً ما تأخذ دوراً في السياسة الخارجية الأميركية على حساب قضايا سياسية أكثر إلحاحاً تواجه الولايات المتحدة”.
وأضافت المجلّة أنّ “استمرار تورط الولايات في تلك المنطقة، سيؤدي إلى إرهاقها في حين تظل واشنطن غارقة في مساعدة أوكرانيا ضد روسيا ومحاولة ردع الصين في منطقة المحيطين الهندي والهادئ”.
ولفتت إلى أنّه أيضاً على الصعيد الإقتصادي، “السياسة الخارجية الأميركية تخاطر بدفع الولايات المتحدة نحو أزمة اقتصادية، خصوصاً مع اقتراب الدين القومي من 36 تريليون دولار وعجز الميزانية الذي يتجاوز 1.5 تريليون دولار”.
وشدّدت مجلّة “Responsible Statecraft”، على أنّ “الفرصة سانحة أمام الرئيس المنتخب ترامب لتغيير كل هذا”، من خلال “فك ارتباطه بالصراعات في المنطقة، وإلغاء الأولوية، وتغيير المسار جذرياً”.
وحذّرت من أنّ “الفشل في القيام بذلك من شأنه أن يؤدي إلى استمرار الولايات المتحدة في مواجهة المشاكل التي صنعتها بنفسها”.
ومنذ أول خطاب له بعد صدمة السابع من أكتوبر الماضي، حين أطلقت المقاومة الفلسطينية عملية “طوفان الأقصى”، حدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هدفين رئيسيين لحربه التي أعلنها، وهما:
1. محو كل وجود لحركة حماس في القطاع.
2. الإفراج عن المحتجزين لديها.
ويتوسع محللون في الأهداف الإسرائيلية من الحرب، متحدثين عن 4، وهي:
1. القضاء على قيادة حركة حماس وإنهاء حكمها لقطاع غزة.
2. تدمير البنية التحتية للمقاومة الفلسطينية.
3. تحرير الأسرى الإسرائيليين.
4. تهجير سكان غزة إلى سيناء.
ومرت الأيام وتوالت خطابات نتنياهو، ومن بعده أعضاء مجلس الحرب الذي شكّله، كما صبت قوات الاحتلال نيران غضبها على القطاع المحاصر منذ أكثر من 17 عاما، فاستشهد وأصيب عشرات الآلاف، ودُمرت آلاف البيوت على ساكنيها، ولم يسلم من القصف مسجد أو مشفى أو مدرسة أو غيرها.
ومع مرور الأيام دون انتصار إسرائيلي ولو جزئي، بدأت الأهداف الإسرائيلية تتراجع، وانخفض سقفها بشكل واضح، وأُعلن عن هدف آخر هو تغيير السلطة الحاكمة في غزة وإبعاد حماس عنها.
ومؤخرا، تنقل صحيفة “وول ستريت جورنال” عن مسؤول أمني إسرائيلي كبير قوله إن “هدف الجيش الإسرائيلي الرئيسي هو تدمير هيكل قيادة حماس في غزة، وبمجرد تحقيق ذلك فإن أفراد الحركة سيشكلون تهديدا أقل ويمكن هزيمتهم مع تطور الصراع من مرحلة القتال العنيف إلى مرحلة أقل حدة”.
أما صحيفة “واشنطن بوست” فنقلت عن مصادر مطلعة تأكيدها أن وجهة نظر واشنطن وكثير من قادة الجيش الإسرائيلي هي أن إسرائيل بعيدة عن هزيمة حركة حماس.
والعجيب أن الحديث الطويل الذي كرره نتنياهو مرارا عن “غزة في اليوم التالي للحرب”، انقلب عليه؛ إذ تنقل “إن بي سي” عن مسؤولين أميركيين أن إدارة الرئيس جو بايدن تتطلع إلى ما بعد نتنياهو لتحقيق أهدافها في المنطقة، وأنها تحاول وضع الأساس مع قادة إسرائيليين آخرين تحضيرا لتشكيل حكومة ما بعد نتنياهو.