في وقت يشهد فيه العالم تصاعداً في التوترات العسكرية، خاصة في أوروبا، يبدو أن دول القارة العجوز قد تجد نفسها مضطرة إلى زيادة إنفاقها الدفاعي بشكل كبير لمواجهة التهديدات العسكرية الروسية، فضلاً عن تقليص الدعم المحتمل من الولايات المتحدة في ظل رئاسة دونالد ترامب، وفقاً لتقرير نشرته وكالة “بلومبرج”.
زيادة الإنفاق الدفاعي الأوروبي إلى 720 مليار دولار
بحسب التقرير الذي أعده محللو “بلومبرج إنتليجنس” بقيادة جورج فيرجسون، فإن الدول الأوروبية الأعضاء في حلف شمال الأطلسي (الناتو) قد تضطر إلى مضاعفة استثماراتها العسكرية بمقدار 340 مليار دولار سنوياً، ليصل إجمالي الإنفاق الدفاعي إلى نحو 720 مليار دولار. يأتي هذا في وقت حساس، بعد سنوات من القلق المتزايد حول الأمن الأوروبي بسبب العدوان الروسي على أوكرانيا.
التهديدات الروسية وضغوط ترامب
وكان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب قد أشار خلال حملته الانتخابية إلى ضرورة أن تتحمل دول أوروبا مزيداً من العبء المالي في دعم حلف شمال الأطلسي. كما هدد في أول قمة له مع حلفاء الناتو في 2017 بالانسحاب من التحالف إذا لم تزد الدول الأعضاء في الحلف إنفاقها الدفاعي. وتبرز هذه التصريحات من ترامب كعامل ضاغط، خاصة في ظل التشكيك في الالتزام الأمريكي بأمن أوروبا مستقبلاً.
تزايد التهديدات العسكرية وتداعياتها
منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، بدأ الإنفاق الدفاعي في أوروبا في الزيادة بشكل ملحوظ، لكن التقرير يشير إلى أن هذا الإنفاق قد لا يكون كافياً لمواجهة التهديدات المتزايدة. يعتقد المحللون أنه سيكون هناك حاجة إلى مزيد من الاستثمارات لدعم أوكرانيا في معركتها ضد الغزو الروسي، بالإضافة إلى مواجهة التحديات الإقليمية المتصاعدة من موسكو، إلى جانب التحدي الاستراتيجي المتنامي من الصين.
ووفقاً للتقرير، فإن أوروبا بحاجة ماسة إلى تعزيز قدرتها الدفاعية من خلال تعزيز قدرات القوات البرية والجوية، بما في ذلك دبابات قتالية، ومدافع مدفعية، ومركبات قتالية للمشاة، إلى جانب تعزيز أسطول الطائرات مثل طائرات التزود بالوقود، والطائرات النقل، وصائدي الغواصات.
مزايا الشركات الدفاعية الأوروبية
يُتوقع أن تستفيد العديد من الشركات الأوروبية من زيادة الإنفاق على الدفاع، خاصة الشركات الكبرى مثل “ليوناردو سبا” (Leonardo SpA)، و”إيرباص” (Airbus SE)، و”بي إيه إي سيستمز” (BAE Systems Plc)، و”رولز رويس” (Rolls Royce Holdings Plc). إلا أن التقرير يحذر من أن التحول إلى قدرات دفاعية كبيرة سيستغرق وقتاً طويلاً، ومن المرجح أن تستغرق إعادة التسلح على هذا النطاق أكثر من عشر سنوات، بالنظر إلى نقص التمويل المستمر منذ نهاية الحرب الباردة، بالإضافة إلى الضغوط على سلاسل التوريد المتخصصة في الدفاع.
الاستعداد لتحديات المستقبل
يشير فيرجسون إلى أن على الدول الأوروبية إعادة النظر في أولويات إنفاقها، خاصة مع الضغوط الاقتصادية التي تواجهها العديد من الميزانيات الوطنية. إلا أن التهديدات التي تواجه أوروبا، وعلى رأسها العدوان الروسي، باتت كبيرة لدرجة أن القادة الأوروبيين لا يمكنهم تجاهلها، وفقاً للتقرير.
وفي هذا السياق، حذر وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس من أن روسيا قد تشن هجومًا على حلف الناتو في غضون خمس إلى ثماني سنوات، بينما أكد أندريوس كوبيليوس، مرشح الاتحاد الأوروبي لمنصب مفوض الدفاع الأول، أن على المنطقة بناء قوتها العسكرية لمواجهة هذا التهديد المحتمل في غضون ستة إلى ثمانية أعوام.
استنتاجات التقرير
في ختام التقرير، يُتوقع أن تضغط دول الاتحاد الأوروبي لمضاعفة إنفاقها الدفاعي لمواكبة التحديات العسكرية المتزايدة التي تمثلها روسيا، مع سعي الاتحاد لتعزيز قاعدته العسكرية استعداداً لأي تهديدات مستقبلية